مقالات في اللسانيات الحاسوبية

الصرف بين العربية واللسانيات المعاصرة

د. عبدالعزيز بن عبدالله المهيوبي

يعالج الصرف في الدراسات اللسانية المعاصرة “مختلف أصناف الكلمات من أفعال وأسماء وصفات وغيرها، ومختلف صور تصريف الكلمات؛ كتصريف الأفعال، وإعراب الأسماء”[1]. “وبالتالي فإنَّه يُعنى بمتغيّر البنية المرتبط بمتغيّر المعنى. ويتخذ هذا العلم مسمّى (المورفولوجيا) Morphology مصطلحاً دالاً عليه، وهو مصطلح حديث النشأة نسبياً، إذ ترجع بدايته إلى القرن التاسع عشر”[2].

     ويُخالف الصرف بمفهومة الحديث صرف القدماء في أمرين:

1- اشتمل صرف القدماء على جميع التغيّرات الصوتية. في حين استبعد الصرف بمفهومه الحديث التغيّرات الصوتية غير الدالة على معنى من الدرس الصرفيّ، “إذ يرى المعاصرون أن التغيير الذي يحدث في بنية الكلمة لغرض لفظي أو بسبب صوتي لا شأن لعلم الصرف به، بل إنَّه من اختصاص علم الأصوات”[3].

2- “اقتصر صرف القدماء على الكلمات التي يحدث فيها تغيير، وهي الأسماء المتمكّنة والأفعال المتصرفة[4]، في حين اشتمل الصرف بمفهومه الحديث على جميع الكلمات التي حدث فيها تغيير ذو دلالة”[5]

ويتسع الصرف عند معالجته حاسوبياً ليشمل الكلمة (ثابتة ومتغيرة)؛ “فالأسماء غير المتمكنة، والأفعال غير المتصرفة، وإن لم تخضع للميزان الصرفي، وحدة لغوية مستقلة، يجب معالجتها بالطريقة المناسبة. والتغيّرات الصوتية في بنية الكلمة -وإن لم تدلّ على معنى- لا يمكن فصلها عن بنية الكلمة. فالقدماء طغى على رؤيتهم المنهج المعياري، لأنهم أرادوا أن يقصروا البحث الصرفي على مادة متغيّرة، تحكمها منظومة من القواعد والقوانين لتكوين نظريّة متماسكة. في حين يهدف المحدثون من أصحاب المنهج الوصفي أن يثبتوا وصفاً للغة كما هي بصرْف النظر عمّا يحكمها من قواعد”[6].

[1] دي سوسير، فردينان، دروس في الألسنية العامة، تعريب صالح القرمادي ومحمد الشاوش ومحمد عجينة، ليبيا، الدار العربية للكتاب، ص24.

[2] شحادة، أحمد أنيس، توصيف نحْوي للأفعال الواردة في شعر محمود درويش في ضوْء اللسانيات الحاسوبية، رسالة قُدِّمَتْ لنيل درجة الماجستير في اللغة العربية وآدابها، كلية الآداب، الجامعة الهاشمية،2009، ص29.

[3] الملاح، ياسر إبراهيم، النظام الصرفي في اللغة العربية، 1982م، ص22.

[4] وما عدا ذلك من أنواع الكلام لا يدخل تحت طائلة الصرف، وذلك كالحروف، والأسماء المبنية مثل ” إذا، وأين، وحيث “، والضمائر مثل ” أنا، وأنت، ونحن “، وأسماء الإشارة كـ ” هذا وهذه “، وأسماء الموصول كـ ” الذي، والتي، وأسماء الشرط كـ ” من، وما، ومهما “، وأسماء الاستفهام كـ ” من، وما، ومتى “، والأسماء المشابهة للحرف مثل ” كم، إذ “، والأسماء الأعجمية كـ ” إبراهيم، وبشار، وإسماعيل “، والأفعال الجامدة كـ ” نعم، وبئس، وعسى “، وما كان من الأسماء، أو الأفعال على حرف، أو حرفين ، إلا ما كان مجزوما منه، لأن أقل ما تبنى عليه الأسماء المتمكنة، أو الأفعال المتصرفة ثلاثة أحرف.

[5] الملاح، ياسر إبراهيم، النظام الصرفي في اللغة العربية، 1982م، ص22.

[6] شحادة، أحمد أنيس، توصيف نحْوي للأفعال الواردة في شعر محمود درويش في ضوْء اللسانيات الحاسوبية، ص30.

0 Reviews

Write a Review

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى