بحوث في اللسانيات الحاسوبية

علم اللغة الحاسوبي وحوسبة القرآن الكريم

د. محمد سالم سعد الله

المقدمة

خطت تقنية الاتصال والمعلومات خطوات علمية واسعة ، وقدمت إمكانياتها المعرفية في تيسير سبل الانتفاع من البرامج التي تنتجها ، وتنقسم آلية العمل في إنتاج هذه البرامج على قسمين : قسم يعالج اللغة التي تُكتب بها هذه البرامج ، وقسم ثانٍ يعالج الإجراءات التقنية والتشكيل العملي الذي يشرح آلية الاستخدام ، وقد تناولت هذه الجوانب كتب وبحوث وأعمال أكاديمية عدة(1) .

أصبح مجال القسم الأول من مجالات معالجة اللغة بوساطة الحاسوب ، والقضايا المتعلقة بأثر اللغة التقني وميزاتها وخصائصها وطبيعتها الاشتغالية وتشكيلاتها الدلالية والفرق بينها وبين اللغة التقليدية ونحو ذلك ، ضمن خاص يعرف بـ( علم اللغة الحاسوبي : Computational Linguistics ) الذي ينهض بدراسة الجوانب التقنية للغة ويعالج المشاكل التي تواجه ذلك ، ويدرس هذا العلم أيضا الأنظمة الهرمية الحاسوبية ودورها في التحولات الناتجة للغة في إطارها الإلكتروني .

يحاول البحث أن يبين أسلوب تكوين قواعد البيانات الخاصة بالحرف القرآني بدءًا من إعداد النص القرآني من جوانبه كافة من خلال جهود بعض الباحثين العرب ، مستندين في ذلك إلى أسلوب كتابة المصحف بالرسم العثماني وإلى أسلوب كتابة الخط العربي الحديث والضرورات الطباعية الحديثة ، وإلى قواعد الكتابة المعروفة ومنها قواعد كتابة الهمزة وواو الجماعة والألف المقصورة والتاء المربوطة ، مع إعطاء فكرة عن المعالجات الآلية اللازمة لكي يدخل النص إلى قواعد البيانات . لذلك فإن قاعدة البيانات الأولى هي قاعدة بيانات الكتابة العربية . وهناك أربعة مجالات مختلفة للعلاقة بين الحروف القرآنية والمعالجة الإلكترونية من خلال الحاسـوب ، وهي : ( مجال إدخال المعلومات ، ومجال إخراجها ، ومجال معالجتها ، والجانب الجمالي للحرف القرآني ) .

يتناول هذا البحث علم اللغة الحاسوبي ليقدم بعض مفاهيمه وطرائق اشتغاله من خلال ثلاثة مباحث هي :

  1. مفاهيم علم اللغة الحاسوبي .
  2. مجالات اشتغال علم اللغة الحاسوبي .
  3. حوسبة الحروف القرآنية .

والهدف منها مناقشة مفاهيم علم اللغة الحاسوبي ، وتقديم توجيه علمي لبيان خصوصية اللغة العربية في الميدان الإلكتروني ، وطرائق حوسبتها ، ومدى طواعيتها في الاستعمال التقني واشتغالاته ، وبيان أسلوب تكوين قواعد البيانات الخاصة بحوسبة الحرف القرآني .

المبحث الأول

مفاهيم علم اللغة الحاسوبي

يتجه علم اللغة الحاسوبي لدراسة الجوانب الحاسوبية للغة والمشاكل الشائعة التي تواجه المعالجة الحاسوبية للغة المكتوبة والمنطوقة. ويعرف أيضاً بأنه علم دراسة أنظمة الحاسوب لغرض فهم اللغة الطبيعية وتوليدها باستخدام تقنيات مثل : التحليل النحوي Syntactic Parsing ، والتحليل الصرفي Morphological Analysis ، ونظرية النحو المعجمي الوظيفي Lexical Functional Grammar)، ومن مجالاته الفهم الآلي للكلام الذي يعدّ من مجالات علم معالجة الكلام Speech Processing ، فضلاً عن إمكانيات التدقيق الهجائي والنحوي(2) .

ويعدّ علم اللغة الحاسوبي علماً مخصوصاً وُلد نتيجة التطورات التكنولوجية المتقدمة ، كما أنه علم دقيق يعرض لآخر النظريات والتطبيقات الحاسوبية ، ويلتقي فيه جانبا علم اللغة النظري والتطبيقي اللساني بكل خلفياته المعرفية والمنهجية مع الجانب التكنولوجي المعلوماتي بكل تطوراته ، ليشكل ميدان اللسانيات الحاسوبية(3) .

ويوصف علم اللغة الحاسوبي بأنه علم متعدد الأطراف ، طرفاه الرئيسان هما اللغة والحاسوب ، ويتكامل معهما علم النفس وعلم الاجتماع وعلم الرياضة والإحصاء وعلم المنطق وغيرها ، وحقيقة هذا التعدد والتشابك إنما ترجع إلى طبيعة اللغة بوصفها ظاهرة اجتماعية معقدة تصب فيها الجماعة اللغوية خبراتها وثقافاتها المتنوعة(4) .

وعلم اللغة الحاسوبي ميدان علمي لغوي مهم يدرس الجوانب الحاسوبية للغة ، والمشاكل الشائعة التي تواجه المعالجة الحاسوبية للغة وتوليدها وتحليلها ، ويستخدم هذا الميدان العلمي الحواسيب في تحويل النصوص ، والمعلومات اللغوية إلى لغات الحاسوب الرقمية لتحليلها ، وترجمتها إلى لغات أخرى ، وتطوير نماذج اختبار للعمليات اللغوية ، فضلا عن فهم خصائص المعطيات اللغوية ، وتقديم نظريات تفيد في كيفية بناء اللغة واستعمالها ، ومن أهم الخدمات التي يقدمها المشاركة في تقديم نظريات وتقنيات تمكن من وضع برامج حاسوبية تساعد في فهم اللغة الطبيعية(5) .

يستخدم اللسانيون برامج الكومبيوتر في تحرير البيانات والمعلومات والنصوص وحفظها واستعادتها بأساليب متعددة ، وتأسيس القواميس والمعاجم اللغوية الرقمية ، وفهرسة النصوص المختلفة أبجدياً بأكثر من طريقة ، وقد آلت العديد من الدراسات والبحوث الأكاديمية والمؤتمرات والندوات تقديم إجراءات ومعالجات وطرائق الاشتغال مع علم اللغة الحاسوبي ومباحثه المتنوعة(6) .

إنّ الباحث في علم اللغة الحاسوبي يحتاج إلى التسلح بأسس نظرية لسانية مع ضرورة الإحاطة بجوانب تقنية تضيء له الطريق أمام الوصف والمقارنة للوصول إلى المنهج الصحيح والأكثر واقعية في وصف الخطاب اللساني ، ويتطلب العمل في حوسبة اللغات الطبيعية التمكن من إتقان نوعين من المعرفة العلمية ، هما(7) :

  1. المعرفة الدقيقة للنظام اللغوي وفق أحدث النظريات والقوانين اللسانية الحديثة .
  2. الإحاطة والإلمام بالمعرفة الحاسوبية ذات العلاقة بمعالجة اللغات الطبيعية .

يعدّ الحاسوب منظومة برمجية منطقية يقوم على مجموعة من الخوارزميات الدقيقة ، فلا يمكن أن نتقدم في مجال البحث في الحوسبة اللسانية حتى نجمع بين هذين النوعين من المعرفة. إن المشتغل في ميدان علم اللغة الحاسوبي سيجد مساحة كبيرة من الوظائف والسمات التي تقدمها معالجات هذا العلم ومباحثه ، نذكر منها ما يأتي(8):

  1. يُمكِّن هذا العلم المستخدمين من إدخال مدخلاتهم إلى أنظمة الحاسوب بشكل أكثر سهولة : نحوياً ودلالياً دون الحاجة إلى استخدام لغة معقدة أو غير مفهومة .
  2. تسمح الطبيعة التفاعلية لأنظمة الحاسوب بالتحاور مع الإنسان .
  3. يمكن للنظام المبني على تطبيقات علم اللغة الحاسوبي القيام بالتصحيح الآلي للمدخلات أو طلب تصحيح المدخلات المخطوءة .
  4. تحقيق بيئة تفاعلية بين الإنسان والحاسوب من خلال اللغة الطبيعية .
  5. اختبار القواعد النحوية المقترحة من اللغويين في إطارها التوليدي والتحويلي في الميدان اللغوي ، فضلا عن الانتفاع من فرضية التقليب اللغوي في المفردات .

ويتحدد المجال الخدمي لمباحث علم اللغة الحاسوبي في مفاصل كثيرة من أهمها :

  1. الملائمة Convenience
  2. المرونة Flexibility
  3. التأثير والفاعلية Effectiveness
  4. المقدرة Affordability
  5. الإحساس المتعدد Multisensory

فضلاً عن تنوع المصادر ، واختصار الزمن ، وتبرز قضية معالجة اللغة الطبيعية آليا وترجمتها إلى لغات أخرى من أهم المجالات الخدمية التي يقوم بها هذا .

وعلم اللغة الحاسوبي علم يربط بين اللسانيات ، وعلوم الحاسوب ، وهو مجال ينتمي إلى مجالات الذكاء الاصطناعي ، يسعى إلى محاكاة الآلة للغة الطبيعية البشرية ، وبذلك يسعى المبرمجون جاهدين لتوضيح العلاقة بين الشكل في الجملة أو الكلمة ، والمعنى الذي يحمله هذا الشكل ، وتكوين تلك العلاقة بصورة آلية . ويواجه هذا العلم تحديان مهمان(9) :

ـ التحدي الأول : هو تحدي تنوع اللغات الطبيعية البشرية بصورة كبيرة جدا ، وذلك التنوع هو في الأساس جزء من طبيعة اللغة البشرية ، فلا يمكن إنكاره أو تجاهله . فعند دراسة اللغة البشرية نجد أن البشر لا يتكلمون لغة واحدة ، بل لهم لغات مختلفة باختلاف ألوانهم وأجناسهـم ، فضلاً عن أننا لو أردنا التركيز على لغة واحدة دون غيرها فسنجد أن تلك اللغة لها الكثير من اللهجات ، وأيضا عند الافتراض بدراسة لغة معينة ولهجة معينة فسنجد أن لكل لهجة عدد من المستخدمين ، وكل شخص يختلف عن الآخر في استخدامه التواصلي للغة ، ولو افتراضنا دراسة لهجة معينة في لهجة معينة في لغة مجموعة من الناس ، فسنجد أن هناك فونيمات وتنوعات صوتية لها ، والمطلوب هو دراسة هذه التنوعات ، واستخرج القواعد العامة ، واستكشاف خواص كل لغة حتى يسهل معالجتها آلياً .

ـ التحدي الثاني : يتمثل في المعرفة ، إذ ينبغي التعرف على ما يدور في أذهاننا وعقولنا حول اللغة ، وكل ما يتصل بها من عمليات معالجة ، ويتمثل هذا في ملكة اللغة أو لدى المتحدث الأصلي للغة ، وليس هذا فحسب بل يجب معرفة المعلومات غير اللغوية التي تساعدنا في فهم اللغة .

وإذا تمكنا من ذلك فسنصوغ تلك المعرفة في صورة قواعد آلية وندخلها للآلة حتى تعمل بصورة أقرب ما تكون للعقل البشري ، وعندما نتغلب على التحدي الأول ، ونستطيع أن نستخرج القواعد العامة للغة ، فيمكننا التغلب على التحدي الثاني ، ونستطيع إدراك المعرفة البشرية في اللغة ، وإنتاج تطبيقات لغوية آلية على قدر عالٍ من الكفاءة والدقة والعلمية ، تكون قادرة على تحليل اللغة البشرية وتوليدها وفهمها(10) .

إن دراسة علم اللغة الحاسوبي لها أهمية بالغة ، وتكمن تلك الأهمية من خلال وجود محفزات كثيرة نذكر منها(11):

  1. نحن نعالج اللغة في أذهاننا مرات عديدة جدا في اليوم الواحد ، وذلك خلال تواصلنا مع الآخرين ، إذ يمكننا إنتاج المعنى لجمل نسمعها ، ولجمل نريد قولها ، وفي هذا الميدان نحاول معرفة كيفية معالجة العقل البشري للغة حتى نتعلم منه كيف نجعل الحاسب الآلي يقوم بذلك بدلا عن الإنسان .
  2. إذا تم التوصل لحقيقة الربط بين الشكل والمعنى بطريقة آلية ، فإنه بالإمكان إنتاج برامج حاسوبية قادرة على صنع تطبيقات لغوية طبيعية ، مثل :

ـ أنظمة تقنية تعمل على تقديم المعلومة .

ـ تطبيقات الترجمة الآلية .

ـ إدراك الكلام البشري وإنتاجه تقنياً .

  1. إن ما يدفعنا لدراسة اللسانيات الآلية هو اللسانيات الآلية في ذاتها ، فنحن ندرس كيفية الربط بين الشكل ومعناه آليا ، وبذلك نكون معرضين إلى دراسة فلسفة عمل الحاسوب الآلي ، وكذلك الرياضيات النظرية وكيفية تداخلها مع اللسانيات الحاسوبية ( علم اللغة الحاسوبي ) .

إن دراسة هذا العلم تواجهها إشكاليات وصعوبات عدة ، نذكر منها على سبيل التمثيل(12):

  1. قد تكون بعض القواعد التي وضعها اللغويون والتقنيون لا تناسب أصلا الحاسب الآلي ، بمعنى أن الحاسوب لا يستطيع أن يتعامل معها .
  2. كثير من كلمات اللغة يكون له أكثر من معنى ، وذلك بحكم مرونة اللغة ، ويشكل هذا تحديا للحاسوب ، إذ كيف سيتعامل مع كلمة لها أكثر من تأويل .

ومع ذلك ما زالت مباحث هذا العلم حديثة ، وذات اشتغالات متسارعة لا تعرف التوقف ، ولها طموحات كثيرة بما يتعلق بمعالجة اللغات الطبيعية ، ومحاكاة القدرة البشرية في توليد الجمل وتحليلها وتوليدها ، وإذ ما تمّ للحاسوب معالجة ذلك وإتقانه ، فإننا سنحصد إمكانيات لغوية هائلة ، وطرائق جديدة في التعامل مع اللغة ، وستزودنا هذه المعرفة المهمة بفتوحات تحليلية وتفسيرية ، وطرائق جديدة للتعامل مع اللغة والتواصل بها(13) .

المبحث الثاني

مجالات اشتغال علم اللغة الحاسوبي

علم اللغة الحاسوبي أو اللسانيات الحاسوبية أحد فروع اللسانيات التطبيقية ، يُعنى بالإفادة من معطيات الحاسوب في دراسة قضايا اللسانيات المتعددة ، مثل : رصد الظواهر اللغوية وفقا لمستوياتها الصوتية والصرفية والنحوية والبلاغية والعروضية ، ويهدف كذلك إلى معالجة عمليات تحليل الظواهر اللغوية والنصوص التراثية ، وإجراء العمليات الإحصائيـة ، وصناعة المعاجم ، والترجمة الآلية ، وتعليم اللغات ، وإجراء التحاليل على السياقات اللغوية المتعددة ، كما تبحث اللسانيات الحاسوبية عن وضع اللغات البشرية في صيغ وأطر رياضية ، وذلك للتعامل مع اللغة على أنّها ظاهرة حاسوبية معلوماتية يمكن معالجتها في الحسابات الإلكترونية ، من أجل السرعة والدقة العلمية في البحوث اللغوية ، ومن أجل ترجمة النصوص اللغوية ترجمة آلية وفورية(14) .

ولعلم اللغة الحاسوبي تطبيقات كثيرة ، من أهمها(15) :

  1. الترجمة الإلكترونية .
  2. استرجاع المعلومات .
  3. الأنظمة التفاعليـة .

ويتحدد المجال الاشتغالي هنا في معالجة اللغة الطبيعية بطريقة آلية ، وتعتمد اللسانيات الحاسوبية على شتّى المعارف والتّخصّصات لكي تفِيَ بغرَضِ الوصف الحاسوبي للسانيات ، ومن ذلك(16) :

  1. تستمدّ اللسانيات الحاسوبيّة من اللسانيات العامّة مادّتَها الأولى ، والمقصود بمادّتِها الأولى اللغة الطّبيعيّة وما يتّصلُ بها أدوات الوصف والمصطلحات .
  2. تستمدّ اللسانيات الحاسوبيّة من المفهوم الفلسفي للظّاهرة اللغوية ، ويُعْرَفُ هذا الفرع المعرِفِيّ بفلسفةِ اللّغة والمنطق ودورهما في فهمِ علاقة اللغة بالفكر .
  3. تستمدّ اللسانيات الحاسوبيّة من الذّكاء الاصطناعي ، ولمعرفةِ الذّكاء الاصطناعي دورٌ في توظيفِ هذه الهندسة في التّحليل اللساني الآلي : ( تحليل صرفي ، وتحليل نحـوي ، وتحليل صوتي ، وتحليل معجمي ، … ) ، وتُحوِّلُ اللسانيات الحاسوبيّة اللغة الطبيعيّة إلى تمثيلات صوريّة ونماذجَ حسابيّة لهذه اللغة الطّبيعيّة .
  4. تستمدّ اللسانيات الحاسوبيّة من الرّياضيّات ، وعلم الإحصاء ، ونظرية المخططات في فهمها الآلي للغة الطّبيعيّة .

ولعلم اللغة الحاسوبي برامج اشتغالية ، وطرائق بحثية متعددة ، نذكر منها ما يأتي(17):

ـ المدقق النحوي .

ـ المعجم الحاسوبي .

ـ تنسيق النصوص .

ـ نظم التعرف الآلي على الكلام المنطوق .

ـ النظم الحوارية التفاعلية .

ـ نظم التوليد الآلي للغة .

ـ نظم تعليم اللغة وتعلّمها .

ومن الميادين الحيوية التي يتعامل معها علم اللغة الحاسوبي ، ولها دور في المعالجة الآلية للغات الطبيعية ميدان : ( الذّكاءُ الاصطناعي Artificial Intelligence ) الذي يعدّ نوعاً من الذكاء يُقابِلُ الذّكاءَ الطّبيعيّ الذي يتميّز به الإنسان ، ويستند إليه في تفكيرِه ، فهو إذن ذكاءٌ غير طبيعي من ابتكارِ الإنسان ، وهو فرعٌ من فروعِ علم الحاسوب أو ما يُعرَف بالإعلاميّاتِ الحاسوبية ، التي تتناولُ بالدّراسةِ الأبحاثَ الخوارزميّة والتّقنيّاتِ الحاسوبيّة(18).

ومن خصائص الذّكاء الاصطناعيّ أنّه يُعالج اللغة البشرية ، ويطوِّرُ برامِجَ ونُظُماً ذاتَ قدرة على فهم اللغة البشرية ، وتوليدِها على شكلِ بياناتٍ أو قواعِدِ معطياتٍ ، فهو إذن نمطٌ من أنماطِ البحث والتفكير الاصطناعي الذي يُحاكي نمط التفكير الطبيعي(19).

ومن الميادين الاشتغالية الأخرى لعلم اللغة الحاسوبي : ( المعجمية الحاسوبية ) التي تعدّ فرعاً من فروع اللغويات الحاسوبية ، وقد ظهرت المعجمية الحاسوبية بوصفها فرعاً منفصلاً ـ في بادىء الأمر ـ داخل اللغويات الحاسوبية مع ظهور آلة القواميس المقروءة ، وقد أسهمت هذه المعجمية ببناء مجاميع تقنية كبيرة لجمع البيانات الأساسية للقواميس ، فضلاً عن دورها تأسيس المعرفة المعجمية القائمة على إدراك القاموس اللغوي للأغراض الحسابيـة ، وخاصة لأغراض حسابية المعجمية الدلالية ، والربط بين معاني الكلمات(20).

ومن المجالات الاشتغالية الأخرى لعلم اللغة الحاسوبي ( السيميائية الحاسوبية ) الذي يعتمد على البحث في المنطق والرياضيات ونظرية وممارسة الحساب ، ودراسة اللغة الطبيعية ، والعلوم المعرفية عموما ، وتتم دراسة ذلك كله انطلاقا من الإدراك وتفسير العلامات(21).

ولغرض فهم المجال التطبيقي الحيوي لعلم اللغة الحاسوبي ، ودوره في التعامل مع اللغات الطبيعية ومعالجتها آلياً ، يمكننا بيان الآتي(22):

 

ـ تتعرف أجهزة الحاسوب على أشكال الوحدات اللغوية الأساسية ، والوحدات اللغوية المركبة وتحولها إلى لغة رقمية ( نص إلكتروني ) يُمكن تحريره وتعديله .

ـ تجميع عناصر اللغة : ضمن مصفوفات رقمية تحكمها لغة برمجية (Compiler) ، فضلا عن عملية (Modeling) التي تسهم في توليد المخططات التجريدية والمفهومية والبيانية والرياضية في الحاسوب الآلي ، وهذه العملية فرع من فروع البرمجيات (Software) .

ـ القواميس الإلكترونية : عبارة عن قواعد بيانات ضخمة تضم كل المفردات اللغوية للغتين أو أكثر ، وقد حقق استخدامها نجاحاً في ترجمة الوحدات اللغوية الأساسية (المفردات) بين اللغات .

ـ الترجمة الإلكترونية : حققت نجاحاً كبيراً في ترجمة النصوص بين لغات العائلة اللغوية الواحدة ، ونجاحاً محدوداً ما زال تحت التطوير في ترجمة لغات لا تنتمي للعائلة الواحدة .

ـ تقنية التعرف الصوتي : تستخدم الحاسبات في تحويل الأصوات إلى نصوص ، وتحويل النصوص إلى أصوات ونطقها ، وقد دعمت هذه الإمكانيات العلوم اللغوية بتحليل كميات هائلة من نماذج الوحدات اللغوية في اللغات المختلفة لاكتشاف بنية اللغة ، وأوجه تشابه الأنماط اللغوية ، واحتمالات وجود رابطة بين لغة وأخرى ، فضلاً عن إمكانياتها التطبيقية كما في علاج مشاكل التخاطب والسمع .

ـ استعادة المعلومات : من خلال مجموعة من البرامج التي تمكن من استعادة الملفات سواء المحذوف منها أو المخزون .

ـ حوسبة اللغة العربية : تتخذ حوسبة اللغة العربية بعدين أساسيين هما : البعد الكمي والبعد المنهجي ، فالبعد الكمي يتعلق بذاكرة الحاسوب وهي ذاكرة كافية وذات سعة كبيرة تفوق ذاكرة الإنسان ، أما البعد المنهجي فهو يتعلق بالبعد الكمي من جهة وبسياق اللغة العربية ذاتها من جهة أخرى ، أو ما يسمى بشروط الكناية اللغوية الخارجية ، أي التوصيف الحاسوبي ، ويجري العمل الآن على إخضاع اللغة العربية لعلاج آلي يهدف إلى بناء معاجم آلية تنصب على وصف المفردات اللغوية من ناحية تصريفها ، وكذلك بناء معاجم تركيبية للغة العربية تهدف إلى ضبط الوحدات داخل البيئة اللغوية ، وهذا يتطلب تحليلاً لغوياً يخص جوانب عدة من اللغة والصرف والتركيب والدلالة .

إن التوجه لحوسبة اللغة العربية له أسباب كثيرة ، ودوافع عديدة نذكر منها على سبيل التمثيل ـ لا الحصر ـ(23):

  1. إعادة الاعتزاز باللغة العربية وتراثها وتكثيف تدريسها في مواد التعليم العام .
  2. توجيه مستخدمي المعاجم العربية إلى أهمية المعاجم الإلكترونية .
  3. استخدام نظام قواعد النصوص الكاملة في حفظ النص القرآني واسترجاعه بتأثيرات إلكترونية متنوعة
  4. استخدام نظم المعلومات لتحليل مادة الحديث الشريف ، وعدم الاكتفاء بعرض سلاسل الرواة، أو بتخريج الأحاديث ، أو بالاهتمام بالمضمون وحسب ، ومحاولة تنسيق ارتباط الحديث الواحد دلالياً بغيره من الأحاديث المنتمية للموضوع الواحد .
  5. إقامة قواعد بيانات تنظيمية للفهرسة للوثائق وللدراسات ، فضلا عن الأحكام الخاصة بالعقيدة والأخلاق ونحو ذلك .
  6. إقامة قاعدة بيانات لذخيرة النصوص العربية في المجالات الإنسانية والعلمية من الفكر والفنون والأدب والشعر وغير ذلك .
  7. استخدام نظم المعلومات في تحقيق التراث باستخدام الحاسوب في تسهيل قراءاته من خلال أساليب التكبير الرقمي ، وتقديم الدعم المعجمي للباحثين من خلال دمج المعاجم التأريخية بهذه النظم .
  8. ضرورة تكثيف الجهود في مجال التعريب والترجمة ، وتشجيع البحوث باللغة العربية في مجال العلوم الحديثة من أجل تعريب المصطلحات في هذا المجال .
  9. تكثيف الصفحات العربية في الإنترنت ووضع المعاجم اللغوية في الشبكة العنكبوتية ، ووضع دروس مناسبة لتعليم اللغة العربية للناطقين بها وبغيرها .

ويواجه البناء الحاسوبي لنظام معالجة اللغة الطبيعية تصميم الأنظمة ودمج العديد من الأنواع المختلفة للمعرفة اللغوية : المعرفة النحوية ، والمعرفة الدلالية ، والمعرفة الصرفية ، ومعرفة الكلام ، والنصية واستخدامها عمليا في معالجة اللغة .

وهناك بعض التقنيات العامة التي يمكن أن نستعملها في هذا الميدان ، ومنها النمذجة (Modularity) المتمثلة بتقسيم النُظُم البرمجية على مكونات متعددة ، وتقسيم المشكلة على مشكلات فرعية أصغر نسبياً . ومن التقنيات المستخدمة أيضا لتبسيط الأنظمة المعقدة هي استخدام النماذج الصورية (Formal Models) للبرامج الكبيرة المتسمة بصعوبة التصميم والتعديل والفهم والإدراك ، وتكون قدرتنا على تصميم نظام بشكل ناجح ومطرد ، كلما تمّ تقسيم النماذج على نماذج بسيطة نسبياً ، ويمكننا ذكر أجزاء أنظمة معالجة اللغة الطبيعية في ميدان علم اللغة الحاسوبي التي تسهم بشكل فاعل في التعرف على بيانات اللغة آلياً ، والتعامل معها بشكل دقيق ومثمر(24).

ومن هذه المعالجات ما يأتي(25):

  1. التحليل والتوليد : تتطلب أكثر أنظمة معالجة اللغة الطبيعية توفر القدرة على تحليل اللغة الطبيعية وتوليدها ، ويعدّ التحليل المكون الأكثر حسماً في الأنظمة العملية التطبيقية ، ولكي يكون نظام اللغة الطبيعية ناجحاً يجب أن يكون قادراً على معرفة الكثير من العبارات والصيغ التي تعبر عن المعلومة نفسها ، ومن ناحية أخرى يكفي هذا النظام أن يكون قادراً على توليد صيغة واحدة من هذه الصيغ .
  2. تحليل الجمل وتحليل النص : يُنظر إلى تحليل الجُمل على أنه معالجة لجمل فردية ، وليس تحديداً لبنية الكلام ككل ، أي أن تحليل بنية الكلام يتطلب تحليلاً لمعنى الجُمل المفردة في الكلام ، وفي كثير من التطبيقات البسيطة لا يكون التحليل الكامل للكلام ضرورياً ، إذ يمكن أن تُفهم الجملة حتى لو كانت تشير إلى جمل مذكورة سابقاً في سياق الكلام ، علماً أن التحليل الكامل لسياق الكلام يُعد من أصعب المهام التي تواجه علم اللغة الحاسوبي .
  3. التحليل النحوي والتحليل الدلالي : إن الهدف العام من تحليل الجمل هو تحديد معنى الجملة ، ويتطلب هذا الأمر ترجمة الجمل المُدخلة إلى الحاسوب بلغة طبيعية إلى جمل تحمل دلالة بسيطة باستخدام ما يعرف بالمنطق الرمزي (Formal Semantics) ، ويمكن ترجمة الجمل المُدخلة أيضاً إلى لغة مصطنعة خاصة يفهمها الحاسوب ، وأول خطوة لهذه الترجمة الخاصة بالدلالة هي التحليل النحوي الذي يهتم بتحديد بنية الجملة ، وهذه الخطوة هي أول خطوة قام بتنفيذها المشتغلون بعلم اللغة الحاسوبي .

المبحث الثالث

حوسبة الحروف القرآنية

إن أسلوب تكوين قواعد البيانات الخاصة بالحرف القرآني بدءًا من إعداد النص القرآني من جوانبه كافة إلى أسلوب كتابة المصحف بالرسم العثماني ، وإلى أسلوب كتابة الخط العربي الحديث والضرورات الطباعية الحديثة ، كان مدار عناية كثير من الباحثين العرب ، وقد قدّمت في هذا الميدان بحوثا عدة تناولت كيفية تشكيل قاعدة بيانات خاصة لكلمات القرآن الكريم وحروفه ، وبيان خصوصية هذا النص الجليل بما يتعلق بـ( الرسم القرآني ) وعلامات الوقف .

ويمكننا الحديث عن هذا الميدان من خلال جهد علمي أخذ على عاتقه مهمة حوسبة النص القرآني موسوم بـ( قواعد بيانات القرآن الكريم )(26) للعلامة الشيخ ( أ. د. محمد زكي محمد خضر ) الذي منحت بحوثه في هذا السياق إمكانيات علمية حديثة مزدانة بإجراءات تطبيقية منطلقة من ميدان ( علم اللغة الحاسوبي ) بهدف تقديم قاعدة بيانات حاسوبية للكلمات والحروف بما بات يعرف بـ(حوسبة القرآن الكريم ) . قدّم الشيخ ( محمد زكي محمد خضر ) معالجاته الآلية التي تتعلق بالقرآن الكريم من خلال تثبيت مجموعة من القواعد حددها بخمس هي(27) :

القاعدة الأولى : قاعدة بيانات الكتابة العربية .

القاعدة الثانية : قاعدة البيانات الصرفية .

القاعدة الثالثة : قاعدة البيانات النحوية .

القاعدة الرابعة : قاعدة بيانات المعاني والدلالة .

القاعدة الخامسة : قاعدة بيانات الصوت والنطق .

القاعدة السادسة : قاعدة بيانات الخط العربي .

تشمل القاعدة الأولى إعداد النص القرآني بشكل آيات متسلسلة ، وتتحدد فيها بدايات الجمل القرآنية ونهاياتها . وتشمل القاعدة الثانية البيانات الصرفية بما فيها من فصل للواصق السابقة واللاحقة ، والأفعال المشتقة منها الكلمات وأوزانها الصرفية والجذور التي تعود لها الكلمات . وتتناول القاعدة الثالثة البيانات النحوية التي تستكمل تقسيم المصحف على جمل مستقلة ، وفي إعراب الكلمات ، وعلامات الإعراب ، والتشكيل ، ومحل أشباه الجمل والجمل من الإعراب ، وإلى التذكير والتأنيث والإفراد والتثنية والجمع وغير ذلك . وتعالج القاعدة الرابعة بيانات المعاني والدلالة بدءًا من الجذور ثم الأفعال مع تجميع للأفعال ذات المعنى المتقارب أو المتضاد ، والمعاني المختلفة للكلمات مع تحديد كل استعمال ، وفيما إن كان الفعل لازمًا أو متعديًا لمفعول واحد أو لأكثر من مفعول أو متعديًا بحروف الجر ومعاني كل فعل عند تعديه بحرف الجر ومعاني العبارات المكونة من أكثر من كلمة . وتحوي القاعدة الخامسة بيانات الصوت والنطق بما يتعلق بالأداء الصوتي في الترتيل والتجويد في ميدان القراءات القرآنية . وتتعلق القاعدة السادسة بالخط العربي بمختلف خطوطه .

وقد تمفصل الجهد العلمي المبارك حول حوسبة القرآن الكريم عند الشيخ ( محمد زكي محمد خضر ) بمجموعة من الخطوات المنهجية والمحاور المتخصصة ، وكانت كالآتي(28) :

  1. بين النص القرآني والكتابة العربية .
  2. إعداد النص القرآني .
  3. المعالجة الأولية للنص القرآني .
  4. رسم الكلمات .
  5. الجمل القرآنية .
  6. بيانات الصرف .
  7. بيانات النحو .
  8. بيانات المعاني .
  9. بيانات اللفظ .
  10. أهمية قواعد البيانات للقرآن الكريم بالنسبة للغة العربية .
  11. المعجم الآلي الموسع للغة العربية .

تحدث المحور الأول ( بين النص القرآني والكتابة العربية ) عن الفروق العلمية الدقيقة بين النص القرآني بشكل خاص ، والكتابة العربية بشكل عام ، وقد حدد هذه الفروق بما يأتي(29) :

  1. لا يرد النص القرآني إلا مُشكّلاً بالحركات .
  2. التزام النص القرآني بالرسم العثماني .
  3. احتواء المصاحف على علامات للوقف والتجويد .
  4. يحتوي النص القرآني على فواصل بين آية وأخرى .
  5. دقة التعامل مع النص القرآني ، والحرص على أدائه دون أية أخطاء .

وتحدث المحور الثاني ( إعداد النص القرآني ) عن اعتماد بعض الأسس المتعلقة بالتعامل مع النص القرآني ، وهي كالآتي(30) :

  1. اعتماد الرسم العثماني للمصحف .
  2. اعتماد قراءة حفص عن عاصم .
  3. اختيار مصحف المدينة النبوية .
  4. اختيار فواصل الآيات وعلامات الوقف والتجويد المستعملة في مصحف المدينة .

وتحدث المحور الثالث ( المعالجة الأولية للنص القرآني ) عن تقديم المعالجات المناسبة لحوسبة النص القرآني وكما يأتي(31) :

  1. اعتماد النص القرآني آية آية ، بمعنى أن كل آية تعدّ قيدًا مستقلاً ، أو سطرًا كاملاً ، ولا يفصل بين كلمة من كلمات الآية سوى فراغ واحد .فالمعالجة الحاسوبية عند البرمجة يمكن أن تقوم بالعد والترقيم دون الحاجة إلى إثبات ذلك في النص ، أما الفواصل بين سورة وأخرى فكان لا بد من اختيار رمز يشير إلى ابتداء السورة . وقد اختيرت العلامة # رمزاً لبداية سورة جديدة .
  2. اختير لعلامات الوقف والتجويد رمز من رموز الحاسوب مثل : ( $ ، & ، % ، – ) وغيرها.
  3. اختيرت علامة خاصة لمواقع سجود التلاوة .
  4. اختيرت علامة التعجب ! للإشارة إلى الألف الخنجرية .

وتحدث المحور الرابع ( رسم الكلمات ) عن تكوين قاعدة بيانات لرسم المصحف وفق الرسم العثماني ، فالكلمات الأساس ـ كما يذكر الشيخ ـ في قاعدة البيانات هذه هي حقل رسم الكلمة بالرسم العثماني ، محذوفًا منه علامات الوقف والتجويد ، وقد سُجلت في هذا المحور الملاحظ الآتية(32) :

  1. هناك كلمات في الرسم العثماني مكتوية في أماكن مختلفة في المصحف بأشكال مختلفة ، فقد تختلف فيما بينها في رسم التاء مرة كتاء مربوطة ومرة كتاء طويلة ، وكذلك في وجود ألف واو الجماعة مرة وعدم وجودها مرة أخرى وهكذا .
  2. رسم الهمزة في المصحف يختلف عن الرسم الحديث للهمزة في كثير من المواضع .
  3. إعادة كتابة الكلمات المختلف عليها برسم حديث ، فتتكون قاعدة البيانات هذه من حقلين الأول هو : الرسم العثماني الدقيق ، والثاني هو : الرسم الحديث .

أما المحور الخامس ( الجمل القرآنية ) فقد تحدث عن ضرورة وضع إشارات ضمن النص تشير إلى نهاية الجملة القرآنية ، وبدء جملة قرآنية جديدة(33) .

وتناول المحور السادس ( بيانات الصرف ) الحديث عن إجراءات تشكيل بيانات الرصف المتعلقة بتجزئة الكلمات القرآنية إلى لواصقها الأولى ، ولواصقها النهائية ، وأدوات التشكيل(34).

وعالج المحور السابع ( بيانات النحو ) قاعدة بيانات النحو تحتوي على ما يأتي : ( رقم الكلمة القرآنية ، ورقم جزء الكلمة ، وحركة جزء الكلمة ، ونوع جزء الكلمة مبنية أم معربة وهل هي اسم أو فعل أو حرف ، وموقعه من الإعراب ، ورمز الرأي الإعراب ، وعودة الضمير ) (35) .

وتحدث المحور الثامن ( بيانات المعاني ) عن قاعدتين اثنتين لوضع بيانات المعاني والدلالات تتعلق بـ(إنشاء قاعدة بيانات خاصة بالجذور ، وإنشاء قاعدة بيانات لتعدد معاني اللفظة الواحدة ) (36) .

في حين تناول المحور التاسع ( بيانات اللفظ ) التي تسهم في بناء المعجم الآلي للمفردات ، ويتعلق هذا المحور تحديدا بالأداء الصوتي للكلمة القرآنية أي بما يتعلق بالتجويد(37) .

وعالج المحور العاشر ( أهمية قواعد البيانات للقرآن الكريم بالنسبة للغة العربية ) وقد تم الحديث عن ذلك من خلال النقاط الآتية(38) :

1- تعطي قواعد البيانات أمثلة واضحة للكثير من المعالجات التي يمكن أن تتم على اللغة العربية .

2- إن البرامج التي كتبت وفق قواعد معينة لمعالجة كلمات القرآن الكريم يمكن استخدامها نفسها على اللغة العربية بشكل عام .

3- إن نصوص القرآن الكريم التي تمت معالجتها كانت دقيقة لكنها تحتوي على الكثير من أشكال الكتابة غير القياسية . أما اللغة العربية الحديثة فهي تستعمل أدوات قياسية أكثر .

4- يمكن الاستفادة من قواعد البيانات لإعادة بعض تشكيل اللغة بصورة آلية إلى الكتابة العربية .

5- تصميم هذه القواعد يعطي فوائد للغة وفي الوقت نفسه يعود بالفائدة على أبحاث القرآن الكريم ولا سيما في علم التفسير .

6- إن دراسات الصوت التي يمكن أن تتم على القرآن الكريم يمكن أن تؤتي ثمارها في الترجمة الآلية وآلات الإملاء الآلي وتركيب الأصوات .

أما المحور الأخير ( المعجم الآلي الموسع للغة العربية ) فقد تناول الحديث عن أن وصف اللغة العربية بشكل مقنن في قواعد بيانات موسعة وفي معجم آلي ، هو الأسلوب الأمثل للتفاعل الآلي مع اللغة العربية ومكوناتها داخليًا ، وكذلك بينها وبين اللغات الأخرى خارجيًا . وذلك ضروري جدا لوضع اللغة العربية في المكانة التي تستحقها اليوم بين اللغات الحديثة(39) .

الخاتمة

يسعى علم اللغة الحاسوبي بوصفه ميداناً معرفياً معاصراً ، إلى دراسة أنظمة معالجة اللغات الطبيعية وما يتعلق بذلك من التواصل والتخاطب والتحاور بين مستخدمي الشبكة العنكبوتية ، كما يسهم في تعزيز التنمية الذهنية ، والتطبيق الحيوي لمسارات اللغة ، وكيفيات التعامل معها تقنياً ، ويرسم مسارات حوسبتها بما يتناسب مع وظيفتها وأهدافها .

تكمن أهمية علم اللغة الحاسوبي في دراسة الاختلاف الناتج من ترحيل اللغة من ميدانها المعجمي والتدويني ، إلى الميدان الإلكتروني والتقني ، هذا إلى جانب دراسة العلاقات بين الظواهر اللغوية وسياقاتها من حيث تفسير قدرة المتكلمين على توليد الكلام وبيانه وأثره في استقبال اللغة وإنتاجها في الوقت نفسه .

إذن يتفاعل علم اللغة الحاسوبي ويتصدى لدراسة الجوانب التقنية للغة ، ويعالج المشاكل التي تواجه ذلك ، ويدرس الأنظمة الهرمية الحاسوبية ودورها في التحولات الناتجة للغة في إطارها الإلكتروني ، ويسهم في تشكيل معطيات حديثة للتعامل معها .

إن معالجة اللغة تقنياً أكسبها صفات جديدة لم تعهدها من قبل ، فقد اكتست اللغة طابعا مختلفا في سياقها الإلكتروني ، فهي تجنح نحو اليُسر والمرونة والاختصار والبعد عن التراكيب الطويلة ، وأن يحمل كل لفظ معنى واحدا دون تعدد في المعاني والدلالات ، فضلاً عن استخدام اللغة المباشرة الخالية من المجاز ، وأن تحيل كل مفردة إلى مقصودها ودلالتها دون تأويل ، أو دون التواء في الهدف اللغوي .

الملحـــــق

ــ تنوعت الدراسات والبحوث الأكاديمية التي تناولت علم اللغة الحاسوبي ، منها على سبيل التمثيل :

ـ أولاً : الكتب العربية والمترجمة :

ـ الفجوة الرقمية : رؤية عربية لمجتمع المعرفة ، نبيل علي ونادية حجازي ، سلسلة عالم المعرفة ، (318) ، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ، الكويت ، 2005 .

ـ علم اللسانيات الحديثة ، د. عبد القادر عبد الجليل ، دار صفاء عمّان ـ الأردن ، 2002 .

ـ اللغة العربية والحاسوب: دراسة بحثية ، نبيل علي ، دار تعريب ، الرياض ـ السعودية ، 1988.

ـ العرب وعصر المعلومات، نبيل علي ، سلسلة عالم المعرفة، (184) ، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ، الكويت ، 1994 .

ـ الثقافة العربية وعصر المعلومات ، نبيل علي ، سلسلة عالم المعرفة، (276) ، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ، الكويت ، 2001 .

ـ صناعة المعجم الحديث ، أحمد مختار عمر ، عالم الكتب ، القاهرة ، 1998 .

ـ دليل الباحث إلى اللسانيات الحاسوبية العربية ، وليد عناتي وخالد الجبر، دار جرير، عمـان – الأردن، 2007.

ـ الثورة التكنولوجية واللغة، محمد صالح بن عمر ، دار الشؤون الثقافية العامة ، بغداد ، 1986 .

ـ الحاسوب واللغة العربية ، عبد ذياب العجيلي ، منشورات جامعة اليرموك ، إربد ـ الأردن، 1996.

ـ الذكاء الاصطناعي واقعه ومستقبله ، ألآن بونيه ، ترجمة : علي صبري فرغلي ، سلسلة عالم المعرفة ، (172) ، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ، الكويت ، 1993 .

ـ على أبواب القرن الحادي والعشرين : الثورة التكنولوجية والأدب ، فالنتيا إيفاشيفيا ، ترجمة : عبد الحميد سليم ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة ، 1986 .

ـ دراسة إحصائية لجذور معجم الصحاح باستخدام الكمبيوتر ، علي حلمي موسى ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة ، 1978 .

ـ دراسة إحصائية لجذور معجم تاج العروس باستخدام الكمبيوتر، علي حلمي موسى وعبد الصبور شاهين، مطبوعات جامعة الكويت ، 1973 .

ـ قضايا أساسية في علم اللسانيات الحديث ، مازن الوعر ، دار طلاس ، دمشق ، 1988 .

ـ العربية نحو توصيف جديد في ضوء اللسانيات الحاسوبية ، نهاد الموسى ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت ، 2000 .

ـ علم اللغة المبرمج ، كمال إبراهيم بدري ، مطابع جامعة الملك سعود ، الرياض ، 1988.

ـ الأدب والتكنولوجيا وجسر النص المفرع ، حسام الخطيب ، المكتب العربي لتنسيق الترجمة، دمشق ، 1996

ـ ثانياً : المؤتمرات والندوات :

ـ ندوة استخدام اللغة العربية في تقنية المعلومات ، مكتبة الملك عبد العزيز ، الرياض ، 1992 .

ـ ندوة استخدام اللغة العربية في الحاسب الآلي ، الكويت ، 1985 .

ـ مؤتمر اللسانيات التطبيقية العربية ومعالجة الإشارة والمعلومات ، المركز القومي للتنسيق والتخطيط للبحث العلمي والتقني ومعهد الدراسات والأبحاث للتعريب ، الرباط ـ المغرب ، 1983 .

ـ المؤتمر الأول والثاني للغويات الحسابية العربية ، الكويت ، 1989 .

ـ ندوة اللغويات الحسابية العربية ، القاهرة ، 1992 .

ـ أعمال المناظرة المنظمة بمؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية تحت عنوان: اللغة العربية والتقنيات المعلوماتية المتقدمة ، الدار البيضاء ، 1993 .

ـ مؤتمر استخدام اللغة العربية في المعلوماتية ، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، تونس ، 1996 .

ـ الملتقى الرابع للسانيات : ( اللسانيات العربية والإعلامية ) ، مركز الدراسات والأبحاث الاقتصادية والاجتماعية ، الجامعة التونسية ، 1987 .

ـ المؤتمر الدولي الثاني في اللغة والترجمة : ( دور التكنولوجيا الحديثة في تعلم اللغات وتعليمها ) ، مركز أطلس العالمي للدراسات والأبحاث ، عمان – الأردن ، 2002 .

ـ بحوث في حوسبة اللغة : نموذج في توصيف الشعر الجاهلي وفق النظر اللساني الحاسوبيـة ، مؤسسة حوسبة النص العربي التقنية ، الإمارات العربية المتحدة ، 1998 .

ـ المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم والمعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا بدمشق ، نظام حاسوبي صرفي للعربية : ( الاشتقاق والتصريف ) ، تونس ، 1998 .

ـ ثالثاً : الرسائل والأطاريح الجامعية :

ـ توصيف النحو العربي في ضوء اللسانيات الحاسوبية : الفعل الماضي نموذجاً ، أحلام عامر ، رسالة ماجستير ، كلية الآداب ، الجامعة الهاشمية .

ـ دراسة معالجة اللغة العربية على الحاسبات الآلية، سلوى حمادة، رسالة ماجستير، جامعة عين شمس،1989.

ـ نظام خبير للبحث في النص العربي، علي محمد، رسالة ماجستير، جامعة آل البيت، المفرق ـ الأردن، 2000.

ـ تصميم وتنفيذ لغة دالية عربية ، نضال علي ، رسالة ماجستير ، الجامعة التكنولوجية ، بغداد ، 1988.

ـ تطبيق النظرية التوليدية التحويلية على اللغة العربية حاسوبياً ، فالح حسن الزبيدي ، رسالة ماجستير ، جامعة بغداد ، بغداد ، 1992 .

ـ تطبيق برولوك لمعالجة اللغة العربية الطبيعية كواجهة لقاعدة بيانات ، غيداء عبد العزيز، رسالة ماجستير، جامعة الموصل ، العراق ، 1991 .

ـ توليد الأسماء من الجذور الثلاثية الصحيحة : مقاربة لسانية حاسوبية ، عمر المهدي ، أطروحة دكتوراه، جامعة سيدي محمد بن عبد الله ، فاس ، المغرب ، 1999 .

ـ المعالجة الآلية للغة العربية ، بحث في المعجم الآلي للجذور ، عمر المهـدي ، رسالة ماجستير ، جامعة سيدي محمد بن عبد الله ، فاس ، المغرب ، 1994 .

ـ النظام الصرفي في ضوء اللسانيات الحاسوبية ، هدى سالم ، أطروحة دكتوراه ، الجامعة الأردنية ، 2005 .

المصادر والمراجع

ـ توظيف اللسانيات الحاسوبية في خدمة الدراسات اللغوية العربية : جهودٌ ونتائج ، د. عبد الرحمن بن حسن العارف : www.majma.org.jo

ــ الحرف العربي والحوسبة ، د. محمد زكي محمد خضر : www.al-mishkat.com

ـ الحروف العربية والحاسوب ، محمد زكي محمد خضر : www.voiceofarabic.com

ـ حوسبة العربية : نحو لغة قادرة على التغيير ، د. عالية صالح : www.majma.org.jo

ـ حوسبة المعجم العربي : الواقع والآفاق ، د.جيلالي بن يشو : www.voiceofarabic.net

ـ علم اللغة الحاسوبي ، صلاح الناجم : www.alnajem.com

ـ قواعد بيانات القرآن الكريم، د.محمد زكي محمد خضر:www.al-mishkat.com/khedhe

ـ مستقبل اللغة العربية ، حوسبة المعجم العربي ومشكلاته اللغوية والتقنية ، د. عبد الله أبو هيف www.wata.cc

ـ الهندسة الحاسوبية للسانيات ، عبد الرحمن بو درع : www.lissaniat.net

– Computational Linguistics: An Introduction, Ralph Grishman, Cambridge University Press, 1994.

1() ينظر ملحق هذا البحث ففيه أمثلة عن هذه الكتب والبحوث والأعمال الأكاديمية .

2() ينظر : علم اللغة الحاسوبي ، صلاح الناجم : www.alnajem.com ، وينظر : حوسبة المعجم العربي : الواقع والآفاق ، د.جيلالي بن يشو : www.voiceofarabic.net

3() ينظر: المصدر نفسه .

4() ينظر: المصدر نفسه .

5() ينظر: المصدر نفسه .

6() ينظر: علم اللغة الحاسوبي ، صلاح الناجم : www.alnajem.com

7() ينظر: المصدر نفسه .

8() ينظر: المصدر نفسه .

9() ينظر: توظيف اللسانيات الحاسوبية في خدمة الدراسات اللغوية العربية : جهودٌ ونتائج ، د. عبد الرحمن بن حسن العارف : www.majma.org.jo

10() ينظر: الهندسة الحاسوبية للسانيات ، عبد الرحمن بو درع : www.lissaniat.net

11() ينظر: المصدر نفسه .

12() ينظر: المصدر نفسه .

13() ينظر: المصدر نفسه .

14() ينظر: علم اللغة الحاسوبي ، صلاح الناجم : www.alnajem.com

15() ينظر: المصدر نفسه .

16() ينظر: المصدر نفسه .

17() ينظر : علم اللغة الحاسوبي ، صلاح الناجم : www.alnajem.com

18() ينظر : حوسبة العربية : نحو لغة قادرة على التغيير ، د. عالية صالح : www.majma.org.jo

19()See: Computational Linguistics: An Introduction, Ralph Grishman, Cambridge University Press, 1994.

20() ينظر : المصدر نفسه . وينظر : مستقبل اللغة العربية ، حوسبة المعجم العربي ومشكلاته اللغوية والتقنية ، د. عبد الله أبو هيف : www.wata.cc

21()See: Computational Linguistics: An Introduction, Ralph Grishman, Cambridge University, 1994.

22() ينظر: الهندسة الحاسوبية للسانيات ، عبد الرحمن بو درع : www.lissaniat.net

23() ينظر : الحرف العربي والحوسبة ، د. محمد زكي محمد خضر : www.al-mishkat.com

24() ينظر : الحروف العربية والحاسوب ، محمد زكي محمد خضر : www.voiceofarabic.com

25() ينظر : علم اللغة الحاسوبي ، صلاح الناجم : www.alnajem.com

26() ينظر : قواعد بيانات القرآن الكريم ، د. محمد زكي محمد خضر : www.al-mishkat.com/khedhe

27() ينظر : المصدر نفسه .

28() ينظر : قواعد بيانات القرآن الكريم ، د. محمد زكي محمد خضر : www.al-mishkat.com/khedhe

29() ينظر : المصدر نفسه .

30() ينظر : قواعد بيانات القرآن الكريم ، د. محمد زكي محمد خضر : www.al-mishkat.com/khedhe

31() ينظر : المصدر نفسه .

32() ينظر : قواعد بيانات القرآن الكريم ، د. محمد زكي محمد خضر : www.al-mishkat.com/khedhe

33() ينظر : المصدر نفسه .

34() ينظر : قواعد بيانات القرآن الكريم ، د. محمد زكي محمد خضر : www.al-mishkat.com/khedhe

35() ينظر : المصدر نفسه .

36() ينظر : المصدر نفسه .

37() ينظر : المصدر نفسه .

38() ينظر : المصدر نفسه .

39() ينظر : المصدر نفسه .

0 Reviews

Write a Review

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى