بحوث في اللسانيات الحاسوبية

توصيف نحْوي للأفعال الواردة في شعر محمود درويش في ضوْء اللسانيات الحاسوبية

أحمد أنيس شحادة عامر

مُلخّص

تناولت هذه الدراسة توصيف الأفعال في شعر محمود درويش- من خلال أعماله الكاملة- توصيفاً نحْوياً في محاولة تُجاوز وصف القدماء إلى توصيف حاسوبيٍّ يؤهله للبرمجة.

وتنطلقُ الدراسةُ من فكرةٍ مؤدّاها أنَّ الوصف المتوارث لا يفي بأغراض الحوسبة، إذ يتكئ الوصف على حدْس ابن اللغة، وقدرته على الاستبطان والاستنباط، ولاسيّما في الجانب التحليليّ من المعالجة الصرفية والنحْوية.

       وتنقسمُ الدراسة إلى قسمين رئيسين: الأول يتمثّل في معطيات نظرية تشملُ: التعريف باللسانيات الحاسوبيَّة وأهدافها، بوصفها إطاراً لهذه الدراسة، ومدى قابلية اللغة العربيّة للمعالجة الآليَّة، منبِّهاً على الجهود المبذولة في هذا الإطار، وانتهاءً بالتفريق بين الوصف والتوصيف.                أمّا القسم النظريّ الثاني، فتناول النظام النحْوي للعربية في وصف القدماء، واصفاً جهود العلماء القدامى في تقعيد اللغة ووصفهم مكوّنات الكلمة والعلاقات الإسنادية، وكيفية صوغ الكلام وتأليفه، ثمّ جاء تباعاً الحديث عن النظام النحْويّ في اللسانيات المعاصرة. مبرزاً أحدث النظريات اللغوية عند المستشرقين والعرب، لينتهي القسمُ النظريُّ عند الجزئيّة المعنيّة في الدراسة، وهي وصفُ الفعل عند القدماء، وتوصيفه عند المحدثين مُدلِّلاً بمؤلفاتهم، ومنهجهم في التناول، مستشهداً بأبرز الدراسات الحديثة التي قاربت الفعل حاسوبياً، موظّفاً تلك الدراسات للدخول في المُعطى الثاني التطبيقي، إذ بدأ هذا القسم بالحديث عن منهج الدراسة في توصيف الفعل مُميّزاً بين التوصيف النحْوي، والتوصيف الصرفي من الناحية النظرية، إلا أنّ الدراسة أثبتت عدم إمكانية الفصل بين المستويين عملياً مهما بُذِل في ذلك.

        ولتوصيف الفعل حاسوبياً ارتأت الدراسةُ تقديم نموذجين، أوّلهما يجمع التوصيف اللغويّ والحاسوبيّ، وثانيهما يُعالج الفعل بتقليباته الصرفيّة كافةً، مُعطياً لكلّ صيغة رمزاً لتنشأَ بعد ذلك مجموعة من المعادلات الحاسوبيّة، وقد تمّ توظيف المعادلات المُدخلة في النموذج بتطبيقها على صيغِ الأفعال الماضية المُستخرجة من شعر محمود درويش، ويتبع ذاك النموذج إحصاءً للأفعال الماضية التي وردت في شعر محمود درويش. بتحديد نسبة كلِّ جزئية واردة في شعره بالنسبة للمجموع الكليّ للأفعال، دونما تعليق على هذه النسب؛ وذلك لإتاحة المجال أمام الدارس من بعد ليوظّفَ هذه النسب ويستخرج الدلالات المُناسبة لدراسته، وهو ما تطمح إليه الدراسة القائمة على حوسبة التراث لتقديم مادة لغوية شعريّة بطريقة حاسوبية.

       ويبقى البحث في مضمار اللسانيات الحاسوبية عملاً تقريبياً، تتحدّدُ نسبة نجاحه بمدى قدرته على استنطاق المعرفة اللغوية اللاواعية، واستنباط المُستبطن في الكفاية اللغوي

المُقدّمة

      بسم الله… والصّلاة والسّلام على الحبيب المصطفى- محمّد بن عبدالله- وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

      فلا بدّ أن نقرّ بداية أنّ استخدامَ الحاسوب في العمل اللغويِّ قد أغنى اللغة العربية بمعارف جديدة وكثيرة في العمل الإحصائي خاصة، وقصدَ هذا البحث تبسيط هذه العمليات وشرحها ليمهدَّ الطريق أمام اللغويين الذين يترددون في الخوض في هذا الحقل المعرفي.

       ويمكن نظم عقد جهود العلماء العرب المعاصرين والمؤسسات العلميّة في هذه الميدان في أربع صورٍ: الأولى تتمثّلُ في مُؤلّفاتٍ خُصِّصت للعربيّة والحاسوب، أو الحاسوب والعربية، وجاءت الثانية على هيئة مقالات وبحوث نُشرت في المجلات والدوريّات العلميّة، أو ضمن أعمال المؤتمرات، ووقائع الندوات والملتقيات العلميّة، أمّا الثالثة فهي خاصةٌ بالبرامج والنُظم التي وُضعت لحوسبة العربيّة، أو لعوربة الحاسوب، سواء ما كان منها فردياً محضاً، أو نتاجاً مُشتركاً، أو عملاً تجارياً عاماً، وأمّا الصورة الرابعة فتمثلت في إنشاء بعض الكليّات الجامعية  قسماً خاصاً لعلم اللغة الحاسوبي، كما هو الحال في جامعة الأمير سلطان الأهلية بالرياض (المملكة العربية السعودية).                                                                             

      وإذا أردنا عرض مراحل التطور لعلم اللغة الحاسوبي في الدراسات العربية المُعاصرة أمكن القول بأنَّ كتاب الدكتور نبيل علي (اللغة العربية والحاسوب) يُعَدُّ أول مؤلَّف يتناولُ موضوع اللسانيات الحاسوبية مُطبقة على أنظمة اللغة العربية، صوتاً، وصرفاً، ونحواً، ومعجماً، مع المعالجة الآلية لهذه النظمِ اللغوية جميعها.                                                      

       وكان تاريخ صدوره لأول مرة سنة 1988م. إذ حالف التوفيق المُؤلِّف في كثير من القضايا المُتّصلة بالحاسوب واللغة، حينما انطلق في عمله هذا من وضع دراسات تقابلية بين العربية والإنجليزية شاملة لكلِّ النُظم اللغويّة، بالنظر إلى أنَّ الإنجليزية هي اللغة الأم لتقنيات نظم الحاسوب والمعلومات، وهذا ما نتج عنه معرفة أوجه الاختلاف والاتفاق بين اللغتين، وكان هذا النهجُ بمنزلة الأرض الصُّلْبة والقاعدة المتينة التي هيأت للمؤلِّف منهجيّة موضوعية، مكَّنته من الإسهام الإيجابي في جهود تعريب الحاسوب من جهة، والمعالجة الآلية للغة العربيّة من جهة أخرى.                                                                                       

       ويُمثّل هذا الكتاب – في نظري – حجر الزاوية في مسيرة البحث اللغويِّ العربيِّ في اللسانيات الحاسوبية، بل إنّه كما وصفه وليد العناتي وخالد الجبر بقولهما: “يعدّ هذا الكتاب أول كتاب في ميدان اللسانيات الحاسوبية، وهو يقوم على دراسة هذا الموضوع من منظور ثنائي  نصفه عن اللغة مطبقاً على العربية، ونصفه الآخر حاسوبي طُبِّق بعضه على العربية”([1])

      وبعد نشر هذا الكتاب بسنوات ثمان – أي سنة 1996م – صدر كتاب الدكتور عبد ذياب العجيلي (الحاسوب واللغة العربية)([2])، وهو– كما يقول الدكتور نهاد الموسى-: “خطوة جزئية إيجابية نحْوَ مُعالجة مسائل مُتنوعة من العربيّة بلغة برولوج Prolog وهو يُمثّل جهداً حميداً في هذا الاتجاه البيّنيّ (اللسانيات العربية الحاسوبية) “([3]).

      وأحدث هذه المُؤلّفات في هذا المضمار كتابُ نهاد الموسى (العربية – نحو توصيف جديد في ضوء اللسانيات الحاسوبية)، الذي صدر سنة 2000م.               

      ويُعَدُّ كتاب نهاد الموسى أول مؤلَّف في هذا العلم صدر عن متخصصٍ في اللغة العربية وعلومها، لذا فهو يُمثل- فيما أرى- نقلة نوعية في توظيف اللسانيات الحاسوبية لخدمة علوم اللسانيات العربية.                                                                  

      والكتاب – كما يذكر مؤلفهُ – “محاولة في الانتقال من وصف العربية إلى توصيفها، وذلك في ضوء الأطروحة العامة للسانيات الحاسوبية”([4]).                                              

      إذ اشتمل على رؤى حاسوبية حاولَ المؤلف توظيفها في أنظمة العربيّة، كالنحو (الإعراب) والصرف (البنية)، والمعجم، إضافة إلى التصويب اللغويّ (الأخطاء النحوية، والصرفية، والإملائية).                                                                    

      أمّا البحوث والمقالات الخاصة باللسانيّات الحاسوبيّة، فمنها ما نُشر في مجلات علميّة، ومنها ما قُدِّم إلى الندوات والمؤتمرات التي خُصِّصت أصلاً للسانيات الحاسوبية، أو اللسانيات التطبيقيّة، أو لتكنولوجيا الحاسوب ومجالات استخدامه في العلوم الإنسانية. وقد جاءت دراستي لتستكمل تلك الجهود الخيّرة، وتضيف ما أغفلته الدراسات السابقة. لذا يمكن أن أُلخّصَ دوافع الدراسة بهدفين : 

1- أهداف تقنية.

2- أهداف لغوية.

 1- وتنجلي الأهداف التقنية في:

  • ضرورة إجراء الحوار بينَ الآلة و المُستعمل العربيّ باستخدام اللغة العربية بدلاً من لغة البرمجة.
  • ضرورة رفع هذا التحدي عن اللغة العربية.

 2- تتمثّلُ الأهداف اللغوية في:

  • قلّة الدراسات اللغوية الحديثة في مجال اللغة العربيّة، وما يتعلقُ باللسانيات الحاسوبية خاصّة.
  • تفنيد الإدعاءات المُغرضة ضدَّ اللغة العربية واتهامها بالقصور عن مواكبة التقنيات المتطورة. 

      ولابدّ أن يكونَ المنهجُ المتّبع في الدراسة- طبقاً لتلك الأهداف- قائماً على الوصف المُفصّل الدقيق للجزئية المعنيّة في البحث، وهي توصيفُ المستوى النحْويّ للأفعال الواردة في أعمال الشاعر الفلسطيني محمود درويش – وسيأتي تباعاً أسباب اختيارنا لدراسة الأفعال في شعره – وأقصدُ بالوصف تّتبع حدود الفعل من الناحية التاريخية ابتداءً من النحاة القدماء، وانتهاء بتطّور تلك الحدود عند المعاصرين إلى أن أصبحَ مُتاحاً لتوصيفه حاسوبياً.

      أمّا المنهجُ الثاني فهو المنهجُ الإحصائي الذي تمثّل في نسبة ورود الأفعال، إذ كرّستُ دراستي هذه الجزئية للفعل الماضي حسب؛ أجْلَ العدد الكبير لنسبة ورود هذا الزمن من الفعل ولكثرة الأفعال عامةً في شعره، فصار من الصعوبة حصر الأفعال جميعها؛ إذ تمكّن هذه المعطيات الدارسين من تقديم دلالات بنيوية وأسلوبية في شعر محمود درويش([5]) من خلال تحليل الفعل الماضي بشتّى صوره، وحتى يتاح للدارسين فرصاً لإكمال ما لم تتمّه الدراسة.

وآثرتُ أن يكون عمليّ خطوةً استكمالية في طريق حوسبة التراث العربيّ، آملاً أن أكون من أوائل من أسّس قاعدة توصيفية رياضية للفعل من تكون هذه القاعدة مُهيّأة للتطبيق السليم على أي نص مشكول.

     وللشاعر محمود درويش – رحمه الله – خصوصية في لغة شعره، حيثُ تتنوع أساليبه في استخدام الأفعال منها ما استعمله في موقعه دونَ تغييرٍ في مدلوله، ومنها ما استعمله على غير المُعتاد في استعماله، وهذا ما يعدّه الدارسون نمطاً من أنماط الانزياح اللغوي أو الأسلوبي؛ مما جعل أعماله الشعرية تحظى بالدراسة والتحليل، وهذا ما أرادته هذه الدارسة بأن تجعلَ جزئيةً من لغة الشاعر وهي الأفعال مُحوسبة على شكل برنامج بحث ليتخلص الدارس من رتابة البحث في مظان الدواوين الكائنة في رفوف المكتبات.

          وقد بدا تحقيق هذين المنهجين واضحاً في أقسام الدراسة وفصولها المُكوّنة من :     

الفصل الأول: وينقسمُ بدوره إلى عدّةِ عناوين فرعيّة تمّ تناولها. إذ حوى التعريف باللسانيات الحاسوبيّة وأهدافها، والميادين الصالحةَ للتطبيقِ في اللسانيات الحاسوبيّة، والمقوّمات التي تملكها العربيّة لمعالجتها حاسوبياً، مدللاً على إمكانيّة مُعالَجة العربيّة بالجهود المبذولة من مُؤلفات ودراسات متوقفاً في عرض بعضها، ومُستدركاً على بعضها، ومن ثمّ عارضاً ما ستضيفه هذه الدراسة إلى الدراسات السابقة. وينتهي الفصل الأول بالتفريق بين الوصفِ والتوصيف، ويعدّ هذا التفريق العماد الرئيسي في اللسانيات الحاسوبيّة.

    وتجدرُ الإشارة إلى أنّ هذا الفصل لم يفردْ عنواناً خاصاً بإشكاليات معالجة العربيّة حاسوبياً؛ فذاك سيكونُ واضحاً في ثنايا الفصل الثاني.                                                           

      2. الفصل الثاني: يأخذ هذا الفصل منحى نظرياً وتطبيقياً، وذلك من حيث توقّفه على مكانة النظام النحويّ عند القدماء، ومكانته في اللسانيات المعاصرة، وجاء من ضمن هذه الفرعيّة الحديث عن أبرز المناهج اللغويّة الحديثة، لا سيّما النظرية اللسانية (التوليدية التحويلية) للأمريكي( نعوم تشومسكي)([6])  المُتّبعة في تحليل الفعل في دراستنا، وأُتبع  بالحديث عن المُعالج النحْوي الذي بالضرورة ينكشف معه الحديث عن المُعالج الصرفي. ويُختم هذا الفصل بتتبُّع وصف الفعل عند النحاةِ القدامى، وتوصيف المحدثين له من خلال عقد مقارنة بين طبيعة تناول كلِّ منهما، مستدلاً بالتجارب الحديثة في توصيف الأفعال؛ لنلجَ من خلال وصف القدامى وتوصيف المحدثين ودراساتهم إلى الفصل الثالث التطبيقي وهو التوصيف النحْوي للأفعال.

      3. الفصل الثالث: جاء في مجمله فصلاً تطبيقياً، وصّفتُ من خلاله الأفعال في اللغة العربية كافة، دون الاقتصار على الصيغ التي وردت في شعر محمود درويش. وقد عُرض في هذا الجانب نموذجان للتوصيف أولّهما: توصيف يجمع المُحدّدات اللغوية والحاسوبيّة.

وثانيهما: توصيف اقتصر على المحدّدات الحاسوبية، صيغت على شكل معادلات رياضية يمكنُ تطبيقها على أشكال الفعل كافة، وتقليباتِه الصرفيّة في أيّ نص شعريّ، متبعاً في ذلك رموزاً استُحدثت لكلّ مُحدّدٍ. وقد تمَّت الإشارة لدلالة الرمز مع الصيغة التي تناسبه، ومن ثمّ تطبيق هذه المحدّدات على الأفعال الواردة في شعر محمود درويش.  

         وتنتهي الدراسة بخاتمة مُلخصة للنتائج المُتوصل إليها في الرسالة، وبعض التوصيات التي ارتأيتها للنهوض في حوسبة اللغة.

      وتجدر الإشارة إلى أن الرسالة مُرفقة ببرنامجٍ حاسوبي قائم على آليّةِ البحث ضمن مربعات مُخصصةٍ لتقسيمات الفعل. وسيتمُّ التطرقُ بالتفصيل لآلية هذا البرنامج في ثنايا الفصل الثالث.

      وقد عرضْتُ المقصدَ المرجوَّ من هذه الدّراسة، ناشداً التوفيق غير مدع الكمال، إلاّ أنّها محاولة أريد منها خدمة اللغة العربية حاسوبياً، ولعلَّ هذا يغفرُ لي ما قد يواجهُني من تقصيرٍ أو سهو.

اللسانيات الحاسوبية وأهدافها

      نالتْ التطبيقات التكنولوجية، التي أخذت تشقُّ طريقها في كل منحى من مناحي الحياة انتشاراً منقطع النظير، بحيثُ غدت مقوماً رئيساً فاعلاً في مجال العلوم الطبيعية والتطبيقية، مُحققةً نجاحاً جعلَ منها المفتاح الذي يلجُ منه الإنسان إلى العالَم، ليكتسب صفةَ العالميّة التي أضحت صكاً للاعتراف به في عالم المعلوماتية.

      إنّ ما يتصف به الحاسوب من قدرةٍ على تمثيل الحقائقِ والأفكارِ، ومن ثمّ توصيف هذه المعلومات، ووضعها في التمثيلات المُلائمة لها ” يجعلُ من الحاسوب أكثر كفاءةً من أيِّ مُخترَع يمكنُ أن يُخترعَ في هذا العالم([7])” وبذلك فإنَّ الحاسوب مُهيّأ لمُعالجة مُختلف العلوم، لا سيما حقل اللغاتِ الطبيعية، لوجود علاقة بين الحقلين- أي اللغة والحاسوب – فالعَلاقة القائمة بينهما “عميقة ومثيرة أكثر من أيِّ تغيّر تكنولوجيّ يمكن توقعه، فمعَ الانتشار الواسع المدى لثورة الحوسبة يُمكن أن يكون للحوسبة أثرٌ في حقل اللسانيات مشابهٌ للأثر الذي أحدثتُه الدراسات السابقةُ في اللغات الأمريكية القومية… فالعلاقة بين الحوسبة واللسانيات أثّرت في صياغة وضعنا لمفاهيم اللغة “([8]). ونتجَ عن هذه العلاقة بين الحقلين، أنْ ظهر ما يُسمى ” باللسانيات الحاسوبية ” Computational Linguistics، الذي صارَ فرعاً من فروع علم اللسانيات التطبيقيّة، وحقلاً من حقول الذكاء الصناعي Artificial Intelligence ، إذ يهدف هذا الأخير إلى تفسير الظاهرة الإنسانيّة: “بمراعاة الجانب اللساني والبلاغيّ و التخصصيّ والعلميّ، وبمراعاة قدرات العقل البشريّ من خلال ما يستطيع إنتاجه وإبداعه([9])”.

      فإذا كان العقل البشري – على سبيل المثال – يجسد أجهزة الحاسوب، فإنَّ اللغة تمثّلُ البرامج والعمليات التي تجري داخل الحاسوب، ” والعلاقة بين اللسانيات والحاسوب ليست علاقة مجازية، وإنّما هي علاقةٌ منسجمةٌ ومتساوقةٌ أكثر مما نتصور، بحيث يُمكنُ تمثيل توصيفات طبيعية وعمليّة للأوجه الضروريّة لكلتا الظاهرتين([10])” أي الحوسبة واللسانيات.

      وتتألفُ مبادئ اللسانيات الحاسوبية من: “اللسانيات العامة بمستوياتها التحليلية كافة:  الصوتية والنحوية والدلالية، ومن علم الحاسبات الإلكترونية، ومن علم الذكاء الاصطناعي، وعلم المنطق، ثم علم الرياضيات. إنَّ كل هذه الفروع تتناسق وتتآلف لتشكّل مبادئ علم اللسانيات الآلي([11])”.

      وتمثيلُ المعارف البشرية في الحاسوب شبيهٌ بتمثيل المعارف اللغويّة في الدماغ البشري، واللسانيات الحاسوبية تهدف من جملة ما تهدف إليه مقاربة اللغة مقاربةً تستقصي القدرة اللغوية، محاولة فهم العمليات اللغوية، وكيفية تشكّلها في العقلِ البشريّ، وجعل: ” بعض ما يستقر في اللاوعي داخلاً في دائرة الوعي، وعي اللغة، وذلك بوضوح هو الشرط الرئيس لنقل هذا الوعي إلى الحاسوب عند أهل اللسانيات الحاسوبية([12])”.

       ووعي اللغة آلياً لا يتحقق إلا حينما تُوضع اللغةُ في الإطار الذي جعل مُستخدم الحاسوب، يتعامل مع حاسوبه بلغته الطبيعية بكلِّ ما يكتنفها من غموضٍ وأخطاءٍ([13]) إضافة إلى ذلك فإنّالمعالجة الآلية للغة تدفعُ بالباحث اللساني ليكونَ دقيقاً وموضوعياً في بحوثه اللغوية([14]).

ميادين المعالجة الآلية للغة وتطبيقاتها

      اقتضتْ طبيعةُ اللسانيات الحاسوبية، أن تُعنى بجانبين: نظري وعملي، أوّلهما: يوجّه طاقاته لاستجلاء قدرات العقل البشري في توليد المعرفة اللغوية، ومن ثمّ صياغة هذه القدرات بصورةٍ رمزية منطقية، وثانيهما: يستثمر ما تحقق في الجانب النظري، لتمثيله في الحاسوب ليكون قادراً على محاكاة الإنسان في استعماله للغة([15]). ويقتضي أن تتعدّد ميادين المعالجة الآلية للغة، إذ تفرض اللغة نفسها في كل مناحي الحياة بصور وأشكال متعددة على المستويين: المكتوب والمنطوق، ولأجل ذلك؛ فإن ميادين المعالجة وأشكالها ستتعدّد وفق تعدّد مستويات اللغة المتمثلة في الصرف، والنحو، والدلالة، والمعجم.

      وإذا كانت مجالات الإحاطة باللغات البشرية متعدّدة، فإن الحوسبة اللغوية ستتعدد أوجهها، لتشملَ الدراسات الأسلوبية، والمُعجمية، والتأليف النصي، والترجمة الآلية، وغيرها من الميادين التطبيقية، إذ إنَّ: ” التطور في هذا الحقل مرهون بمدى توسع معارفنا اللغوية، وقدرتنا على وضع أُطر مُلائمة للمشاكل اللسانية بطريقة تجعلها تتواءم ومتطلبات الحاسوب([16])”.

 وتبرزُ مجالات المعالجة الآلية للغات الطبيعيّة في الأطر الآتية:

1الأصوات والأنظمة الصوتية، لتطوير برامج التعرف على الكلام وتوليفه آلياً.

2- الصرف، وذلك لأغراض التحليل الصرفي للغة بهدف الترجمة الآلية، والتدقيق الإملائي… وغير ذلك.

 3- وضعُ المعاجمِ اللغوية، على أنّ هذه المعاجم ينبغي أن تكون مُمثِّلة لعدد كبير ومتنوع من مُفردات اللغة، ووضع معجم آلي يُعدُّ عملاً مُعقداً، إذ يحتاج إلى فريق من المعجميين الذين ينصبُّ عملهم على جمع متنٍ ضخمٍ من النصوص وتصنيفها، وعلى الرغم من أنَّ استخدام الحاسوب في وضع المعاجم ذو قيمة وفعالية، إلا أن القدرات البشرية للمعجميين متعذّرة في مراحلَ مُعيّنة من عملية الحوسبة ([17]).

5- النحو أو النظم، لأغراض مثل التفسير الآلي للكلامِ البشري، وإنتاجه سواء لأغراض الاستفسار أو الترجمة الآلية([18]).

6- وضع برامج لمعالجة النصوص دونَ اهتمامٍ بتراكيبها اللغوية أو معانيها، وتستعمل هذه البرامج في وضع الفهارس والتصنيف والترتيب.

اللغة العربية واللسانيات الحاسوبية

        تتوافر في اللغة العربية الكثير من المقوّمات التي تجعلها قابلةً للحوسبة، فهي تمتلكُ الخصائص التي تتوافق مع مطالب الحاسوب، من اعتماد معجمها على الجذور، وخاصية الاشتقاق الصرفيّ، والصلة الوثيقة بين المبنى والمعنى، واطّراد القياس في كثير من الحالات الصرفيّة، والإعرابية، والصوتية، وإلى جانب ذلك كلِّه، ” فإنّ اللغة العربيّة تُوصف بأنها لغةٌ جبرية رياضية، كلُّ ذلك يرشّحها للمُعالجة الآلية، التي ستجعل منها لغة شائقة ومثيرة، وسهلة التعلم”([19]).  

        وهذه الخصائص تجعل من اللغة العربية أكثر من أيِّ لغة أخرى قابلة للتمثيل الحاسوبي، إذ إنَّ العصر الذي نحيا فيه، لا يعترف إلا باللغة التي تفرض نفسها في مجال التكنولوجيا والمعلوماتية، ” فعن طريق البرامج المُحوسبة لدراسة الأصوات، نستطيع أن نفهمَ خصائصها والظواهر الشائعة فيها، وعن طريق البرامج المُحوسبة كذلك نستطيع أن نبني معجماً شاملاً يكون أكثر تنظيماً ودقةً من المعاجم الموجودة، ويمكن تصميم برامج لدراسة الظواهر الصرفيّة والتركيبية والدلالية في العربية”([20]).

      وقبلَ الشروع في إعداد تطبيقات حاسوبية للُّغة العربية في مختلف مستوياتها، ينبغي أن تستند هذه التطبيقات بطبيعة الحال على مُعالجة نظرية آلية للغة العربية، تتّخذ من تراث العربية النحْوي منطلقاً لها، فعمليةُ حوسبة اللغة لا تعني أن نرمي وراء ظهورنا جهوداً جبّارةً قام بها النحويون العرب القدامى، لذلك فإنَّ أخطر تحدٍ يواجهنا عند محاولة برمجة اللغة العربية آلياً قضية ملائمة النحو التقليدي للمعالجة الآلية، التي تتطلب قواعد واضحة ودقيقة لا لَبْسَ فيها ولا غُموض([21]).

     ولا يعني ذلك أنّ علماء اللغة القدماء لم يُدركوا الجانب المنطقيّ في اللغة، فالتراث النحْوي تأسّس على منطق خاص باللغة، فقد استنبط علماء اللغة الحقائق والقواعد،([22]) إلا أنَّ هذه القواعد غير كافية للتعامل العلميّ مع الظاهرة اللغوية،([23]) فهي بحاجة إلى أن نعيد تنظيمها بدقةٍ، ونصوغها على هيئة قضايا منطقية، لتتوافق والمعالجة الآلية، آخذين في الاعتبار أنَّ مُعالجة نصوص اللغة العربية بالحاسوب لا تتحقق إلا بتضافر عدةِ مُستوياتٍ: ” فهناكالمعالجة الصرفيّة، والنحوية، والدلالية، والمعجمية، وغيرها، فينبغي أن تبنى هذه المُعالجة على قواعد واضحة ومحدودة، فالحاسوب لا يتعامل إلاّ مع الدقيق والمضبوط والمكتمل([24])”. وفي هذا المجال بدأت اللغة العربيّة تخطو خُطوات جيدة الهدف منها وضع اللغة في مكان مُتقدّم بين اللغات العالميّة وهذا الأمر لن يتحقّق دونَ طرق أبواب هذا العلم الحديث، فجاءت الجهود جادّة والمقاربات اللغوية الحاسوبيّة تتزايد يوماً بعدَ يوم.     

الجهود المبذولة في اللسانيات الحاسوبية

       بُذلت الكثير من المحاولات الجادَّة في مُعالجة اللغة العربية آليّاً، إلاّ أنَّ هذه الجهود يعوزها التنظيم والتنسيق على المستوى العربيّ، فقد سجلت:  نادية حامد حجازي، وعبد الفتاح الشرقاوي. أوَّل محاولة لتصميمِ مُحلل قاموسيّ للّغة العربية يستطيع أن يغطي كل مفردات اللغة([25]).  

        ونجح كلٌ من مروان البوّاب ويحيى مير العلم ومحمد حسان الطيّان، في تصميم نظامٍ صرفيّ نحويّ للعربيّة بالحاسوب، واضطلع الدكتور نبيل علي بجهود كبيرة، ومُتميّزة في الدخول إلى أغوار اللسانيات الحاسوبية وتوظيفها لحوسبة اللغة العربية، وتمثيل تطبيقاتها. 

    ولسنا هنا في معرض سرد هذه التطبيقات الحاسوبية للغة العربية فهي كثيرةٌ، وقد أشارَ إليها نهاد الموسى باستفاضة وتتّبعها في كتابه” العربيةُ نحوَ توصيف جديد في ضوْء اللسانيّات الحاسوبية”([26]) بالإضافة إلى المُحاولات التي تجري في عدد من الجامعات الغربيّة، وتُقدَّم بوصفها مشاريع تخرُّج أو أطروحات جامعية، لم تجدْ طريقها إلى الترجمة بعد.

      أمّا المستوى النحْوي – موضوع دراستي – فتمتْ معالجته آلياً بوساطة تشخيص النحو العربي أولاً، ثم إدراك خصائص هذا النحو وتحديد أنسب النماذج النحْوية التي تتلاءم مع هذه الخصائص ثانياً، والكشف عن موقع هذا النحو بإزاء النظريات النحوية الحديثة ثالثاً، وخاصة نظرية تشومسكي التوليدية التحويلية. والجهودُ في هذا المجال كثيرةٌ على المستويين النظري والتطبيقي، فنجدها – على سبيل المثال لا الحصر – في بحث عبد الرحمن الحاج صالح عن (منطق النحو العربي والعلاج الحاسوبي)،([27]) وبحث نبيل علي عن (الحاسوب والنحو العربي)،([28]) وهو بحثٌ لا يكادُ يخرجُ عما أورده في كتابه (اللغة العربية والحاسوب).

      ويُضاف إلى هذه الأعمال العلميّة في ميدان المعالجة الآلية للنحو العربي بحث لمازن الوعر بعنوان (التوليد الصوتي والنحوي والدلالي لصيغ المبني للمجهول في اللغة العربية – معالجة لسانية حاسوبية)([29])، فقد كشفت هذه الدّراسة أنّ التحليل اللّسانيّ المُطبّق على التّراكيب العربيّة المعلومة والمجهولة، مبني على أبعاد معرفيّة أربعة هي: البعدُ الفلسفيّ العربيّ التّراثيّ، والبعدُ التّوليديّ التّحويليّ، والبعدُ الصوتيّ الآليّ، والبعد الدّلاليّ. وقد أظهرتْ دراسته أنّ التّراكيب المبنيّة للمجهول تتنوّع في بنيتها السّطحيّة، على أنّها تتماثل في بُنيتها العميقة، كما كشفَتْ أنّ هناك أنواعاً عدّة للتّراكيب المبنيّة للمجهول، منها ما يخضع لمبدأ التّحويل، ومنها ما يخضع لمبدأ الصّرف، وقد سعى الباحث إلى شرح الوجوه النّحويّة والدّلاليّة والصّوتيّة للتّراكيب. وما يؤخذ على هذه الدراسة اقتصارها على جزئية واحدة من تقسيماتالفعل، وما أؤمله بأن تكون دراستي إضافةً نوعيّة لمضمار اللسانيات الحاسوبية بتناولها الجوانب النحْوية الخاصة بالأفعال جُلِّها دون الاعتناء بقسم على حساب آخر، وأيضاً سيسعى البحث إلى وضعِ محدّدات ثابتة ومُرمَّزة مُعدّة – بمعادلات رياضية-  للحاسوبي الذي بدوره سيقوم بترجمة تلك الرموز لإحدى لغات البرمجة التي يتكيّف معها الحاسوب.

      ومن الدراسات الحديثة في مجال الإحصاء الحاسوبي دراسة بعنوان (أبواب الفعل الثّلاثيّ)، إعداد: محمّد جواد النوريّ (1993م). حيثُ حاول الباحث دراسة ظاهرة أبواب الفعل الثّلاثيّ دراسة تحليليّة إحصائيّة باستخدام الحاسوب، مُنطلقا من المُعطيات الّتي قدّمها له المعجم الوسيط في هذا الصّدد، باعتباره عينة لُغويّة يمكن الاعتماد عليها في رصد هذه الظّاهرة.            واشتمل البحث على: إحصاء جذور الأفعال الثّلاثيّة الواردة في المعجم الوسيط، وعرض تكرار أبواب الأفعال الثّلاثيّة بالإحصاء، ودراسة تأثير أحرف الفعل الثّلاثيّ في حركات عَيْنِه: ماضيه، ومضارع([30]).

      وأختم هذه الجهود بعرض دراسة حديثة تمّ تقديمها كبحث علميّ مُحكّم من قبل أساتذة في علم اللغة الحديث. إذ تعدُّ هذه الدراسة من الدراسات القريبة لموضوع دراستي، تناولت الباحثة أحلام الزبن فيها توصيف العربيّة في ضوء اللسانيات الحاسوبيّة ( الفعل الماضي أنموذجاً )([31])، وقد تتبعتْ الباحثة في دراستها حدود وصف الفعل عند القدماء، وتوصيفه لدى المحدثين متخذة من توصيفهم منهجاً تتكئُ عليه لتوصيف الفعل الماضي، وما يُحسب لهذه الدراسة شمولها على مُحدّدات حاسوبيّة قابلة للبرمجة، وما يُؤخذ عليها عدمُ توصيفها الفعل الماضي بشتّى صوره كالفعل اللازم والمتعدي، والجامد والمتصرف .

         وبدت الجهود تأخذ منحى أكثر جدية وهذا واضح في التفكير ببناء معالجات لغوية متعدّدة فيذكر نبيل علي في معرض تناوله للعناصر الأساسية المُكوّنة للمُعالج النحويّ الآليّ متعدد الأطوار للجمل العربيّة المكتوبة، أنّه بصدد تطوير معالج آلي للنحو العربي، يقوم بالمهمة الأساسية للتحليل النحْوي الآلي، وهي توفير المعطيات اللازمة للتحليل اللغوي الأعمق، التي تتمثل في المُصحِّح الآلي للأخطاء النحوية، والتخاطب مع قواعد البيانات باللغة الطبيعية، والترجمة الآلية من وإلى العربية، وتعليم النحو بواسطة الحاسوب، وإعراب الجملة العربية آلياً([32]). وهذه – على وجه العموم – هي جملة ما تفيده العربية (النحو) من استخدام المعالج النحوي.

       وقد أسهمت المؤتمرات العلمية المعنية بمُعالجة العربية آليّاً، في حثّ الجهود العربية واستنهاضها، لجعل العربيّة لغة العلم والتقنية والتكنولوجيا، وقد توفرتْ على تنظيم هذه المؤتمرات هيئات علميّة تنتمي إلى بعض البلدان العربية، تتصدّرها: سورية، والمغرب، والجزائر، وتونس، الكويت. إلا أنَّ هذه البحوث المنجزة في هذا المضمار تُصادفها بعض الإشكاليات المنهجية والتطبيقية، وقد لخصتها في نقطتين رئيسيتين:

    1- بعثرة الجهود العربية، سواء على المستوى النظري أو التطبيقي فكلُّ باحث، وكلُّ منظمة بمعزل عن غيرها، فإضافة إلى محدوديّة الدارسات في هذا الميدان كمّاً ومستوى، فإنها تعانيمن ضعف الانتشار، وانعدام التكامل والتعاون بينها، ولا تكاد تتجاوز الملتقيات والندوات([33]). يُضاف إلى ذلك غياب حصر دقيق لها، والحاجة ماسّة  لدراسة بيبلوغرافية لحصرها، تحاشياً لتكرار البحوث، وهي ظاهرة متفشية في حقل تعريب الحاسبات، وقد انعكس هذا الشتات على الأطروحات في بعض المؤسسات الجامعية.

       ودفعاً لهذا الشتات، فقد أعدَّ وليد العناتي وخالد الجبر- مؤخراً- دليلاً للدراسات المُنجزة حول دراسة العربية في ضوْء اللسانيات الحاسوبية بقسميها العربي والإنجليزي، يتضمّن كلّ قسم بابين: أحدهما البحوث الملخصة، والثاني للفهارس، وقد وقفا في كتابهما وقفةً جيدةً على أغلب الأبحاث والدراسات المُقدَّمة في اللسانيات الحاسوبية، مُقدِّماً مُلخصاً بأسطرٍ عن كل دراسة ” جامعاً لكل باحث في اللسانيات الحاسوبيّة العربيّة جُلّ ما أنجزه المشتغلون بهذا الحقل، وهما يسدّان بذلك حاجة مُؤرِّقة كان الباحث العربي يواجهها وهو يلتمس مصادر موضوعة في المظانّ المتنائية ([34])”. 

  • الانفصال بين النظريّ والتطبيقيّ في مجال اللسانيات الحاسوبية العربية. وذلك نتاج الانفصال بين نظر اللغوي وتطبيق الحاسوبي، وقد حدا الانفصال بأحدهم أن يصف البحوث المُقدَّمة في أحد المؤتمرات في اللسانيات الحاسوبية بأنَّها ” لم تخلُ من ملخصين اثنين، يتعلقُّ أولهما بما طغى على بعضها من تكرار، ومعاودة لمعالجة الموضوع الواحد دونَ جديد أو مفيد. ويتعلق الثاني بموضوع اللغة التي نصبها الباحثون هدفاً لبحثهم وبقيت مع ذلك غريبة عنبعضهم تحتاج منهم إلى مزيد عناية وتبصر، إذ لا يعقل أن ينهضَ المرء لمعالجة العربية بالحاسوب، وهو يفتقر إلى الحدِّ الأدنى من المعرفة اللغوية، لأن المعالجة الآلية لا يُمكنها أن تتعامل إلا مع الدقيق والمضبوط والمكتمل، لذا فهي تتطلبُ الكشف عن ذخائر البُنية الدفينة للغة العربية، وتقحم الكثير من المجالات التي لم يتطرقْ إليها البحث من قبل، واتخاذ مواقف مُحددة تجاه الكثير من النقاط المختلف فيها([35])”.

الوصفُ والتّوصيفُ:

      تهدفُ اللّسانيّات الحاسوبيّة إلى إيجاد قاعدة بيانات لغويّة رياضيّة بهدف وضع قواعد محددة ودقيقة للغاية([36]) بغرض تنفيذ اللّغة حاسوبيّاً، أملاً في تزويد الحاسوب بملكة أقرب ما تكون للحدْس اللّغويِّ لدى ابن اللّغة، وصولاً لبثِّ قدرة حاسوبيّة تميّز بين الخطأ والصّواب، والجائز وغير الجائز في اللّغة.

      وذلكَ لصنع حدس إلكترونيّ قادر على بناء الكلام المتعلّق بلغة ما، وفقَ قواعد تلك اللّغة، وإقامة علاقات ذهنيّة تمكّنُهُ منَ الاستخدام الصّحيح للّغة، فالحاسوبُ آلةٌ صمّاء لا تمتلك حدْساً ولا عقلاً مميّزاً، لذا فاللّسانيّات الحاسوبيّة بحاجة إلى توصيف دقيق شامل بقصد إكساب الحاسوب بديلاً ملائماً متكاملاً عن الحدْس البشريِّ في محاولة لإكمال البنية اللّغويّة فيه([37]).

الحدْس:

هوَ تلمّس صلة ما هوَ كائنٌ بما ينبغي أنْ يكونَ، والحاسوب يعلمك بما أقيمت عليه برامجه من غير إحساس ولا شعور، فهو يدفع بما يدفع به إليه، فمن غير المتوقع أنْ يكون الحاسوب قادراً

 على تقدير الأمور حيثُ يضع كلَّ أمرٍ في نصابه إلا بمقتضى حدود البرمجة([38]).

        فمثلاً (انتصر) من غير سياق لا يمكن تمييزها لدى الحاسوب وحتّى لدى القارئ أهي فعل أمرٍ أمْ فعلٌ ماضٍ، والحلُّ بتمييز كلِّ كلمةٍ بضوابطها البنائيّة، وهي هنا الحركات الفاصلة بينَ الفعليْن إنْ لم ترد الكلمة في سياقٍ يحدّدُ هويّتها.

        والحدسُ الحاسوبيُّ مُرتهنٌ بثلاثة ضوابطَ، هي:

  1. الضّابطُ الإملائيُّ، مثل: اكتب، وأكتب.
  2. الضّابطُ الصّرفيُّ، مثل: انْتَصَرَ، وانْتَصِرْ.
  3. الضّابطُ النّحويُّ: ويكونُ ذلكَ بتغييرِ حركةِ الكلمةِ المعربةِ رفعاً ونصباً وجرّا([39]).

النظام التركيبيّ (النحْوي) عند العرب القدماء

      إنَّ المتتبع للتراث النحويّ العربيّ، يجدُ أنّ النحاة وعلماء اللغة القدامى قد صبّوا جلّ جهودهم على وصف النظام النحويّ، وهذا لا يعني أنّهم لم يكونوا معنيين بالأنظمة اللغوية الأخرى، لكن ما ميّز جُهدهم أنهم كانوا يحاولون تفسير النظام النحْوي. إذ اقتصر الأمر على توصيف أنظمة لغوية أخرى لتفسيره – كالنظام الصرفي والصوتي والدلالي-  وليس في هذا أي خطأ منهجيّ، فلا يُمكن النظر للنظام اللغوي بمعزل عن الأنظمة الأخرى، لكن طبيعة المنهج العلميّ تقتضي التحليل أولاً على مستوى الأنظمة، ثم التركيب.

       غير أنّهمْ مارسوا التحليل على أحد الأنظمة اللغوية وهو النظام النحْوي، فجعلوا بقية الأنظمة خادمة لهذا النظام: ” فالكتبُ النحْويةُ بدايةً من سيبويه، كان محورُها الأول تحليل مبادئ النحو وفصوله ووجوهه وفروقه وقوانينه، وذلك بالنظر في الكلام ومجاريه النحوية في إطار نظرية جوهريّة تتمثّل في العلاقات التركيبيّة داخل الجملة والملفوظ([40])”.

      لذلك فإنّ النحاة جعلوا وكدهم دراسة الكلام بوصفه الصورة التي تتجلَّى بها اللغة في مختلف مستوياتها، فدراسة الكلام في نظرهم كانت تحقّق شروط مُعالجة النظام اللغوي المتكاملة، فكان أن ميّزوا بين نوعين اثنين من التراكيب العربيّة الأول: “الكلام الذي عنوا به القول الدال على معنى يحسن السكوت عليه والثاني: الجملة التي عنوا بها الشكل الإسنادي الذي يمكن أن يكون مفيداً وتاماً ويمكن ألا يكون كذلك([41])”. 

      وبما أنّ جهد النحاة العرب، تركّزعلى وصف كيفية صوغ الكلام وتأليفه، فإنَّ الجملة تحضر بوصفها عنصراً أساسياً في وصف بنية الكلام، الذي يُعدّ أعم وأشمل من الجملة، التي تمثّلُ:” النموذج التركيبي للكلام، فالكلامُ في تركيبه وتأليفه ينبني على عناصر التركيب التي يُشترط فيها أن تكونَ تامةً ومفيدةً([42])”.

      واقتضى البحث في الجملة البحث في أقسام الكلمة، التي تُمثّل مُكوِّناً من مُكوِّنات الجملة فقسّموا الكلمة إلى اسم وفعل وحرف، وعكفوا على وصف كلِّ قسم من هذه الأقسام الثلاثة فأصبح بذلك ميدانُ النحو العربي: ” دراسة المُركَّبات النحوية التي تجري مجرى أقسام الكلام في التعبير عن المعاني النحوية([43])”. وغدتْ العلاقاتُ النحويّةُ هي مفصل الدراسة التركيبية للجملة التي صار العامل أبرز تجليّاتها، والعلامة الإعرابيَّة الصورة المُمثِّلة، والمبرِّزة عن المعاني والعلاقات النحوية، وصارتْ العلامةُ الإعرابيّة هي محطّّ نظر النحاة.

      وكان النحاة في تناولهم التحليليّ لمستوى الكلام، من ثم الجملة، إنّما يهدفون إلى فهم التركيب، فتناولوا الأبواب النحوية باباً باباً، دارسين باب الفاعل مثلاً دون أن يُدرجوه تحت عنوان الجملة الفعلية.      

    وبذلك فإنّ دراسةَ الجملة لم تكنْ دراسة للجملة في صورتها المركّبة، بل دراسة لمؤلفات الجملة في أبوابها المفردة.

      وركّزَ نحاة العربيّة في تناولهم للجملة على العلاقة الإسنادية، التي تنبني عليها الجملة حيث مثَّل الإسناد الدعامة الأصلية فيها، وهذه العلاقة تقومُ على عنصرين أصليين هما: المسند والمُسند إليه، وقد عرفّهما سيبويه أنهما : ” مالا يُغني واحدٌ منهما عن الآخر، ولا يجد المتكلم منه بدّا([44])”

      نخلصُ إلى أنَّ نحاة العربية القدماء لم يوجهوا دراساتهم النحويّة إلى الجملة بصورة مستقلة بحيث ينطلقون من البنية القائمة على المُركَّبات النحْوية، إنّما أجْرَوا وصفهم اللغوي وتحليلهم النحوي استناداً على المُفردات، لذا فإنَّ مُصطلح النحو: ” لم يكن يُعنى بدراسة المُركَّب من الكلام وحده، بل كان يتناول جميع مظاهر الكلام من مفردات وتراكيب([45])”.

       بعبارة أخرى البحث النحوي لدى نحاة العربية كان يُعنى بالتوصّل إلى القواعد المُفسّرة لنظام تأليف الكلمات، أو تركيب الكلمات في الجملة، حتى تؤدي المعنى المُراد، وفقاً لنظام اللغة([46]).

النظام التركيبي ( النحْوي ) في اللسانيات المعاصرة

      إنَّ النظرة التحليلية التي وجّهت نحاة العربيّة في محاولتهم لدراسة النظام التركيبيّ للغة لم تستطعْ أن تكوّن نظرة شمولية تتعلقُ بنظام الكلام والجملة، فالتجزُّؤ والتفكُك حرمَ اللغويين من أن يتوصلوا إلى نظرة كليّة شاملة، فقد ظلوا حبيسي النظرة الجزئية، وهذا ما حاولتْ الدراسات اللغوية الحديثة القيام به، فتحوّل الأمرُ بذلك من: ” وضع القواعد النحْويّة للغات إلى دراسة نظام النحو ذاتِه، ومن المحسوس إلى المُجرّد، ومن الخاص إلى العام، ومن الظاهر إلى الباطن([47])”.

      لذا اكتسى مفهوم التركيب أهمية في الدراسات النحوية، لا لكونه مركباً من عناصر أولية، بل لأنه محكوم بعناصر تراتبيةٍ متعدّدة المستويات من العلاقات النحْوية والدلالية والمعجمية.

     فنشأ ما يُسمّى النحو التركيبي، يقوم هذا النحو على تقسيم الجملة إلى تراكيب مترابطة فيما بينها، والتراكيب إلى أجزاء متصلة، بحيث لا يندرج الجزء الواحد تحت تركيبين مختلفين في آن واحد، ولا يحتوي التركيب إلا أجزاء متجاورة([48]).  

      ولكون الجملة هي البنية الأساسيّة التي يقوم عليها التركيبُ في اللغة، صارت محطّ أنظار اللسانيين المحدثين، ولم يعنوا بالمُفردة إلا حينما تدخلُ في جملة من المفردات، لتكوّن تراكيبلغوية تتواءمُ والنظام اللغوي، ولم يُنظر إلى الجملة بوصفها حصيلة تفاعل مُباشر بين الكلمات في الحالات كلِّها: ” إنما تتفاعل الكلمات في بعض الأحوال لتدخل في مركبات تحكمها فيها علاقات خاصة، وتتحدّ هذه المركبات بعضها مع بعض، ومع المكونات الأخرى بُغية إنتاج الجملة([49])”.       

     ومن المناهج اللسانية الحديثة التي عالجت التركيب النحويّ بصورة علميّة وأكثر شمولية منهج النحو التوزيعيّ أو منهج التحليل إلى المكوِّنات المباشرة، إذ نظر هذا المنهج إلى اللغة على أنها ” قائمة على نحو المركبات وتصنيفها بين حُرَّة ومقيّدة ولتحليلها حسب توزعها داخل بنية الجملة توزيعاً مباشراً([50])”.  

      والجملة في ظلِّ هذا المنهج ” نظام علاقات بين مُركّبات نحْوية مُتميّزة بالمعنى والوظيفة، وتُستقر البُنية النحْوية للجملة من خلال المظهر الدال والمظهر المدلول للملفوظ وتختصُّ الجملة بقابلية التقطيع والتحليل إلى مكونات مباشرة ونهائية العددِ([51])”.

وبذلك عُدَّت الجملةُ من حيثُ توزيعها، ولم تعدْ الجملةُ: ” ذلك البناء الطولي الذي تركّب من عناصر لغوية يُوضع بعضُها بجوار بعض([52])”.

       وإذا كانت التوزيعيّة قد قاربت الجملة من منظور المُكونات المباشرة، ” التي هي مجموعة من المركبات، مُعالِجةً الجملة من أعلى إلى أسفل، أي من الكل إلى الجزء، إلا أنها قد أخفقت في تفسير كيفيّة بناء جمل جديدة، لأنّها اعتمدت على نتاج اللغة وهو الكلام” ([53])، أي أنَّها اعتمدت بصورة أساسية على مبدأ التحليل، غافلة مبدأ التوليد الذي لا يقلُّ أهمية عن التحليل، إذ ينبغي لأي مُعالَجة لغوية أنْ تأخذَ بهذين الجانبين بحيثُ يُكمّل أحدهما الآخر في علاقة تكاملية، تحقق الشمولية في المعالجة اللغوية.

       وبالرغم من تحقيق التوزيعية مبدأََ التحليل الذي تتطلبه المعالجة الآلية، إلاّ أنَّ إخفاقها في الجانب التوليدي يجعلنا نستبعدُ الاتكاء عليها في المعالجة الحاسوبية للغة، كما أنها في التحليل  “تقفُ عند حدود التقطيع السطحي للجُمل ولا تعترف بوجود شيءٍ وراءه، فقد أثبت فشلها في تحليل الجمل المُلْبسة مثل: أنا أكرمُ المصطفى” ([54]) فاللبس واقع في كلمة (أكرم) بين كونها اسم علم أم فعل مضارع.  

      هذه السطحيّة التي ظهرتْ في التحليل التوزيعي لبناء الجملة، فسحت المجال لظهور نظرية لُغوية جديدة، وهي نظرية النحْو التوليديّ التحويليّ لتشومسكي، إذ يُنظر إلى التركيب في النظريّة التحويلية التوليدية، على أنه قسمٌ من أقسام النحو الثلاثة، وهي: المكوّن التركيبي، والمكوّن الدلاليّ، والمكوّن الصوتيّ، والمكوّن التركيبيّ يتألف من مكوّن أساسي تحدّده البنى العميقة([55]).

      وقد خصّ تشومسكي النحو بمهمة تكوين بنية الجملة، حاصراً دور الدلالة في تأويل المعطيات التي تتضمنها البنى النحْوية([56]). وأولى تشومسكي النحو الدور الأساسيّ في نظريته، متخذاً إياه بؤرة اهتمامه وجوهر نظريته، لإيمانه بأنَّ النحو هو المكوّن اللغوي الذي يمكن عبره الوصول إلى ما يُوحّدُ اللغات العالمية، إذ يرى أنّ موقعَ النحو من اللغة موقع القلب في جسم الإنسان لذلك ” مُصطلح قواعد اللغة عنده لا ينصرف إلى قواعد تركيب الجملة، وإنما يشمل النظم اللغوية جميعها الصوتية والصرفيّة والنحويّة والدلاليّة، وهو اصطلاحٌ شاملٌ لجميع مستويات التحليل اللغوي ونظم اللغة([57])”. فسعى تشومسكي إلى استخلاص الكليّات اللغوية، وصياغة أوجه الاختلاف بين اللغات([58]).

      وعلى الرغم من أنّ التحويليّة حصرت دور الدلالة في تأويل المعطيات فقط في بداية نشوئها، ولم تعدّها مكوناً فاعلاً في بنية الجملة، إلا أنها عدّت المعجمَ مكوناً من مكوّنات النحو بما يعني: ” أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين القواعد المُركبيّة والقواعد المُعجميّة إلى درجة يمكنُ معها اعتبار القواعد المقولية تكراراً للمعلومات المطّردة في المداخل المعجمية([59])”.

      ولم تسلمْ النظرية التحويلية التوليدية من بعض المزالق التي لم تجعل معالجتها للغة معالجة متكاملة شاملة، فعلى الرغم من أنها تُعنى بجانبي التوليد والتحليل في التعامل مع الجمل، إلا أنها ركّزت على التوليد دون التحليل، وهذا ما يجعل تطبيقها في المعالجة الآلية للغة صعباً([60]).

وما يزيدُ الأمرُ صعوبةً أنَّ العربيةَ تتميّز بالمرونة النحوية، بحيثُ لا يمكنُ ضبطُ عملية توليد الجمل بحدودٍ صارمة.

       وبالرغم من هذه المآخذ التي تُؤخذ على النظرية التوليدية التحويلية، إلا أنها كشفت عن الجانبِ الرياضيّ المُستبطن في اللغة، فيمكن أن تُصاغ قواعد اللغة وأنظمتها بصورة رياضية رمزية، ممّا يسهلُ عملية المُعالجة الآلية للغة: “إذ يمكن أن نُرجع مثلاً النماذج العربية التركيبية للجمل العربية إلى نموذجٍ واحدٍ يجمعها كلها في مستوى من التجريد عالٍ جداً. بمعنى أنّ كل النماذج يمكن أن تُرجع إلى نموذجٍ واحدٍ يتكوّن من قطبين اثنين: الأول: العامل (ع)، والثاني المعمول (م)، وهكذا فإن الصيغة الرياضية لهذا النموذج يمكن أن تكون كالتالي: ([61])

ع ــ م.

      إلا أنَّ عمليةَ وضع المعادلات الرياضيّة للغة تستلزمُ إحاطةً واسعةً بطبيعة النظام اللغوي وتشكّلاته على جميع المستويات اللغوية، كي تكون هذه المعادلات مُمثلةً بصورة دقيقة لواقع اللغة، فلا تكفي المُعادلة السابقة المُبسّطة جدّاً في تفسير كيفية نشوء العلاقة بين العوامل والمعمول في مختلف صورها، فهذه القواعد الدقيقة هي ما ينبغي رصده ووضعه في صورة رياضيّة جامعة مانعة.

      ولا تكفي الصياغةُ الرياضية للغة لتمثيل نموذج لغويّ آلي يحاكي قدرة الإنسان، فلا بدّ أن يحكم هذه الصياغة الرياضية منطقٌ، أو تصور لساني قادر على أن يحيط بطبيعة النظام اللغوي في مختلف مستوياته اللغوية، إذ إنّ المعادلات الرياضية تُمثّل الإطار الشكلي الحاضن للغة، فالحاسوب لا يفهم إلاّ لغة الأرقام والحساب، التي بدونها لا يمكن التعامل معه.

مقتضيات وصف النظام التركيبي (النحْوي) حاسوبياً:

      إنّ التصدي لمعالجة التركيب في العربية آلياً ليس بالأمر اليسير، فالمعالجةُ محفوفةٌ بكثير من الصعوبات، بعضها يتعلّق بالمستوى الفنيّ التقنيّ، الذي يفرضه منطقُ الحاسوب، وبعضها الآخر يخصُّ طبيعة نظام العربية التركيبي، التي تتصف تراكيبها بالمرونة والاشتقاقية وغير المحدودة في إنتاج عدد لا متناهٍ من التراكيب اللغوية، التي تستجيب للتطور الحضاري في مختلف الميادين والمجالات العلمية والإنسانية.

      ولعلَّ أوّل ما يعترض عملية الوصف الآلي للتركيب أنّ:” جميع أنظمةِ الحاسوب صُمّمت انطلاقاً من بُنية اللغة الإنجليزية في صيغتها المكتوبة([62])”، مما يجعل عملية التوصيف مُقيّدة بقيود اللغة الإنجليزية، وهذا يدعو بشدة إلى تصميم برمجيات تتوافق ومنطق اللغة العربية، إلاّ أنَّ هذه القيود يمكن مع مرور الوقت أنّ تُحل وتُتجاوز، إذ تشهد برمجيات الحاسوب تطوراً سريعاً، مما قد يتيحُ اعتماد اللغة العربية لغة للبرمجيات الحاسوبية.  

       أمّا فيما يتعلّق بالإشكاليات الناجمة عن طبيعة النظام التركيبي للغة في العربية، فتُتمثّل بالآتي:

      – هناك الكثير من الظواهر النحوية التي لا تتسم بالاطراد، كالاستتار، والتقدير، والإعراب المحلي، والتعدد في حالات الجواز والوجوه الإعرابية، واللّبس النحويّ الناتج عن عدم التشكيل الكلي أو الجزئي([63]). ومن ثم يصعب معالجتها آلياً، لأن الحاسوب لا يتعامل إلا مع الواضح والدقيق من الحالات والظواهر اللغوية.

      – الإشكالية الثانية اتّساع نطاق العلاقات المعنوية والمقامية، التي تربطُ بين عناصر الكلمات المركبة([64]). وهذه من أصعب الإشكاليات في معالجة النظام التركيبي آلياً، فاللغةُ العربيةُ تتميّزُ بالثراء، والتنوّعِ على مستوى العلاقات التي تربطُ بين عناصر الكلمات المُركّبة، إذ يصعبُ الإحاطة بأنماطٍ تركيبيةٍ مخصوصةٍ لكلمات مُركّبة، وما يزيد الأمرُ صعوبةً أن اللغةَ العربية تفتقرُ لوجود معاجمَ تتناول الكلمات المُركَّبة والتعابير الاصطلاحية الحديثة.

        – تنصبُّ الإشكالية الثالثة على طبيعة الأسماء المُركّبة، إذ تُوصف بأنها غير متجانسة في تكوينها وفصيلتها، لذا يصعبُ تقديم وصفٍ لها ([65]) هذا على مستوى العناصر التركيبية.

      أمّا على المستوى التركيبيّ  فلا يتأتى للحاسوب أن يحكمَ على صحة تركيبٍ ما، فقد يكون التركيبُ المُدخل له تركيبياً صحيحاً من الناحية النحْوية، لكنّه من حيث المعنى غير صحيح، كأنْ يكون التركيبُ مُكوناً من فعل وفاعل ومفعول به وظرف زمان، فهذا التتابع صحيح نحوياً، لكنّه قد لا يحمل معنىً على الإطلاق، فقد يكون متناقضاً أو غير ذلك.

      من هنا فإنه يُشدد دائماً على أنَّ أيَّ مُعالجة حاسوبية، لا يمكن أن يُكتب لها النجاح ما لم تعتمد في مُدخلات الحاسوب، على المعجم الذي يُعين كثيراً على حلّ كثير من حالات اللّبس والاختلاط، ولا نريد بالمعجم ذلك الذي يُركّز على تفسير المفردات تفسيراً، بل الذي يعتمد بدرجةٍ كبيرةٍ على فهم الإنسان وقدرته على ربط المفردات بالسياقات الواردة فيها، فالحاسوب             يحتاجُ إلى معجمٍ يصفُ بالإضافة إلى معاني المفردات، بيان الخصائص التي تتميّز بها المفردات من حيث اختصاصها بالإنسان وحدَه أو الحيوان أو الجماد وغيرها من السمات، التي تعين الحاسوب على وضعها تراكيب صحيحة غير مُخلّةٍ من الناحية النحْوية والدلالية ([66])، ولا يتوقف دور المعجم في المعالجة الآلية على مُجرد الكشف عن معاني الكلمات:

 “إذ هو أحد العناصر الرئيسية للربط بين العناصر المختلفة للمنظومة، إلى جانب دوره الحاسم في تحديد علاقة اللغة بالعالم الخارجي([67])”. 

قابلية النظام التركيبي ( النحْوي ) للمعالجة الآلية          

اللغة العربيّة لغة طبيعية قابلة للحوسبة والمعالجة الآلية شأنها في ذلك شأن اللغات الطبيعية الأخرى، فاللغة العربيّة تخضعُ في معالجتها لشقين أساسييّن هما:

–  التحليل، أي تحليل النصوص والجمل بمفرداتها وكلماتها إلى عناصرها الأولية (الجذر، الوزن الصرفي). 

– التوليد، أي توليد أو تكوين الكلمات ومن ثم الجمل والنصوص اللغويّة من المكونات الأساسية للغة، لذلك فإنّ تطبيقات معالجة اللغة حاسوبياً بشمولية يجب أن تتناول الشقين([68]).

       يجبُ أن يتمَّ برمجة هذه المعالجة بطريقة دقيقة جداً؛ كي تستطيع القيام بمهامها ومن هذه المعالجات: المُعالج النحويّ وكي يقوم بمهامه، يجب أن يُعطى محدّدات أو مقيدات لفك اللّبس الناتج من السياق. إذ إنّ التوصيف النحْوي للأفعال، أو لأيّ فرع آخر من فروع الكلام لا يكون توصيفاً كاملاً ودقيقاً وقادراً على استرجاع المُدخلات الصحيحة، دونَ فهم السياق الذي وردَ فيه الفعل؛ فيعدُّ المعالج النحوي الآلي للغة العربية مقوماً أساسياً لتعليم اللغة العربية للحاسوب.

      ولندلّل بمثال على المعالج النحْويّ، في قولنا: وصلَ عمرو إلى يزيد. فكلمة (يزيد)  يمكن أن تكون اسماً علماً أو فعلاً مُضارعاً، هنا يبرز دورُ المعالجِ النحْوي أو ما يُسمّى القيد النحوي الذي يفترضُ أنّ كلمة (يزيد) اسمٌ لأنها مسبوقة بحرف جر، والقيد النحوي يرفض أن يسبقَ الفعل حرف جر.

      فالمعالجُ النحويُّ يعيد الجمل إلى عناصرها الأولى من اسم وفعل ومفعول وصفة وظرف وحرف جر، وتكمن قوته في قدرته على حل مختلف أنواع الغموض داخل النصوص بالاتكاء على قاعدة البيانات المخزنة فيه، وتتألّف هذه القاعدة من مجموعة قواعد لنحو اللغة العربية التي طورتها شركة صخر حاسوبياً، بحيث تكوّن نموذجاً لغوياً مناسباً.

     وهي تتضمن أكثر من 12600 قاعدة نحوية، مع تحديد أوجه تطبيقها، وتضمُّ قاعدة المعاجم العربية البيانات النحوية والصرفية والدلالية والموضوعيّة المتعلقة بمُفردات اللغة العربية الحديثة، بالإضافة إلى بيانات حولَ التركيب الصرفيّ للغة العربية القديمة، وهي تحتوي على أكثر من 40000 مصطلح تعبيري مختلف([69]).

      وعند حديثنا عن المُعالج النحْوي لا بدّ من أنْ نتحدّثَ عن المُعالج الصرفي الذي يعدّ عماد المعالجات الآلية، فلا يجوز أن نقومَ بمعالجة مستوى من مستويات اللغة العربية دون الاستعانة بالمعالج الصرفيّ، والسبب في ذلك، التداخل اللامحدود الذي يواجه المُعالجة الآلية بين المستويات اللغوية لاسيّما النحو والصرف، مما يوجب استعمال أنظمة متعدّدة الخبرة لمعالجة تلك المستويات.

 ولندلّل بمثالٍ يوضّح آلية عمل المعالج الصرفيّ في مجاله الأول وهو التحليل:

          تحليل كلمة: وبإيصاله

          السوابق: وحرف عطف، ب حرف جر

          جذع الكلمة: stem إيصال

          الرتبة النحوية: مصدر ثلاثي مطرد

          جذر الكلمة: root وصل

          الصيغة الصرفية: إفعال

          الحالة التصريفية: مفرد، مذكر، مجرور

          العلامة الإعرابية: الكسرة الظاهرة

          اللواحق: ضمير الملكية للمفرد الغائب (هـ)

      أمّا عمليةُ التوليد الصرفي، فنعطي لها مثالاً هنا بوضع الفعل (أقام) في صيغة المضارع المجزوم لجمْع الإناث. من هذه الخصائص الصرفية يقوم شق التوليد الصرفي باستخراج الصيغة النهائية المطلوبة للفعل المذكور وهي يقمنَ([70]). وهذا المنهجُ المتّبعُ في تحليل الفعل وتوليده في هذه الدراسة، إذ يرتكز تحليل الفعل على مُحدّدات خاصة به، وهذه المحدّدات لا يّمكن أن تُستخلصَ دونَ تتبع حدود الفعل قديماً وحديثاًً. 

  الفعل في العربية: 

      حازَت الأفعال في العربيّة اهتماماً جمّاً من علماء اللّغة والنّحاة والصّرفيّينَ- جمعاً ودراسةً وتصنيفاً- وذلك لكون الأفعال أصل الاشتقاق عندَ أرباب المدرسة الكوفيّة([71])، وهي” أصولُ مباني أكثر الكلامِ، وبذلك سمّتها العلماءُ الأبنية، وبعلمها يستدلُّ على أكثر علم القرآن والسّنّة، والأسماء غير الجامدة والأصول كلّها مشتقّاتٌ منها([72])” كما أنّها أساس أحد نوعي الجملة العربيّة- وأعني بها الجملة الفعليّة- ووضعت المحدِّدات المميزة لكل فعل حسب زمن وقوعه.       لذا أعرضُ في هذا الجزء مزجاً بين ما وضعه علماء اللّغة الأوائل، وما قام به المحدثون من جهود، في محاولة سبك سريعة تؤلّفُ بين القديم والحديث، مع تسلّل رغبةً لديّ بعدم الفصل، فما النّحو إلا كلّ متكامل بدأ قديماً وسار حتّى وصل إلى زمننا هذا بقواعد قارّة يمكن إعادة تشكيلها بما يتلاءم مع معطيات الحاسوب، رغبةً في فكّ عجزها عن الحوسبة بملاءمتها ومعطيات الواقع الحاسوبيّ الجامد والرّتيب.

الفعل في وصف القدماء

     تناول النّحويّون الأوائل الفعل بطرقٍ شتّى، معتمدين في تعريفاتهم على الحدس اللغوي الذي يملكه العربي ليستطيع هذا الحدس التمييز بين الفعل وغيره من أنواع الكلام . ” فالأقدمونَ يروْنَ أنّ الفعل هو صاحب العمل وهو عامل قويُّ بل هو أقوى العوامل فهو يرفع فاعلاً وينصب مفعولاً كما ينصب سائر ما اسموه بـ ( الفضلات ) كالمفاعيل والحال ونحو ذلك، وأنه يعمل أينما كان متقدماً أم متأخراً ظاهراً أم مقدّراً([73])”.

     وقد تركزت حدود الفعل عند القدماء على بنيته الدالة على الزمان الحدث الذي تحتويه، وهذا جليٌّ في ثنايا كتبهم، إذ حدّ سيبويه الفعل بقوله: ” أمّا الفعل فأمثلة أخذت من لفظ أحداث الأسماء وبُنيت لما مضى ولما يكون ولم يقعْ وما هو كائن لم ينقطعْ. فأمّا بناءُ ما مضى فذهبَ، وسمعَ، ومكثَ، وحُمدَ. أمّا بناء ما لم يقعْ فإنّه قولك آمراً اذهبْ واقتلْ واضربْ ومخبراً يقتلُ ويذهبُ ويَضْرِبُ ويُقتلُ ويُضربُ وكذلك بناء ما لم ينقطع وهو كائنٌ إذا أخبرت([74])”.  يفهمُ مـن هذا الحدّ تركيز سيبويه في تعريفه للفعل على ثلاثة مرتكزات:

أولاً: أن يكون مشتقاً من مصدر.

ثانياً: أن يكون على بناء خاص بالأفعال، يؤخذُ هذا من قوله: (( وأمّا الفعلُ فأمثلة)). 

 وهي الأبنيّة الخاصّة بالأفعال.

ثالثاً: أن يدل ببنيته على الزمان.

      وجاء في كتاب ( الجُمل ) للزجاجيّ: ” والفعلُ ما دلَّ على حدثٍ وزمان ماضٍ أو مستقبلٍ نحو قامَ يقوم وقعدَ يقعدُ وما أشبه ذلك([75])”. وقد كرّر الزجاجيُّ هذا التعريف في كتابه الإيضاح في علل النحو([76]) فقد اقتصر الزجاجيّ في تعريفه للفعل على دلالته الزمانية من حيث المضي والاستقبال، فيرى أنّ فعل الحال في الحقيقة مستقبلٌ لأنه يكون أولاً، فكلُّ جزءٍ خرج منه إلى الوجود صار في حيّز المضي، ولهذه العلة جاء فعلُ الحال بلفظ المستقبل نحو: زيد يقوم الآن ويقوم غداً، ولكن الزجاجيّ في(الجُمل) يقول: ” الأفعال ثلاثة فعل ماض وفعل مستقبل وفعل في الحال يسمى الدائم، فالماضي ما حسن فيه أمس نحو قام وقعد وانطلق وما أشبه ذلك، والمستقبل ما حسن فيه غدٌ كقولك أقوم ويقوم وما أشبه ذلك([77])”.

    الملاحظ أن الزجاجيّ في ” الإيضاح ” غيره في ” الجُمل ”  فقد بدت حدود الفعل  تأخذ منحى أدق وأكثر عمقاً مما ورد في ( الجُمل ) فيقول مثلاً: “وقد ذكرنا أنّ الأفعال عبارة عن حركات الفاعلين وليست في الحقيقة أفعالاً للفاعلين، وإنما هي عبارة عن أفعالهم، وأفعال المُعبِّرين عن تلك الأفعال وإن ذلك كما ذكرنا، والحركة لا تبقى وقتين، بطل من ذلك أن يكون فعل دائم – فمحال قول من قال من الكوفيين فعل دائم ([78])”.

 وقد بقيت حدود الفعل في مصنفات القدماء ترتكز على دلالة الحدث الزمان، ومن ذلك قول ابن السرّاج: ” الفعل ما دلّ معنى وزمان…([79])”    

  وقول أبي علي الفارسي: ” وأما الفعلُ فما دلّ على معنى وزمان([80])”.

      وفي المُفصّل للزمخشري: ” الفعل ما دلّ على اقتران حدث بزمان([81])” وعلى هذا جرت الكتب المدرسية الحديثة في تعريف الفعل.

      وقال ابنُ يعيش في شرح المفصّل: ” لما كانت الأفعال مساوقة للزمن، والزمان من مقوّمات الأفعال توجد عند وجوده، وتنعدم عند عدمه، وانقسمت بأقسام الزمان، ولما كان الزمان ثلاثة: ماض وحاضر ومستقبل، وذلك من قبل أن الأزمنة حركات الفلك، فمنها حركاتٌ مضت ومنها حركةٌ لم تأتِ، ومنها حركةٌ تفصلُ بين الماضية والآتية، كانت الأفعال كذلك: ماضٍ ومستقبل وحاضر…([82]).

      نلاحظُ من خلال هذه الإطلالة المُختصرة على الفعل عند النحاة القدامى بأن حديثهم عنه كان عاماً، إذْ حدّدوا الفعل من خلال تعريفاتهم في ثنايا كتبهم بشكلٍ لا يستطيع الحاسوب الاعتماد عليه كلياً لتمييزه من باقي أقسام الكلمة. ولا يعني هذا إغفالنا لجهودهم الجمّة في وصفهم للفعل. إذ يعدّ وصفهم القاعدة الأساسية التي اعتمد عليها المحدثون في توصيفهم للفعل.

       وقد شهدَ القرنُ الرابع الهجريّ ولادةَ أول مُعجم عربيّ خاص بالأفعال لابن القوطيّة (ت367هـ) وتلاه معجم الأفعال أيضا للسرقُسطي (ت 400هـ) ومن بعدهما “الأفعال” لابن القطاع(ت 515 هـ) . وتكمنُ أهمية هذه المعاجم في احتوائها على عدد هائل من  الأفعال العربية، ولا يعنينا هنا التعريف في هذه المعاجم وفي أصحابها بقدر ما يعنينا معرفة منهجيتهم في تناول الأفعال وتقسيماتهم.

      إذ وجهت معاجمُ الأفعال عنايتها لأبنية الأفعال حسب، فعنى ابن القوطية ببناءين منهما، فاهتمَّ من الأفعال الثلاثيّة بما جاء منها على صيغة (فعَل) بفتح العين وضمِّها وكسرها، ومن الأفعال الرباعية بما جاء منها على صيغة (أفعل) فقط؛ لذا عُدّ معجمه من كتب الصيغ الخاصة من الأفعال. أمّا السرقسطي فتناول أفعالاً لم يتعرضْ لها ابن القوطية، وقام بتفسّيرها واستشهد عليها، ونسب بعضها إلى أصحابها، ومن حيثُ الترتيب فقد رتّبَ كتابه وفق مخارج الحروف على النحو الذي وضعه سيبويه([83])، فحشدَ تحت كلِّ حرفٍ منها الأفعالَ التي تبدأ به، مُقسِّماً إياها إلى أربعة أقسامٍ، مُرتَّبةً على النحو الآتي([84]):

 – الثلاثي على فَعَل وأفعل باتفاق معنى.

 – الثلاثي على فَعَل وأفعل باختلاف معنى.

 – الثلاثي المُفرد.

 – الرباعيّ المُفرد، وما جاوزه بالزيادة مما لم يستعمل ثلاثيه في معناه.

      وقسّمَ كلَّ قسمٍ من أقسام الثلاثي إلى أبواب: المُضاعف ثم الثلاثي الصحيح ثم الثلاثي المهموز ثم الثلاثي المعتل، وذلك بالنظر للحروف التي تلي الحرف الأول، وقام بتقسيم الرباعي المفرد إلى أقسامٍ مُختلفة. فيما بحث ابن القطاع في كتابه جميع أبنية الأفعال أيضاً، واستدرك فيه على ابن القوطية، الذي ترك كثيراً من صيغ الأفعال، ولم يرضَ عن ترتيب الكتاب.

      وقد ذكر ابن خلّكان أن تأليف ابن القطاع أجود من تأليف ابن القوطية، وإنْ كان ابن القوطية قد سبقه في ذلك([85]).  

       قسّم ابنُ القطاع كتابه إلى أقسام بعدد حروف الهجاء، ورتّبها وفقَ الترتيب الهجائي المعروف، كما قسّم كل حرف إلى عدّة أقسام منها : فعل وأفعل من الثلاثي الصحيح بمعنى واحدٍ وبغيره، وفيه أدخل كلَّ ما ذكره ابن القوطية من الثلاثي الصحيح تحت هذا الباب.

       باب الثنائي المضاعف، ووضع تحته مُضعّف الثلاثي، ومزيده بالهمزة. باب المهموز: وأراد به المهموز من الثلاثي فقط ومزيده بالهمزة([86]). هكذا تدرجت الأبوابُ عنده وصولاً بالباب السابع وهو الخماسي والسداسي سواء أكانا من مزيد الثلاثي أم مزيد الرباعي.

       فما يُلاحظ على هذه المعاجم الثلاثة بأنّها كانت جامعة لكلِّ الأفعال الواردة في ذلك الوقت وهذا الأمر جعلها معاجم كمعجم لسان العرب، أو الوسيط، وغيرها من المعاجم الأخرى الخاصة بالألفاظ عامة ومعانيها. لكن ما يهمّ الدراسة من هذه المعاجم هو تقسيمات الأفعال التي وردت إذ لا نراها تختلف كثيراً عما جاء في تقسيمات المحدثين للأفعال.

      وبعد مرور عصر تأليف مُعجمات الأفعال، نلاحظُ أنّ حدودَ الفعل تتضّحُ أكثر بتقدّم الزمن، وخير شاهد على ذلك قولُ ابن مالك في ألفيّته:

            بتا فَعَلْتَ وأتَتْ ويا افعلي          ونونِ أَقْبِلَنَّ فعلٌ ينجلي([87])

 ففصّل ابنُ مالك ما وردَ عن أبي العبّاس المبرّد في قوله: “ما احتمل الضّمير” فبيّن الضّمائر الّتي يتّصلُ بها الفعل، وهي: تاء الفاعل وتاء التّأنيث السّاكنة، وياء المخاطبة (الفاعلة) اللاحقة لفعل الأمر، ونون التّوكيد خفيفة كانت أو ثقيلة وتتصل بفعلي الأمر والمضارع.  وقد قال ابن معط (ت 628هـ) في ألفيّته:

           والفعل بالسّين وسوف عرفا          والأمر والنّهي وقد إنْ صُرفا([88])

       ومن محدّدات الفعل أيضاً ما جاء به ابن آجرُّوم (ت 723هـ) في قوله: “والفعل يعرف بـ( قد والسّين وسوف)، وتاء التّأنيث السّاكنة([89])”. وفي مثل هذا المعنى ما جاء به خالد الأزهريّ (ت905هـ) بقوله: “ينجلي الفعل ويتّضح عن قسميه الاسم والحرف بأربعة مُحدّدات ذكرها في النّظم بقوله:        بتا فعلت وأتت ويا افعلي         ونون أقْبِلَنَّ…([90])

   الفعلُ في وصف المُحدثين

     حظيت أبنية الأفعال باهتمام علماء اللغة والنحو والصرف، حيث تعدُّ أبنية الأفعال مادة التصريف والاشتقاق، وتناول الأفعال كان أوفر حظاً من الأسماء من حيث عناية العلماء بها، ودرْسهم لها، وتصنيفهم فيها، إذ كانت أصولُ مباني أكثر الكلام لاشتقاقه منها([91]). ولا بدّ ونحن نتحدثُ عن الفعل عند المحدثين أن نعرّج بعجالة على المؤلفات الحديثة  في هذا المجال.  

      إذ اهتمَّ بعض المعاصرين بالأفعال وأبنيتها وتقسيماتها ووضعوا في ذلك كتباً مستقلةً نحو “معجم الأفعال المتعدية بحرف([92])” لموسى بن محمد الملياني، وكتاب ” الأفعال في القرآن الكريم([93])” لعبد الحميد مصطفى السيد، الذي اشتمل على (1472) فعلاً مجرداً ومزيداً، وكتاب “معجم الأفعال التي حُذِف مفعولُها غير الصريح في القرآن الكريم([94])” لعبد الفتاح الحموز. ولعلّ أولَّ معجم معاصر للأفعال هو كتاب “معجم الأفعال العربية الثلاثية المعاصرة([95])”  لسليمان فياض، وقد اشتمل على معجم نوعيٍّ مُهذّب الأبنية والأبواب والمصادر والمعاني، كما اشتمل على ستةٍ وثلاثين جدولاً تصريفياً يختصُّ كلُّ منها بفعل نموذجيّ، ونصَّ واضعه على أن أفعال المعجم خضعتْ للانتقاءِ حسب الاستعمال العصريّ التقديريّ، وأن هذا الانتقاء أو التهذيب حمله على إسقاط أربعين بالمئة من الأفعال الثلاثية العربية التي قدّر مصنفه أنها غير مستعملة أو غريبة أو حوشية. غير أنَّ ما أورده في الكشاف الأبجدي يدل على دقة هذه النسبة، فقد تضمّن قرابة (2430) فعلاً.

      بعد هذه المؤلفات الخاصة في الأفعال، أُفردتْ دراساتٌ مُستقلّةٌ في تناول الأفعال وتوصيفها لمقاربتها حاسوبياً، وقُدّمت هذه الدراسات في ندوات ومؤتمرات علميّة، منها ماجاء به مروان البوّاب في دراسته ” قواعد نظام الاشتقاق والتصريف في اللغة العربيّة ” إذ تعدُّ هذه الدراسة من الدراسات الفريدة التي جمعت جلَّ تصاريف الأفعال في جداول مُمنْهجة. وُيقرُّ البوّاب في مُقدمة الدراسة: ” تتضمنُ هذه الكرّاسة موجزاً لقواعد النحو والصرف المتعلقة بنظام الاشتقاق والتصريف في اللغة العربية. وهذا النظامُ وإنْ كان موضوعه الأساسي هو الصرف، فإن له أوجهاً نحوية لا بدّ من التطرق إليها، كبناء الأفعال وإعرابها، وما يعتري الأسماء من تغيّر في حالاتها الإعرابية من رفعٍ ونصبٍ وجرّ. استقينا هذه القواعد من كتب النحو والصرف القديمة والحديثة، وعرضناها بأسلوب هو أقرب ما يكون إلى طريقة معالجتها بالحاسوب، دون الخوض فيما أحاط بها من خلافات وتعليلات، وقد أوردنا في نهاية الكراسة قائمة بأسماء كتب النحو والصرف التي اعتمدنا عليها([96])”.  

      وقبل أن أوردَ نماذج من دراسة البوّاب، أودُّ أن أشيَ ببعض المآخذ التي لاحظتها، ومنها عدم اعتماد الدراسة على تعريفات القدماء للفعل ولو استئناساً، فللنحاةُ القدامى فضلٌ في تثبيت محدّدات الأفعال كما أسلفنا.  

      وما يُؤخذ على دراسته تعدّد الجداول دون الحاجة لذلك، فمن المُمكن أن يتمّ تصريف الأفعال بصيغها وتقسيماتها المتعدّدة بأقلَّّ مما ورد، وذلك بجمع أكثر من صيغة في جدولٍ واحدٍ، كما سيرد في حديثنا في الفصل الثالث، وهنا نوردُ نموذجاً لصيغ الفعل الماضي والمضارع والأمر المزيد([97]): جدول رقم (1)

أمثلةالأمرالمضارعالماضي 
أَكْرَمَ يُكْرِمُ أَكْرِمْ، أَعْطَى يُعْطِي أَعْطِ، أَقامَ يُقِيمُ أَقِمْ، آمَنَ يُؤْمِنُ آمِنْ.أفْعِلْيُفْعِلُأفْعَلَالثلاثي المزيد بحرف
فَرَّحَ يُفَرِّحُ فَرِّحْ، قَوَّمَ يُقَوِّمُ قَوِّمْ، زَكَّى يُزَكِّي زَكِّ، بَرَّأَ يُبَرِّئُ بَرِّئْ.فَعِّلْيُفَعِّلُفَعَّلَ
قاتَلَ يُقاتِلُ قاتِلْ، وَالَى يُوالِي والِ، حَاوَلَ يُحاوِلُ حاوِلْ.فَاعِلْيُفَاعِلُفَاعَلَ
انْكَسَرَ يَنْكَسِرُ انْكَسِرْ، انْقادَ يَنْقادُ انْقَدْ، انْطَوَى يَنْطَوِي انْطَوِ.انْفَعِلْيَنْفَعِلُانْفَعَلَالثلاثي المزيد بحرفين
اجْتَمَعَ يَجْتَمِعُ اجْتَمِعْ، اخْتارَ يَخْتارُ اخْتَرْ، اتَّصَلَ يَتَّصِِلُ اتَّصِلْ.افْتَعِلْيَفْتَعِلُافْتَعَلَ
احْمَرَّ يَحْمَرُّ احْمَرَّ، واصْفَرّ يَصْفَرُّ اصْفَرَّ.افْعَلَّيَفْعَلُّافْعَلَّ
تَباعَدَ يَتَباعَدُ تَباعَدْ، تَداعَى يَتَداعَى تَداعَ، تَطاوَلَ يَتَطاوَلُ تَطاوَلْ.تَفَاعَلْيَتَفَاعَلُتَفَاعَلَ
تَعَلَّمَ يَتَعَلَّمُ تَعَلَّمْ، تَزَكَّى يَتَزَكَّى تَزَكَّ، تَجَوَّلَ يَتَجَوَّلُ تَجَوَّلْ.تَفَعَّلْيَتَفَعَّلُتَفَعَّلَ
اسْتَخْرَجَ يَسْتَخْرِجُ اسْتَخْرِجْ، اسْتَقامَ يَسْتَقِيمُ اسْتَقِمْ.اسْتَفْعِلْيَسْتَفْعِلُاسْتَفْعَلَالثلاثي المزيد بثلاثة أحرف
اعْشَوْشَبَ يَعْشَوْشِبُ اعْشَوْشِبْ، احْلَوْلَى يَحْلَوْلِي احْلَوْلِ.افْعَوْعِلْيَفْعَوْعِلُافْعَوْعَلَ
اجْلَوَّذَ (=أسرع) يَجْلَوِّذُ اجْلَوِّذْ.افْعَوِّلْيَفْعَوِّلُافْعَوَّلَ
احْمارَّ يَحْمارُّ احْمارَّ.افْعَالَّيَفْعَالُّافْعَالَّ

وفق هذا النهج سار البوّاب في تصريفه للأفعال.    

     أمّا الدارسةُ التالية فجاء بها محمد زكي خضر في ندوة حول “مشروع قاعدة بيانات حاسوبية للقرآن الكريم([98])” (مداد البيان)، وتهدفُ إلى تكوين قاعدة بيانات حاسوبية للقرآن الكريم تصفُ بدقةٍ كلَّ دقائقه، وما يُحسب لهذه الدراسة الوضوح في منهجية العمل، والتقسيمات المنطقيّة لمراحله.

      وما قام به الباحثُ إنشاء قواعد بيانات حاسوبية تشملُ فروع اللغة الواردة في القرآن الكريم منها قاعدة بيانات صوتية، وقاعدة بيانات الكتابة العربيّة، وقاعدة البيانات الصرفية وكذلك النحْوية – وهذا ما يهمُّ الدراسة – إذ دمج الباحثُ بين قاعدتي البيانات النحْوية والصرفيّة؛ ليصل بذلك إلى تقسيم الفعل – وهو أحد الأقسام المستهدفة في دراسته – إلى اللواصق (الأولى والأخيرة) إضافةً إلى جذع الكلمة والحركة الإعرابيّة، وما أضافه الباحثُ من مراحل وهي المرحلة الأضخم، مرحلةُ الفصل بين السوابق والجذوع واللواحق اعتمدَ في فصله على أسسٍ منها:

      1- الحروف المُقطّعة اعتبرت جذوعاً لا سوابقَ ولا لواحقَ لها. هذا الأساسُ لن يفيد في دراستنا هذه؛ لأن الحروفَ المقطّعةَ خاصة بالقرآن دونَ غيره.

     2- كلمة ( يخادعون ) وأضرابها قُسّمت على النحو الآتي :

يخادعُ  = جذع دون سوابق

واللواحق هي : ( ــــُـ )، ( ون ) = لاحقان([99]).

      3- إذا كانت الكلمة مُكوّنة من ( اسم وحرف ) فالأولويّة في التقسيم للاسم، وإذا كانت مكوّنة من (حرف وفعل ) فالأولويّة للفعل، وترتيب الأولويّات على النحو الآتي :

اسم        فعل       حرف

      يبقى أن نشيرَ إلى أنّ هذه الدراسة وصّفت الأفعالَ الخاصة في القرآن الكريم دون وضع نظام اشتقاق وتصريف لها. معتمداً الباحث في دراسته على طبيعة النص القرآني المشكول، وهذا ما لا يتوفّر في غيره من النصوص. وما تستطيع دراستنا الاستفادة منه في هذا المشروع هو الأسس المُعتمدة في التعامل مع اللواصق بنوعيها (السوابق واللواحق). 

      ولا بدّ قبلَ أن نختمَ حديثنا عن المُؤلّفات المعنية بتوصيف الفعل حاسوبياً، أن نشيرَ إلى القواعد التي نظمها تمّام حسّان في كتابه (اللغة العربية معناها ومبناها). فقد تحدّث عن النظام الزمني قبل أن يحدّدَ الأفعال بتقسماتها الصرفيّة، فهو يرى أنّ النّظام الزّمني في اللّغة العربيّة ثريّ مفصّل، وقد أهمله النّحويّون لانشغالهم بالزّمن الصّرفيّ عن الزّمن النّحويّ([100])، فالزّمن في الفعل يكون على مستوييْن: ” على المستوى الصّرفيّ من شكل الصّيغة، وعلى المستوى النّحويّ من مجرى السّياق ([101])”.  وبناءً على نظرته هذه أفرد نموذجاً بيّن فيه الزمن النحْويّ والصرفيّ لمجموعة من الأفعال يبيّنه الجدول الآتي([102]): جدول رقم (2)

الصيغةزمنها الصرفيّالمثالالزمن النحْوي
باركَ يزورُ يحدثُ أحسنَماض حال حال ماضٍبارك الله فيك إن تزرني أكرمك لم يحدث هذا ما أحسنّ زيداًدعاء استقبال مضى حاضر ( تعجّب )

 إلا أنّ الزمنَ النحْويَّ للأفعال بعيدٌ عن التوصيف الحاسوبي المعني في الدراسة؛ فهذا الزمن              معنيٌّ بالدرجة الأولى بالدلالة، وهذا لا ضابطَ له في التوصيف الحاسوبي. 

      أمّا الحدودُ التي وضعها تمام حسان في تقسيمه للفعل هي التي تخدمُ دراستنا، فقد جاءت حدود التوصيف في كتابه على هيئة تعريفات، يستطاع من خلالها اشتقاق الأفعال؛ ليتمَّ ترميزها على شكل معادلات حاسوبية، ومما جاء فيه من تعريفات على سبيل المثال لا الحصر. تعريفه للفعل الجامد والمتصرّف، إذ قسم الفعل الجامد إلى جامدٍ ملازم للأمريّة ومنها(هبْ، تعلَّمْ) وجامدٍ ملازمٍ للمضي ( ليس، كربَ، عسى، حرى، اخلولق، أنشأ، طفق، أخذَ، جعلَ، علقَ، خلا، عدا، حاشا). وقسم المتصرّف إلى تام التصرّف وعرّفه “وهو ما يأتي منه الماضي والمضارع، والأمر كضرب، ودحرج ” ، وناقص التصرّف ” ما يأتي منه الماضي، والمضارع فقط: وهو مثل زال، برح، فتئ، انفكَّ، كاد، أوشك([103])”.

      وفقَ هذا النهج من التناول سار المؤلّفُ في تحديده للأفعال مُفصِّلاً ومُدللاً، فهو بذلك أعدّ لهذه الدراسة، ولغيرها من الدراسات اللغوية الحاسوبية مادة توصيفية لغوية يستطيع الدارس أن يحوّلها لرموز حاسوبية رياضية؛ لتُترجم على شكل برامج محوسبة. وهذا المرجوّ من هذه الدراسة.   

      وقبلَ أن نسبر أغوار الفعل بالتوصيف والتحديد، لا بدّ لنا أن نعقد مقارنةً بين القدماء والمحدثين في طريقة تناولهم للفعل، وذلك من خلال المؤلّفات التي أفردت بالفعل. مستفيداً من طريقتهم في التناول مستنداً على وصفهم للفعل في توصيفي له.

       فقد تبيّنَ أنَّ القدماء درسوا الفعل من حيثُ البناء الزمنيّ فقسموه إلى:  ماضٍ ومضارع وأمر. مع بيان صيغه وأبنيته، ودلالته النحوية فقالوا: إنّه يدلّ على الزّمن والحدث، خلافاً للأسماء، وذكر هذه القسمة كلُّ النّحاة في مقدّمات كتبهم، وأكدّوا وظيفته النحْوية وهي العمل في ما بعده، فتحدثوا عن العوامل، وعن عمل الأفعال، والأفعال اللازمة، والأفعال العاملة في معمول وفي معمولين وفي ثلاثة معمولات…

      وألّفوا في البناء الصّرفي للأفعال، ككتاب الأفعال لابن القطّاع وكتاب الأفعال لابن القوطيّة…

      أمّا المحدثون فقد تناولوا الفعل من جوانب أوسع ممّا جاء به القدماء، فتعرّضوا: لوظيفة الفعل الدلالية (دلالة معجمية)، ووظيفته النحْوية والتركيبية (إعراب، عمل، رتبة وموقع)، ووظيفته الصرفية (من حيث البناء). وبرزتْ مناهجُ المحدثين أيضاً، إذ إنّهم تناولوا ظاهرةً خاصّةً من ظواهر الفعل بالدّراسة والبحث مثلَ:

      (الفعل زمانه وأبنيته)، إبراهيم السّامرّائي/  وكتاب(أزمنة الفعل العربي النحوية أربعة عشر زمناً) لسليمان فيّاض/ و(الفعل والزّمن)، لعصام نور الدّين/ (وأبنية الفعل في شافية ابن الحاجب دراسات لسانية ولغوية) عصام نور الدّين/ (دلالة الزمن في العربيّة- دراسة للنسق الزمني للأفعال) عبد المجيد جحفة/  ( أبنيةُ الفعل ودلالاتها وعلاقاتها) أبي أوس إبراهيم الشّمسان/  (الفعل بناؤه وإعرابه)، عصام نور الدّين/ (العلاقة بين الفعل والحرف)، نادية رمضان.

      فمن خلال هذه المراجع والدراسات المذكورة سابقاً، تمّ نمذجة الأفعال الواردة في شعر درويش، وتوصيفها حاسوبياً، فصيغت هذه النماذج من خلاصة ما توصّلتُ له من الدراسات السابقة مستفيداً منها مضيفاً إليها .  

المنهجُ المُتّبعُ في توصيف الأفعال حاسوبياً

 1- إيراد تعريف النحاة القدماء، ومن ثمّ تعريف النحاة المحدثين- في بعض الأحيان – وذلك عند الشروع بتوصيف كل قسم من أقسام الفعل.

2- جمْع المحدّداتِ اللغوية والحاسوبية في جدولٍ واحدٍ، ومن ثمّ ترميز المحدّدات بشكل يقبله الحاسوبي ويفهمه اللغوي.

3- حالاتُ اللّبس التي تواجه التوصيف سيتمُّ إحالتها للسياق.

4- لم يقتصر التوصيف على الصيغ التي وردت في شعر درويش حسب. إنما تمّ التطرق للتقسيمات النحوية للفعل كافة في اللغة العربية. مما يجعلُ التوصيف قابلاً للتطبيق مستقبلاً على كلِّ نص.

5- بعضُ تقسيمات الأفعال لا تحتاج لتوصيف؛ وذلك لمحدوديتها فمثل تلك الأفعال تُدخل للحاسوب مباشرةً. كالأفعال الجامدة.

 6- تمّ بناء نموذج وهو خاص بوضع المحدّدات العامة التي تميّز الفعل عن الاسم. 

7- تمَّ بناء نموذجين للتوصيف أولّهما يجمع المحدّدات اللغوية والحاسوبية، وثانيهما يجمع المحدّدات الحاسوبية فقط، وكلاهما قابل للتطبيق على الأفعال الواردة في شعر محمود درويش.

8- وهي الخطوة الأخيرة، وتتمثّل بتطبيق المُحدّدات الحاسوبية الموضوعة في النموذج الثاني على الأفعال الماضية التي وردت في شعر محمود درويش.

       هذه المرتكزاتُ هي أساس عملنا في المعالجة الآلية للأفعال. يبقى أن نشير إلى أنّ توصيفنا للفعل الوارد في شعر محمود درويش سيُطبق في برنامج بحث، بحيث يُسهّلُ على الباحث إخراج الأفعال من الديوان كاملاً دون الرجوع لمظان الكتب ورفوف المكتبات، وهذا الهدف الأسمى للدراسة، والهدف الآخر من البرنامج يتمثّلُ في الهدف التعليمي إذ من الممكن أن يتعرف المبتدئ في العربيّة على الأفعال الجامدة مثلاً، أو الأفعال المعتلة الناقصة المنتهية بحرف الواو….  الخ. ويضاف إلى ذلك توفير مادة مُمنهجة يمكن الاستفادة منها في تعليم العربيّة لغير الناطقين بها.  

آلية التّوصيف:

      تبدأ عمليّة التّوصيف بإيداع الحاسوب القواعد والأساسيّات الابتدائيّة الّتي يختزنها العقل الإنسانيُّ بهدف الوصول إلى الكفاية اللّغويّة، ويتحقق ذلك عن طريق عرض منهجيّ قادرعلى استقراء القواعد وتفصيلها وفقاً لمستويات اللّغة المتفاوتة، الصّوتي والصرفيّ والنحويّ والدلاليّ.

      فلتوصيف الجملة الفعليّة يُتوجّبُ توصيف أركان الجملة من الفعل والفاعل والمفعول بهِ والمفاعيل المختلفة، ومنْ ثمَّ الوقوفُ على توصيف الفعل، وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أن توصيفنا سيتكئ على الجانب النحْوي للأفعال حسب، وقبل الانطلاق إلى التوصيف يجب التفريق بين التوصيف النحْويّ والتوصيف الصرفيّ([104]).

      فالتوصيف الصرفي يدرس الفعل قبل دخوله الجملة، والتوصيف النحْوي يدرس الفعل بعد دخوله الجملة، وهذا الجانب يشمل الفعل من حيث الأزمنة الثلاثة، ومن حيثُ التعدي واللزوم، ومن حيث الإسناد للفاعل أو للمفعول، وهو ما يقصد به البناء للمعلوم المجهول، والجمود والتصرّف والجانب الأخير التمام والنقصان، ويضاف إلى ذلك الفعل من حيث الصحة والاعتلال. وأول ما نبدأُ به توصيفنا وضع مُحدّدات عامة للفعل كي نفرقه عن الاسم.

أقسام الكلمة

    1- الاسم                            2- الفعل                               3- الحرف

الفعل:

      الفعل: ما دلَّ على معنى في نفسه مقترن بزمان محصل(1)، وقُصد بالمحصل الماضي والحاضر والمستقبل. ومثال ذلك (قرأ) فإنه يدلُّ على معنى أو حدث وهو القراءة في الزمن الماضي.

* مُحدّدات الفعل:

للفعل مُحدّدات تميزه من نظيريه من أقسام الكلمة- الاسم والحرف- عرضها علماء اللغة في غير موضع في أمّات كتبهم، وهذه المحددات هي:

        جاء عن المبرد (ت285هـ) أن الفعل “ما احتمل الضمير”(2)، وفصّل ابن مالك في ألفيته الضمائر بقوله:

بتا فعلْتَ وأتَتْ ويا افعلي          ونون أقْبِلَنَّ فعلٌ ينجلي(3)

“تا فعلتَ” أي تاء الفاعل، وهي على أنواع:

مضمومة للمتكلم، ومثل: (حَضَرْتُ مبكّراً).

مفتوحة للمخاطب، ومثل: “صراط الذين أنعَمْتَ عليهم”.

مكسورة للمخاطبة، ومثل: ( هل دَرَسْتِ يا هندُ جيداً ؟).

التوصيف الحاسوبي  :     ف-َ +  ع-َ + ل-َ  أو ف-َ + ل –ْ + (لاح) (مك) تَ+أو ت –ُ + أو ت –ِ + دلالات الرموز: لاح =لاحقة  َ = فتحة ، ُ = ضمة، -ِ = كسرة  . مك = مكوَّنة/  ف ع ل= كلمة ثلاثية . الرمزان  ف-َ +  ل-ْ = كلمة من حرفين مفتوحة الأول وساكن الثاني.  كالفعل (جئتُ) يكون توصيفه الحاسوبي   ف -َ + ل-ْ + لاح ( -ْ ) + ت –ُ = فلْتُ وهو وزن جئْتُ 

اللاحق ، هو الحرف الذي يلحق الجذر الثلاثي .

– “وأتَتْ” أي تاء أتَتْ وهي تاء التأنيث الساكنة، مثل: جلَسَتْ هند، وقد ميزتُ تاءَ التأنيث بسكونها عن التاء المتحركة التي تلحقُ الأسماءَ والحروفَ، مثل: هذه مسلمةٌ، فالتاء هنا منونة ولاحقة للاسم، ومثل قوله تعالى: “ولاتَ حين مناص”([105]) فاتصلتْ التاء المفتوحة بحرف النفي لا، وتتصلُ التاء الساكنة بالحرفين (ربَّ وثَمَّ) لكن على قلّةٍ، ويمكنُ حصر هذه الحالة وإدخالها للحاسوب كونها قليلة الورود. ومن اتصال تاء التأنيث بـ (نِعمَ وبئسَ وعسى وليس) عُرف أنها أفعال. 

التوصيف الحاسوبي         ف ع ل + لاح  ت = فعلتْ

فعل+ تْ

رُبَّ، ثَمَّ+ تْ

نعم، بئسَ، عسى، ليس+ تْ

– “وَيا افْعَلِي”، وهي ياء الفاعلة المخاطبة، مثل: (ادرسي) في الأمر، و(تدرسين) في المضارع، فهي لا تدخل على الفعل الماضي.

سب ( ا ) أو ت + فعل + لاح ي أو ي و ن = افعلي أو تفعلين. دلالة الرمز   ( سب) تعني ( سابقة) وهو الحرف الذي يسبق الجذر الثلاثي للكلمة 

ولم يقل الناظم (ياء الضمير) لأنها تشمل ياء الفاعلة وياء المتكلم، وياء المتكلم لا تختص بالفعل فهي تدخل على الاسم والفعل والحرف، مثل: إني أكرمني ربي.
أما ياء الفاعلة فلا تدخل إلا على الفعل.

فعل+ ي

– “وَنُون أَقْبِلَنَّ” وهي نون التوكيد بنوعيها الخفيفة والثقيلة. فالخفيفة مثل: (اسمعَنْ يا طالب)، ومثل قوله تعالى: “لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ”(1). وفي هذه الآية تحديداً جاءت نون التوكيد الخفيفة تنويناً اتباعاً للرسم العثماني، ويمكن للحاسوبيّ إضافة هذه الحالات الاستثنائية الخارجة عن القياس بصورةٍ استثنائية. والنون الثقيلة مثل: (اذهبنَّ يا عامر) بتشديد النون، ومثل قوله تعالى: “لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ”(2).

سب2 أو 1 + فعل + لاح  ن –ّ أو ن-ْ = اذهبنَّ أو اسمعنْ .

فعل+ نْ، نَّ

ومن محددات الفعل الأخرى ما جاء به الأخفش (ت215هـ)

 بقوله: “ما امتنعَ من التثنية والجمع، وألا يحسن له الفعل والصّفة، وجاز أن يتصرّف، علمت أنه فعل”([106])، فهو بهذا عدّد بعض محددات الفعل، ومنها:

  • لا يقبل التثنية، والجمع:

فالفعل يأتي دائماً على صيغة واحدة، مثل:

لعبَ الطفلان، ولعبَ الأطفال.

سب ( حرف مضارعة) ف ع ل + لاح  ان أو ون أو (ي ن خاصةبالمؤنث) =  يلعبون

وفي: الطفلان لعبا، والأطفال لعبوا، فالضمائر المتصلة تدلُّ على تثنية الفاعل وجمعه وليس الفعل.

فعل- ان، ون، ين

  • “وألا يحسن له الفعل” أي لا يتتالى فعلان في جملة واحدة دون رابط، فلا نقول: ذهب جلس.

فعل – فعل

  • “وجاز أن يتصرف” فالفعل قابل للاشتقاق والتصرف، مثل: قرأ، يقرأ، قارئ، مقروء… وهكذا. ولكن ثمة أفعال جامدة سيتم التطرق لها لاحقاً في هذا الفصل.

فعلß فاعَلَß استفعلß فعّل

ف + مق ا + ع + ل = فاعل / سب3 + ف ع ل / ف+ ع + مق شد +ل  = فعّل / دلالة الرمز ( مق ) يعني مُقحمة : وهي تعني الحرف الزائد في على جذر الكلمة  الأساسي.
ف ع ل + أمس أو غد = فعل. ومثل هاتين الكلمتين تدخلان ولا تُوصفان. لأنهما محدودتان ولا يوجد سواهما.

وجاء عن المُبرّد (285هـ) أن الفعل “ما حسُن فيه أمس وغد”(1). مثل: حضرتُ أمس، وسأزورك في الغد.

فعل+ أمس، غد

وأضاف ابن جنّيّ (ت 392هـ): “الفعل ما حسن فيه قد، أو كان أمراً، فأمّا قد فنحو قولك: قد قام، وقد قعد، وقد يقوم وقد يقعد، وكونه أمراً، نحو: قمْ واقعد”(2). فـ”قد” تدخل على الفعل الماضي وتفيد التحقيق، وتدخل على الفعل المضارع وتفيد التشكيك.

قد + ف ع ل = الفعل .

قد+ فعل

ومن مُحددات الفعل أيضاً ما جاء به ابن معط (ت 628هـ) في شرح الألفية:

سوف أو س + سب ( ي أو ن أو ت أو أ ) + ف ع ل-ُ = سوف أو س والفعل المضارع . ومثل هذين الحرفين ( السين وسوف ) يدخلان كما هما في الحاسوب . أيضا يدمج معها المحدد التالي وهو دخول الحرف  (لا) .

           والفعل بالسّين وسوف عرفا          والأمر والنّهي وقد إنْ صُرفا(3)

وأضاف ابن آجرُّوم

(ت 723هـ) في قوله: “والفعل يعرف بقد والسّين وسوف، وتاء التّأنيث

 السّاكنة”(1). فالفعل – وأقصدُ المضارع في هذا المحدّد – يقبل دخول السين وسوف قبله، مثل قوله تعالى: ” فسوف نصليه ناراً”(2) ، ومثل: سأبدأ العمل. سوف، س+ فعل

كما أنه يقبل حروف النهي، مثل قوله تعالى: “ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا”(3).

* لا+ فعل         

وقد ذكر السيوطي (ت 911هـ) في (الأشباه والنظائر في النحو) أن جميع ما ذكره العلماء من مُحددات الفعل بأربع عشرة علامة، وهي: تاء الفاعل، وياؤه، وتاء التأنيث الساكنة، وقد، والسين، وسوف، ولو، والنواصب، والجوازم، وأحرف المضارعة، ونونا التوكيد، واتصاله بضمير الرفع البارز، ولزومه مع ياء المتكلم نون الوقاية، وتغيير صيغه لاختلاف الزمان(4).

الحروف التالية تدخل كما هي:  أن، لن، كي لام التعليل، إذن، حتى، فاء السببيّة  لا، لم، أما، لام الأمر  + سب + ف ع-َ ل-ْ = الفعل المضارع المنصوب والمجزوم .  

لو+ فعل

مثل: لو بدأت لساعدتك

أن، لن، كي، لام التعليل، إذن، حتى، فاء السببيّة+ فعل

 مثل: لن تصلَ ما لم تعمل.

 لا، لم، أما، لام الأمر+ فعل 

لم أرك منذ أسبوع

ن، أ، ي، ت+ فعل ( نقرأ، أقرأ، يقرأ، تقرأ)

فعل+ ني اصطحبني

هذه محدّدات الفعل بشكل عام لتفريقه عن الاسم والحرف .  

* أزمنةُ الفعل: قسّم العلماء الفعلَ بحسب زمنه لثلاثة أقسام :

1- الزمن الماضي                2- الزمن الحاضر                 3- المستقبل.        

  1. الفعل الماضي ومحدّداته :

      الماضي: وهو ما دلَّ على حدوث شيء قبل زمن التكلم(1)، أي: فات زمانه، مثل قوله تعالى”خلق الإنسان من علق “. سيكون المحدّد للزمن الماضي بالاتكاء على الصيغ كافة التي يأتي عليها الفعل الماضي مع إضافة محدّدات أخرى غير الصيغة.  أما الصيغ فيمثله النموذج(1) : صيغته المبنية بالثلاثي المجرد والرباعي المجرد المبني على الفتح :

صيغة الفعل                       التوصيف اللغويالتوصيف الحاسوبيّ 
فعلَ+ دخول ضمائر الرفع المتحركة (تَ، تُ، تِ، واو الجماعة، ألف الاثنين )فَ عَ أو عُ أو عِ ل-َ = فعَل و فعُل و فعِل   
فعلا+ تاء التأنيث الساكنة.  فَ عََ لََ + لاح ا = فعلا  
فعلوا+ أمس، أول أمس.فَ عَ لُُ+ لاح و = فعلوا  
فعلَتْ+ دخول ( قد، لو). فَ عَ لََ + لاح ت-ْ( التأنيث)  = فعلتْ 
فعلَتا فَ عَ لَ + لاح تَ+ ا = فعلتا  
فعلَلَ ف َعْ ل-َ + لَ = فعلَلَ .  
فعلَلا فَ عْ لَ+ ل-َ + ا = فعللا  
فعللَتا ف َعْ لَ+ ل-َ + ت-َ+ ا = فعللتا 
 صيغة الماضي المجرد الثلاثي والرباعي (المتصلة به ضمائر الرفع) المبنية على السكون   
 فعلْن ف-َ ع-َ ل-ْ + لاح ن  
فعلْتَ ف عَ  ل-ْ + لاح ت-َ أو ت-ِ أو ت-ُ = فعلْتَ أو فعلْتُ أو فعلْتِ  
فعلْتُما  فَ عَ  ل-ْ + لاح ت-ُ + ما  
فعلْتم  فَ  عْ  ل-ْ + لاح ت- + م  
فعلْتنَّ فَ عْ  ل-ْ + لاح ت-ُ + نّ  
فعلْنا فَ عَ  لْ + لاح نا = فعلْنا  
فعللْن فَ عْ  لَ ل-ْ + لاح ن-َ 
فعللْتَ فَ  عْ  لَ  ل-ْ + لاح ت-َ أو ت-ُ أو ت-ِ  
فعللتما فَ عْ لَ  لْ + لاح ت-ُ ما 
 فعللْتم  فَ  عْ  لَ  لْ + لاح تُ + م  
 فعللْتما  فَ  عْ  لَ  لْ + لاح تُ + ما  
 فعللتنّ فَ  عْ  لَ+لْ + لاح ت-ُ + نّ 
 فعللْنا  فَ  عْ  لَ لْ + لاح نا  
 صيغة الماضي المزيد الثلاثي والرباعي  
فعّل ف-َ عْ + مق –ّ +   ل-َ  
فاعل  ف –َ + مق ا + ع-َ + ل-َ 
أفعل سب أ + فَْ + عَ + ل-َ  
تفاعل سب (ت) + ف-َ + مق ا + عَ + ل-َ 
انفعل سب (ا نْ) + ف-َ + ع-َ + ل-َ َ 
تفعّل سب (تَ) + فَ  + عْ + مق –ّ + لَ 
افتعل سب( ا) + فْ  + مق تَ + عَ  + لَ  
افعلّل سب( ا) + فْ  + عَ + لْ +لَ  
استفعل سب ( ا سْ تَ ) + فْ  + عَ + ل-َ  
افعوعل سب ( ا) فْ + عَ + مق وْ + عَ + لَ 
تفعلل سب ( تَ) + فَ + عْ + لَ + لَ  
افعلّل سب ( ا) + فْ + عَ + لْ+ لَ 
افعنلل سب ( ا) + فْ + عَ + مق نْ + لَ + لَ  
افعلّ سب (ا)  + فْ+ عَ+ لْ+ لَ 
افعالّ سب (ا) + فْ + عَ + مق ا + لْ + لَ . 
توصيفه الحاسوبيّ  فَ+ ل-ْ + لاح ت –ُ= فلْتُ وهو وزن جئْتُ.             

وقبل الانتهاء من توصيف صيغ الماضي لا بدّ من وضع محدّد لصيغ الماضي التي يحذف عينها مثل الفعل (جئتُ وقمتُ) وهذه من الأفعال التي تكرّرت في ديوان درويش. يكون وصفها كالآتي:

  2- الفعل  الحاضر (المضارع) ومحدّداته:

      الحاضر: وهو لفظٌ يدلُّ على معنى، وهذا المعنى يتحقق في زمن الحال أو الاستقبال([107])، ويفيد معنى الاستقبال إذا اتصل بقد وسوف والسين([108]) أو أحد حروف النصب.
ولا بد أن يكون الفعل الحاضر (المضارع) مبدوءاً بحرف من حروف (نأيت)([109]) التي تسمى حروف المضارعة، نحو (أقومُ ونقومُ وتقومُ ويقومُ)، ويجب فتح هذه الحروف إن كان ثلاثياً نحو (يَضرب) -بفتح الياء- لأن الماضي منه (ضرب) وهو ثلاثي، وإن كان الماضي رباعياً فيجب ضم هذه الحروف نحو (يُدحرج) لأن الماضي منه (دحرج) وهو رباعي. نموذج(2): يحصر جميع صيغ الفعل المضارع إذ يصاغ الفعل المضارع بزيادة أحد أحرف المضارعة في أوّله مضموماً في الرباعي مفتوحاً في غيره: وتجدر الإشارة إلى أنه ليس بالضرورة أن ينطبق التوصيف اللغوي مع الصيغة التي تقابله إنما المبتغى جمع التوصيف اللغوي والحاسوبي في نموذج واحد.

صيغة الفعلالتوصيف اللغويالتوصيف الحاسوبيّ
يفعلُ+ تدخل عليه حروف النصب (أن، لن، كي، لام التعليل، لام الجحود،  إذن، حتى، فاء السببية).سب ( يَ أو تَ ) فْ + عَ + ل-ُ
يفعلان+ يقبل دخول حروف الجزم التي تجزم فعلاً احداً، وهي: (لم، لا الناهية، لما، لام الأمر).سب ( يَ او تَ ) + فْ+ عَ+ ل+ لاح ا ن
يفعلون+ يقبل دخول حروف الجزم التي تجزم فعلين، وهي: إن، إذماسب ( يَ أو تَ ) فْ+ عَ + لُ+ لاح ون
يفعلْنَ+يقترن بالحاضر من الأزمنة، مثل: هو يقرأ الآنسب ( يَ أو تَ ) فْ+عَ+لْ+ لاح نَ
تفعلين+ يقترن بأحد الأزمنة الدالة على المستقبل، مثل سينطلق غداً.سب ( تَ) فْ+ عَ + ل + لاح ي نْ
أفعلُ+ يقترن بـ”أن” الخفيفة المصدرية، مثل: أريد أن تقرأسب ( أ أو ن ) + فْ + عَ + ل-ُ
يفعلِلُ+ يتصل بـ “إن” الخفيفة الشرطية، مثل: إن تفعل أفعلسب ( يُ أو تُ أو نُ أو أُ ) فَ+ عْ + لِ+ ل-ُ
يفعللان+ يتصل بنوني التوكيد الخفيفة والثقيلة بشروط مثل: يقرأَنْ، يقرأَنَّسب( يُ أو تُ ) فْ+ عَ + لِ+لَ+ لاح ان
يفعلِلْنيشترك مع الماضي بدخول (قد) و(لو)  وقد مع المضارع تفيد الشك والتقليلسب ( يُ أو تُ ) فَ+عْ+لِ + ل-ْ +لاح ن فعل ( مبني )  
تفعللون سب ( تُ أو يُ )فَ + عْ + ل-ِ + ل + لاح و ن أو ي ن
تفعلِلْن سب (تُ) فَ + عْ + ل-ِ+ ل-ْ + لاح نَ

3- فعل المستقبل (الأمر) ومحدّداته:

الأمر: وهو ما يُطلب به حصول شيء بعد زمن التكلم ([110]) مثل قوله تعالى: “اقرأ باسم ربك الذي خلق”([111]) وفاعله مستتر دائماً، وهو ضمير للمخاطب (أنتَ، أنتِ، أنتم، أنتما، أنتن) ويقدر الضمير حسب سياق الكلام. ويبنى الأمر على ما يجزم به مضارعه. محدّدات فعل الأمر: يُصاغ فعل الأمر من المضارع المعلوم بحذف حرف المضارعة من أوّله (وبعده متحرك) وزيادة همزة في أوله (وبعده ساكن)، وقطع الحركة من آخره إن كان صحيح الآخر، أو حذفها إن كان معتل الآخر. وهذا ما يمثله النموذج رقم (3).

صيغة الفعلالتوصيف اللغويالتوصيف الحاسوبيّ
افْعِلْ  + يقبل ياء المخاطبة مثل :  “فكلي واشربي وقري عيناً ” ([112])سب  (ا) ف-ْ + عَ + ل-ْ
افْعلا+ يقبل دخول نوني التوكيد الثقيلة والخفيفة من غير شرط أو تقييد مثل قوله تعالى: “واذكرنَ ما يتلى في بيوتكن”([113])سب  (ا) + ف-ْ + عَ + ل + لاح ( ا أو و أو ي )
افعلْنَ سب ( ا ) فْ + عَ + ل-ْ + لاح ( ن –َ )
فعْلِلْ فَ + عْ + ل-ِ + ل-ْ
فعْللا فَ + عْ + ل-ِ + ل + لاح ( ا )
فعْللوا فَ+ عْ + ل-ِ+ل + لاح (و) (ا)
فعْللي فَ + عْ + ل-ِ + ل + لاح (ي)
فعْلِلنَ فَ + عْ + ل-ِ + ل-ْ + لاح (ن-َ )
 صيغة الأمر من الثلاثي والمزيد  
فعِّلْ ف + ع + مق (–-ّ ) + ل-ْ
فاعلْ ف + مق ( ا ) + عِ + ل-ْ
انفعلْ سب( ا  ن-ْ ) + فَ + عِ + ل-ْ
افتعلْ سب ( ا ) + فْ + مق ( تَ ) + عِ + ل-ْ
تفعّلْ سب ( تَ ) فَ + ع + مق ( -ّ ) + ل-ْ
استفعلْ سب ( ا سْ تَ ) + فْ + عِ + ل-ْ
افعوعلْ سب ( ا ) + فْ + عَ + مق  ( و ) + عِ + ل-ْ
تفعللْ سب ( تَ ) + فَ + عْ + لَ + ل-ْ
افعوِّلْ سب ( ا ) + فْ + ع + مق  ( و –ّ )+ ل-ْ

      وتضاف لهذه الصيغ ما جاء على حرفين من أفعال الأمر أو على حرفٍ واحدٍ وهي محدودة ويمكن توصيف هذه الأفعال بالشكل الآتي:

فُ + خلا ( عل ) + ل-ْ = كلمة على وزن (فلْ) / حرف واحد مكسورمثل (عِ) وهو صيغة الأمر من المضارع (يعي) و ( رِ) صيغة الأمر من المضارع (يرى)

دلالة : خلا ( خالٍ ) ودلالة عل : ( حرف علة ) .

قاعدة:

      كلُّ علامتين من مُحدّدات الفعل إمّا أن يتفقا فيما يدلان عليه من معنى أو يختلفا اختلاف تضاد أو يختلفا دون تضاد، فإن اتفقتا فإنه يمتنع اجتماعهما في الفعل الواحد، مثاله (السين وسوف)، فإن كلاً منهما إذا اتصل بالفعل المضارع فإنه يدلُّ على الزمن المستقبل، وبالتالي لا يجوز أن يجتمعا.

وإنْ اختلفتا اختلاف تضاد فيمتنع اجتماعهما أيضاً، مثاله (تاء التأنيث وسوف)، فإن تاء التأنيث تدلُّ على الزمن الماضي لأنها لا تتصلُ إلا بالماضي من الأفعال وسوف تدل على المستقبل كما سبق، وبالتالي لا يجوز اجتماعهما. وأمَّا إنْ اختلفت العلامتان فيما تؤديانه من معنى دون تضاد بينهما فإنه يجوز اجتماعهما، مثاله (قد وتاء التأنيث)(1).

الفعل اللازم والمتعدي :

      يعدُّ هذا التقسيم للفعل من التقسيمات العسيرة في التوصيف الحاسوبيّ؛ والسبب في ذلك أنّ العلماء القدامى والمحدثين أجمعوا على عدم وجود حدودٍ خاصةٍ للفعل لهذين النوعين، فتُلخّص تعريفاتهم بأن المتعدي: “هو ما لا يكتفي بمرفوعه بل يتعدى إلى المفعول نحو ضربَ وأخذَ. واللازم: وهو ما يكتفي بمرفوعه نحو : قعد قام فرِح عظُم([114]). وهذا المُحدّد لا يكفي ليميزَ الحاسوبُ بين كلا النوعين.

      وبالرغم من هذا الوصف المحدود للفعل اللازم والمتعدي إلا أنّ علماء اللغة أجمعوا على أن الأفعال اللازمة، تدلّ على حدثٍ عارضٍ طارئٍ مثل ( فرِح، يفرَح )، أو غريزة أو ما يقرب منها (شجُع، حسُن) أو هيئة ( طال، قصُر) أو لون ( زرِق، دكِن ) أو عيب أو حُلية ( عوِر، غيدَ ) أو ما دلّ على نظافة أو دنس ( طهُر، قذُر ) خلوّ أو امتلاء ( فرَغ، شَبِعَ ) ([115]). ومثلَ هذا الوصف والحدّ للفعل اللازم لن يميزه الحاسوبُ، فكما ذكرنا مُسبقاً أن الحاسوب غير قادرٍ على فهم معنى الفعل والدلالة، إنما يجبُ أن تُعطى له محدّدات دقيقة ومحسوسة ليستجيب لأمر المستخدم.

        فبعدَ التدقيق والتطويل في القراءة في أمّات الكتب خلُصت إلى بعضِ المحدّداتِ التي تميّز اللازم من المتعدي. وقد وُضعت هذه المحدّدات بحذرٍ شديد تجنّباً من الوقوع بكلمة تخالف ذلك المُحدّد.

       ويجب التنبّه بأنّ ثمةَ أفعالاً تأتي لازمةً تارةً ومتعديةً تارةً أخرى، فيصعب ضبطها مثل (شكلَ: لازم بمعنى التبسَ، ومتعدٍ بمعنى قيّدَ)  (سفحَ: لازم بمعنى سالَ – ومتعد بمعنى أراقه).

* محدّدات الفعل المتعدي :

  + الفعل المتعدي يقبل دخول الضمائر ( هـ ، ي المتكلم ك )

ف-َ + عَ + لَ + لاح ( هـ، ي المتلكم، ك ) = فعل متعدي

    هناك أوزان يغلب عليها التعدية: ( فعّلَ، أفعل، فاعل، استفعل ) ولا حاجة هنا للتوصيف الحاسوبي لأنه سبق ووُصّف.

      أفعال متعدية لمفعولين وتُدخل كما هي في الحاسوب وهي:

* رأى  علم ـ وجد ـ درى ـ تعلم ـ ألفى . وهذه الأفعال تدل على اليقين .

      وتجدر الإشارة إلى أنّ الفعل (رأى) لا يتعدى لمفعولين دائما إنماً الشرط أن يكون دالاً على الرؤية القلبية . كقولنا : رأيت الصدقَ خيرَ وسيلةٍ للنجاح في الحياة .

                        رأى الطالبُ مدرستَه جميلةً .

      في المثال الثاني الفعل (رأى) تعني المشاهدةَ العينية لذا تعدّى لمفعولٍ واحدٍ (مدرسته).

  * ظنَّ ـ خالَ ـ حسبَ ـ زعمَ ـ عدَّ ـ حجا ـ هب وتسمى هذه أفعال الرجحان.

      النوع الثالث ويشمل الأفعال التالية:

*  صيّر ـ جعل ـ وهب ـ تخذ ـ اتخذ ـ  ترك ـ  رد. وهذا النوع يعرف بأفعال التحويل.

      والنوع الرابع :

* كسا، ألبس، سأل، أطعم، علّم، زوّد، سقى، أعطى.

      ولا علاقةَ للتوصيف الحاسوبي بتقسيم الأفعال التي تأخذ مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر، ومن الأفعال التي تأخذ مفعولين ليس أصلهما مبتدأً وخبراً. إنما كما ذُكر سابقاً تدخلُ هذه الأفعال كما هي مع احتمال وجود اللبس في بعض منها كما في الفعل رأى الذي أشرتُ إليه سابقاً، ولا مجال لفكّ هذا اللَّبس إلا بالرجوع للسياق.   

  • الأفعال التي تتعدّى لثلاثة مفاعيل وهي محدودة وتُضاف للأفعال السابقة.

               ( أرى ـ أعلم ـ حدَّث ـ نبَّأ ـ أنبأ ـ خبَّر ـ أخبر ) .

       * محدّدات الفعل اللازم

  • لا يقبل الفعل اللازم دخول الضمائر ( هـ، ي المتكلم، ك ).

-يأتي على أوزان مُحدّدة لا تأتي إلا لازمة وهي ( فَعُل “حسُن”، انفعلَ “انقسمَ”، تفعللَ “تدحرجَ”، افعلَّ “احمرَّ”، افعلَلَّ “اقشعرَّ”، افعنللَ “افرنقعَ”، افْعالَّ  “اخضارَّ”).

  • أوزان يغلبُ فيها اللزوم وهي ( تفعّل، تفاعلَ، افتعلَ ). وقد وُصفت هذه الأفعال مسبقاً في جداول صيغ الماضي والمضارع.

هذه المحدّدات التي استطعنا إثباتها على الأفعال اللازمة والمُتعدية .

* الفعل المبني للمعلوم وللمجهول:

      يُقسم الفعلُ من حيث  البناء لفاعله إلى: مبني للمعلوم ومبني للمجهول:

      و المبني للمعلوم: هو ما كان له فاعلٌ (ظاهر متصل، أو منفصل، أو مستتر).

      مثل: فَهِمَ الطالبُ الدَّرْسَ.

      الطالبُ فَهِمَ الدرسَ.

      الطلابُ فهموا الدرسَ.

والفعل المبني للمجهول: هو ما حُذف فاعله وأُنيب عنه غيره، مثل:  فُهِمَ الدرسُ.

      فقد آثرتُ هنا أنا أوصّف صيغ المبني للمجهول دون المعلوم؛ على أساس أي صيغة ترد على غير صيغة المبني للمجهول ستكون طبقاً لذلك مبنية للمعلوم. ويجب التنبّه إلى عدم وجود توصيف لغوي للمبني للمجهول، إذ يقتصرُ توصيفه على صيغه وأوزانِهِ.

      ويصرفُ الفعلُ الماضي المبني للمعلوم إلى الفعل المبني للمجهول بتغيّير صورته(1)  كما هو مبيّن في نموذج رقم (4):

صيغة الفعلالتوصيف الحاسوبي
فُعِلَفُُ + عِِ + لَ
يُفعَلُسب( يُُ) فْ+ عََ + لُُ
فُعِّلَفُ + عْ +مق -ِّ + لَ
فُوعِلَفُ+ مق (وْْ) + عِ + لََ
أفُعِلَسب ( أ ُُ )فْ + عِ + لَ
تُفُعِّلَسب ( تُ ) + فُ +عْ +مق-ِّ +لََ  
تُفوعِلسب ( تُ ) + فُ + مق ( وْ) + عِ + لََ
انفُعِلسب ( اُ ن ) + فُ + عِ+ لَ
افتُعِلسب ( ا ) + فْْ + مق ( تُُ ) + عِِ + لََ
استُفْعِلسب ( اُ سْ تُ ) + فْْ + ع ِِ + لَ
افعُوْعِلَسب (ا) + فْ + عُ + مق (و) + عِِ + لَ
يفعَّلُسب(يُ)+ فَ + عْ +مق ( -ّ )+ ل-ُ
يُفاعِلُسب ( يُ ) + فَ + مق ( ا ) + عِ + لُ
يُتَفعَّلُسب( يُ + تَ ) + فَ + عْ + مق(-ّ) ل-ُ
يُتَفاعلُسب( يُ + تَ ) + فَ + مق( ا ) + عَ + ل-ُ
يُنْفعلُسب (ي-ُ + ن-ْ) + فَ + عَ + لُُ
يُفْتَعَلُسب (ي-ُ) + ف-ْ + مق (تَ) + عََ + لُُ
يُستَفْعَلُسب (ي-ُ + سْ + تَ) + فْ + عَ + ل-ُ
يُفعَوعَلُسب (ي–ُ) + فْ + عَ + مق (وْ) + عَ + ل-ُ
يفعللُسب (ي-ُ او ت-ُ) + ف + عْْ + لِِ + ل-ُ
فُعْلِلَفُ + عْ + ل ِِ + ل-َ
تُفعلِلَسب (ت-ُ) + فُ + عْ + لِِ + ل-َ
يُتَفَعْلَلُسب (ي-ُ + ت-َ) + فَ + عْ + لَ + ل-ُ
يُفعللُّسب ( ي-ُ ) + فَ + عْ + ل-ِ + ل-ُ

      أفعال لا تُستعمل إلا بصيغة المبني للمجهول وهي (جُنَّ الليل/ أُولِع بالأمر/ زُهيَ عليه/ سُقط في يده/ أُغمي عليه).

      بذا تكون جُمعت كلّ صيغِ المبني المجهول، من المزيد والمجرد الماضي والمضارع، مع الإشارة إلى أنه لا يُصاغ فعلٌ مبني للمجهول من الأمر.

 * الفعل التام والناقص

الفعلالتام: الفعل الذي يرفعُ فاعلاً وينصب مفعولاً به وهو أكثر وروداً في اللغة العربية. 

الفعل الناقصُ: عُرّف بأنّه لا يكتفي بمرفوعه إنما يحتاجُ إلى خبر لتُفيد جملتها معنى تاماً – وإلا زال عنها صفة النقصان([116]).

وهي ( كان، أصبح، أضحى، أمسى، باتَ، صار، ظلَّ، ليس ) وهذه الفئة تعمل بلا شروط .

أما ( انفكّ، برحَ، زالَ، فتئ) فهذه الفئة لا تعمل إلا إذا تقدّمها نفيٌ، والفعل (دام ) لا يعمل إلا إذا تقدمه (ما) .

وتضاف لهذه الأفعال أفعالُ المقاربة وهي (كاد، أوشك، كرب)، والرجاء (عسى، حرى، اخلولق)، والشروع (شرع، بدأَ، طفِقَ، علِقَ، انبرى، أخذَ، قام، جعلَ، أنشأَ، هبَّ).

* مُحدّدات الفعل الناقص:

 لمحدودية هذه الأفعال تُدخل كما هي في الحاسوب، لكنْ ما سيواجه الحاسوب وهو ما سيواجهنا في التوصيف بأنَّ هذه الأفعال المذكورة مُسبقاً، تخرجُ عن كونها أفعالاً ناقصةً فتصبح تامةً، بمعنى أنها تأخذ فاعلاً وتكتفي به.

     فيمكنُ تحديدُ الأفعال الناقصة في حالةٍ واحدة وهي إذا جاءت الأفعال بمعانيها التي تحملُها وهي: – كان: تعني اتصاف المُخبرِ عنه بالخبر في الماضي.

       – أصبح – أضحى – ظلَّ – بات – أمسى – اتصافه بالخبر في الصبح والضحى والنهار والليل والمساء.

     – ليس: النفي

     –  ما زال – ما برح – ما انفكَّ – ما فتئ (هذه الأفعال تكون ناقصة بالمحدّد المذكور مسبقا) إذ يكون التوصيف الحاسوبي:

حرف نفي ( لا ) + زال أو برح أو انفكّ أو فتئ = فعل ناقص

– ما دام : لا يكون ناقصاً إلا إذا سبق بــ ( ما ) فيكون توصيفه:

الحرف ( ما ) + برح = فعل ناقص .

أمّا إذا جاءت الأفعال الناقصة  بغير دلالتها المذكورة سابقاً فستكون تامةً وهي على النحو الآتي:

  • كان : بمعنى جُعلت : حصل وحدث.
  • ظلَّ : بمعنى استمرّ      – بات : بمعنى نزل ليلاً          – أمسى : دخل في المساء

أصبح : دخل في الصباح   – أضحى : دخل في الضحى    – صار : انتقل

انفكّ : انفصل              – برح : ذهب                 – دام : بقيَ.

      هذه الأفعال ستُدخل للحاسوب على أنّها ناقصةٌ ولن يستطيعَ الحاسوب تمييز التام منها بناءً على معناها. لأن هذا الأمر يُوجب تعاضد كل المستويات اللغوية من نحوية وصرفية ودلالية وهذا ما لم يتحقق بعدُ.

      وبالنسبة لأفعال المقاربة والرجاء والشروع، فجميعها تشترك في صفةٍ واحدةٍ لتبقى أفعالاً ناقصةً، والصفةُ هي أنْ يكون خبرُها جملةً فعليةً مقترنةً بـ ( أنْ ) في بعضها وجوباً وبعضها جوازاً، لكن هذا الأمر ليس ذا أهميةٍ بالنسبة للتوصيف لأن الحاسوب لن يستطيعَ التعرف على خبرها للسبب الذي ذُكِر سابقاً.

*  محدّدات الصحة والاعتلال: 

ينقسم الفعل من حيث مبناه إلى صحيح ومعتل([117]).

فالفعل الصحيح: ما خلت أصوله من أحرف العلة([118]). وهو ثلاثة أقسام: سالم، ومهموز، ومضعّف.

الفعل الصحيح السالم: ما خلت أصوله من حروف العلّة والهمز والتضعيف.

ف – و     ع – و     ل – و   

ف – ي     ع – ي     ل – ي

ف – ء     ع – ء     ل – ء

ع≠ ل

مثل: درسَ، جلسَ.

الفعل الصحيح المهموز: ما كانت أحد أصوله همزة، سواء أكانت الهمزة فاء الفعل أم عينه أم لامه.

ف= ء  أو   ع= ء  أو   ل= ء

مثل: أكلَ، سألَ، قرأَ.

الفعل الصحيح المضعّف الثلاثي: ما كان عينه ولامه من لفظ واحد.

ع= ل

مثل: فَكَّ، مَرَّ.

الفعل الصحيح المضاعف: ما كانت فاؤه ولامه الأولى من لفظ واحد، وعينه ولامه الثانية من لفظ آخر.

(ف= ل) + (ع= ل2)

مثل: زلزل.

الفعل المعتل: هو ما كان أحد أصوله حرف علّة وَاواً أو ياءً.

ف= و أو ع= و أو ل= و

ف= ي أو ع= ي أو ل= ي


(1) وليد العناتي، خالد الجبر، دليل الباحث إلى اللسانيات الحاسوبية العربية، دار جرير للنشر والتوزيع، عمّان، 2007م، ص141.

([2])  صدر كتاب الحاسوب واللغة العربية سنة 1996، عن جامعة اليرموك- إربد ( الأردن ) .

([3]) نهاد الموسى، العربية نحو توصيف جديد في ضوْء اللسانيات الحاسوبية، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2000، ص45

([4] ) نهاد الموسى، العربية نحو توصيف جديد في ضوْء اللسانيات الحاسوبية، ص288.

(1) ولد عام 1941، في قرية البروة، شغل منصب رئيس رابطة الكتّاب والصحفيين الفلسطينيين، حاز على الكثير من المناصب والجوائز العالمية، وافته المنية عام 2008.

([6]) نعوم تشومسكي  1928عالم لغوي أميركي، درس اللسانيات والرياضيات، له مؤلفات عدة في اللسانيات وفروعها،  وأحدث مؤلفاته يتناول الدلالات في علاقتها بالتركيب 1992م· من أميز أفكاره النحو التوليدي.

(1) Hays, david  .G, (1967),  Introduction to Computational Linguistics, American Elsevier Publishing Company, Inc, New york, p 1 .

(2) Lawer, jhon & Dry, Helen, (1998), Using Computer In linguistics, first edition, Routledge. New york, 1 London, .

([9]) صالح بلعيد، دروس في اللسانيات التطبيقية، الجزائر، دار هومة، ص206. وانظر : نهاد الموسى ، العربية نحو توصيف جديد في ضوء اللسانيات الحاسوبية ص25.

(2) Lawer & Dry, Using Computer In linguistics.P1.  

(3) مازن الوعر، اللسانيات والعلم والتكنولوجيا… نحو تعريب موحد للسانيات التطبيقية العربية وبرمجتها في الحاسبات الإلكترونية. مجلة اللسان العربي، (1984) ع 22 الرباط، ص19.

(4) نهاد الموسى، العربية نحو توصيف جديد في ضوء اللسانيات الحاسوبية، ص57.

(1) محمد نعمان مراد، المعالجة الحاسوبية للغة العربية، ندوة الحاسبات واللغة العربية، الكويت، 1994 ص25.

(2) مازن الوعر، قضايا أساسية في علم اللسانيات الحديث، مدخل. دمشق، دار طلاس، ص415.

(3) نهاد الموسى، العربية: نحو توصيف جديد في ضوء اللسانيات الحاسوبية، ص53- 54.

(1) Butler, Christopher(1985), Computer In Linguistics, first Edition, Basil Blackwell Ltd. Oxford.U.K.P.35.3.

(2) محمود إسماعيل صيني، نحو معجم عربي للتطبيقات الحاسوبية، السجل العلمي لندوة استخدام اللغة العربية في تقنية المعلومات، مكتبة الملك عبد العزيز العامة، الرياض، (1992).

(3) ButlerK, Computer in Linguistics. P24-25.

([19]) مروان البواب، ومحمد حسان الطيان، أسلوب معالجة اللغة العربية في المعلوماتية ( الكلمة- الجملة) ضمن ندوة استخدام اللغة العربية في المعلوماتية، تونس، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم،(1996م)، ص25.

([20]) سمير استيتة، اللسانيات – المجال، والوظيفة، والمنهج، الأردن، إربد، عالم الكتب الحديث،(2005)، ص530-531.

(1) علي فرغلي، الإطار النظري للمعالجة الآلية للغة العربية، المؤتمر الثاني حول اللغويات الحسابية العربية، الكويت،1989م، ص323.

(2) انظر: عبد الرحمن الحاج صالح، منطق النحو العربي والعلاج الحاسوبي للغات، السجل العلمي لندوة استخدام اللغة العربية في تقنية المعلومات، مكتبة الملك عبد العزيز العامة، الرياض، مايو1992م، ص27.

(3) حسام الخطيب، العربية في عصر المعلوماتية، مجلة تعريب، ع15، يونيو1998م، ص77.

(4) البواب، والطيان، أسلوب معالجة اللغة العربية في المعلوماتية، ص25.

(1) يتميز هذا النظام في أنه يعتمد على استخدام قاموس صغير يحتوي على الأوزان الصرفية وجذر الكلمات فقط، كما يستطيع اكتشاف الأخطاء الهجائية وتصحيحها، والأخطاء الخاصة بعلامات الشكل، ولمزيد من التفاصيل، انظر : نادية حجازي، عبد الفتاح الشرقاوي، معالجة اللغة العربية الطبيعية آليا، وقائع مختارة من ندوة استخدام اللغة في الحاسب الآلي، دار الرازي، لبنان،ط1،1998، ص60.

(2) نهاد الموسى، ص34-52.

(1) نشر ضمن (السجل العلمي لندوة استخدام اللغة العربية في تقنية المعلومات) مطبوعات مكتبة الملك عبد العزيز العامة، الرياض،1992 ص27-42. وللدكتور نهاد الموسى تعليق موجز عليه أورده في كتابه، العربية  نحو توصيف جديد…، ص39-40.

(2) نشر ضمن (الموسم الثقافي الرابع عشر لمجمع اللغة العربية الأردني). وانظر تعليق الدكتور نهاد الموسى عليه في كتابه: العربية – نحو توصيف جديد…، 1996م، ص 43، 49.

(3) نشر أولاً ضمن (السجل العلمي لندوة استخدام اللغة العربية في تقنية المعلومات) ص 243-286، ثم نشر ثانياً ضمن كتابه : دراسات نحوية ودلالية وفلسفية في ضوء اللسانيات المعاصرة، دمشق، 2002م،  ص 134-178.

(1) عُرضَ البحثُ في مجلّةِ مجمعِ اللّغةِ العربيّةِ الأردنيِّ، م17، ع44، 1993.

([31]) أحلام الزبن، “توصيف النحو العربي في ضوء اللسانيات الحاسوبية ” الفعل الماضي نموذجا”، رسالة ماجستير، إشراف د. عيسى برهومة، الجامعة الهاشمية، الزرقاء، الأردن، 2008م .

([32]) انظر: نبيل علي، اللغة العربية والحاسوب، ص 406-419، مراد عبد الرحمن مبروك، أثر التقنيات المعلوماتية في لسانيات النص، المجلة العربية للعلوم الإنسانية – جامعة الكويت – العدد 60، السنة 15، 1997م،  ص57 – 59.

([33]) انظر: حسام الخطيب، العربية في عصر المعلوماتية، تحدّيات عاصفة ومواجهة متواضعة، ص83. وانظر: اللغة العربية والحاسوب لنبيل علي، ص245.

([34] ) وليد العناتي، خالد الجبر، دليل الباحث إلى اللسانيات الحاسوبية العربية،ص12

([35])  الطيان، أسلوب معالجة اللغة العربية في المعلوماتية ، ص360.

([36]) صلاح الدين صالح حسنين- الفعل العربي وطرق معالجته بالحاسب الآلي، مجلة الفيصل (الرياض) مجلد7، العدد74، 1983م، ص288.

([37])  انظر: عيسى برهومة- مقدّمة في اللّسانيّات، دائرة المكتبة الوطنية، عمان، 2005، ص22.

([38]) عيسى برهومة- مقدمة في اللسانيات، ص23. وانظر: نهاد الموسى- العربية: نحو توصيف جديد في ضوء اللسانيات الحاسوبية،ص67.

([39]) سمير استيتيّة- اللّسانيّات “المجال والوظيفة والمنهج”، ص547- 549. بتصرف

(1) المنصف عاشور،  بنية الجملة العربية بين التحليل والتنظير، جامعة تونس: منشورات كلية الآداب،1992، ص17.

(2) كمال قادري، التركيب النحوي في الآيات المدنية في القرآن الكريم، رسالة ماجستير، منشورات جامعة حلب ص7. انظر، ابن هشام، عبدالله جمال الدين، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، ج2، تح: محمد محيي الدين عبد الحميد، القاهرة، مطبعة المدني،1987، ص374

(1) كمال قادري، التركيب النحوي في الآيات المدنية في القرآن الكريم، ص8

(2) المنصف عاشور، بنية الجملة العربيّة بين التحليل والنظرية، ص17

(1) سيبويه، أبو بشر عمرو بن عثمان(ت 180هـ)، الكتاب، تحقيق عبد السلام هارون، (ط3)، القاهرة، مكتبة الخانجي،1/23.

(2) كمال قادري، التركيب النحوي في الآيات المدنية، ص5، انفرد ابن هشام بتناول الجملة بأنواعها، وإدراكه لطبيعة الجملة العربية، فقد حدد أقسامها وأنواعها، انظر : مغني اللبيب، 374:2.

(3) محمود فهمي حجازي، مدخل إلى علم اللغة، دار قباء، القاهرة، 1998م، ص107.

([47])  نبيل علي، اللغة العربية والحاسوب، ص361.

([48]) نبيل علي، نادية حجازي، الفجوة الرقمية رؤية عربية لمجتمع المعرفة، سلسلة عالم المعرفة، : المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، العدد14.  الكويت2005، ص318.

([49]) عمر عكاشة، النحو الغائب – دعوة إلى توصيف جديد لنحو اللغة العربية في مقتضى تعليمها لغير الناطقين بها، المؤسسة العربية للدراسات، بيروت، 2003م، ص123.

([50]) عاشور، بنية الجملة العربية بين التحليل والتنظير، ص36.

([51]) عاشور، المرجع السابق، ص41.

([52]) حلمي خليل، مقدمة لدراسة علم اللغة العام، دراسة في الفكر اللغوي العربي الحديث، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 1988، ص125.

([53]) عاشور، المرجع السابق، ص43.

([54]) فوزي حسن الشايب، محاضرات في اللسانيات، ط1، وزارة الثّقافة، الأردن، 1999م. ص355- ص356

([55]) صالح البكوش، صالح الماجري، الكلمة في النحو العربي وفي اللسانيات الحديثة، دار الجنوب، تونس1993، ص72.

([56] )  نبيل علي، اللغة العربية والحاسوب، ص359.

([57]) خليل، مقدمة في علم اللغة، ص130.

([58]) نبيل علي، اللغة العربية والحاسوب، ص334

([59]) عبد القادر الفاسي الفهري، المعجم العربي، نماذج تحليلية جديدة، دار توبقال (1999). ص15

([60]) نبيل علي، اللغة العربية والحاسوب، ص382.

([61]) مازن الوعر، قضايا أساسية في علم اللسانيات الحديث، 426.

([62]) محمد علي الزركان، اللغة العربية والحاسوب، السجل العلمي لندوة استخدام اللغة العربية في تقنية المعلومات، مكتبة الملك عبد العزيز العامة، الرياض، (1992). ص294.

([63]) نبيل علي، اللغة العربية والحاسوب، ص294.

([64]) المرجع نفسه، ص295

([65]) محمد الحنّاش، نظرية حاسوب – لسانية لبناء المعاجم الآلية للغة العربية – محاولة في التأصيل، السجل العلمي لندوة استخدام اللغة العربية في تقنية المعلومات، مكتبة الملك عبد العزيز العامة، الرياض، 1992، ص294.

([66]) تناول الدكتور نهاد الموسى قضية تمثيل المعجم حاسوبياً بتفصيل وافٍ، انظر كتابه: العربية نحو توصيف جديد، ص247.

([67]) نبيل علي، اللغة العربية والحاسوب، ص82.

([68]) محمد نعمان مراد، هــل يمكن تطويـــع الحاســـوب ليفهم لغـــة البشـــر؟  ندوة الحاسبات واللغة العربية، العراق، 1994، ص55.

([69]) موقع شبكة صخر، برمجة الحرف العربي،.sakhr.com  www، بتصرف.

(1) نبيل علي، المنظور اللغوي، النشر الإلكتروني، مجلة الصباح، شهرية ثقافية مصورة تأسست عام 1958 تصدرها وزارة الإعلام بدولة الكويت، ص35.

([71]) السّرقسطيّ، أبو عثمان سعيد بن محمّد (ت 400 هـ)- كتاب الأفعال، تحقيق: محمّد شرف، مراجعة: محمّد مهدي علام، مجمع اللّغة العربيّة، القاهرة، 1978م، ص55.

([72]) ابن القوطية، أبو بكر محمد بن عمر الأندلسي (367 هـ) – كتاب الأفعال، تحقيق: علي فودة، ط2، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1993م. ص18.

(1) إبراهيم السامرائي، الفعل زمانه وأبنيته، ط3، مؤسسة الرسالة، بيروت،1983 ص15. بتصرف.   

(2) سيبويه، الكتاب 1/12.

(1) الزجاجيّ، أبو القاسم عبد الرّحمن بن إسحق (ت 337هـ)- الجمل في النحو ط1، تحقيق: علي توفيق الحمد، مؤسّسة الرسالة، بيروت، 1984م ص1.

(2) انظر: الزجاجي، الايضاح في علل النحو، تحقيق: مازن المبارك، ط3، دار النفائس للنّشر والتّوزيع، بيروت، 1996م. ص 52.

(3) الزجاجي، الجمل في النحو، ص 53.

([78]) الزجاجي، الإيضاح في علل النحو، ص 53.

([79]) ابن السّرّاج، محمّد بن سهل (ت 316 هـ)- الأصول في النّحو، ط3، تحقيق: عبد الحسين الفتليّ، مؤسّسة الرّسالة بيروت، 1987م.ج1/38.

([80]) أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي، (التعليقة على كتاب سيبويه) تحقيق عوض بن حمد القوزي، القاهرة، (1990)  ج1/ 16.

([81]) الزّمخشريّ، أبو القاسم جار الله محمود بن عمر (ت 538 هـ)- المفصّل، ط1، قدّم له: عزّ الدّين السّعديّ، دار إحياء العلوم، بيروت، 1990م، ص251.

([82])  ابن يعيش، موفّق الدّين أبو البقاء يعيش بن علي (ت 643 هـ)- شرح المفصّل، ط1، تحقيق: إميل يعقوب، دار الكتب العلميّة، بيروت، 2001م.ج4/204.

(1) السرقسطي: 1/54، وترتيب سيبويه ( 4/431) هو (ء-  أ- هـ – ع- ح- غ- خ – ك – ق – ض – ج – ش – ي – ل – ر – ن – ط – د – ت – ص – ز – س – ظ – ذ – ث – ف – ب – م – و ).

(2) انظر: السرقسطي، مقدمة المحقق: ص26-27، وأحمد مختار عمر، معاجم الأبنية في اللغة العربية، ص168-170.

(1) ابن خلكان، أبو العباس أحمد بن محمد الإربلي(ت681هـ)، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، مطبعة بولاق، القاهرة، 1981، 13/323.

(2) ابن القطّاع، أبو القاسم عليّ بن جعفر (ت 515 هـ)- كتاب الأفعال، عالم الكتب، بيروت، 1983م، 1/807.

([87]) ابن مالك، محمّد بن عبدالله (ت 672 هـ)- متنُ الألفيّة، د.ط، تحقيق: محمّد كامل بركات، دار الكاتب العربيّ، مؤسسة الثّقافة، القاهرة، 1967م. ص5.

([88]) الموصليّ، عبد العزيز بن جمعة (ت 627 هـ)- شرح ألفيّة ابن معط، ط1، تحقيق: علي الشّومليّ، مكتبة الخريجيّ، الرّياض، 1985م، ج1/311 .

([89]) الكفراويّ، حسين بن علي (ت 1202 هـ)- شرح متن الآجروميّة لابن آجروم (ت 723 هـ)، د.ط، تحقيق: مازن ابن سالم باوزير، مكتبة الملك فهد الوطنيّة، الرّياض، 1418هـ. ص30 .

([90]) الأزهريّ، خالد بن عبدالله (ت 905 هـ)- شرح التّصريح على التّوضيح، ط1، تحقيق: محمّد باسل عيون السّود، دار الكتب العلميّة، بيروت، 2000م، ج1/34.

([91]) نصَّ على هذا السرقسطي في مقدمة كتاب الأفعال 1/25، وابن القطاع في مقدمة كتاب الأفعال 1/8، والقول بأن الأفعال أصل المشتقات هو مذهب الكوفيين، والبصريون على أن المصدر هو أصل المشتقات، وهذه من أشهر مسائل الخلاف بين المدرستين.

([92]) طبع في بيروت 1983م (ط ثانية ).

([93]) طبع في جده 1986م، في ثلاثة أجزاء.

([94]) نشر في عمَّان 1986م.

([95]) طبع في دار المريخ بالرياض 1988م.

(1) البواب، مروان، محمد الطيان- نظام الاشتقاق والتصريف في اللغة العربية، ندوة استخدام اللغة العربية في المعلوماتية، تونس، المنظمة العربية للتربية والثقافة 1996، ص8

([97]) البواب، مروان، محمد الطبان، المرجع السابق، ص11

(1) دراسة قُدّمت ضمن أعمال ندوة في مجمع اللغة العربيّة الأردنيّ، لعام 2007، برعاية دار حوسبة النص العربي.

([99])  محمد زكي خضر، مشروع قواعد بيانات حاسوبية للقرآن الكريم، (مداد البيان)، مجمع اللغة العربيّة الأردني، عمّان، 2007، ص23.

([100]) تمّام حسّان- الأصول: دراسة إيبستمولوجية لأصول الفكر اللغوي العربي، د.ط، دار الثّقافة، الدّار البيضاء، 1991م.

ص6. بتصرّف.

 ([101])  تمّام حسّان، اللّغة العربيّة معناها ومبناها، ط5، عالم الكتب، القاهرة، 2006م، ص104 .

 ([102])  تمّام حسّان، الخلاصة النحوية، ط1، عالم الكتب، 2000، ص61، بتصرّف.

(1) تمّام حسان، الخلاصة النحوية، ص63.

([104]) انظر: نهاد الموسى- العربية: نحو توصيف جديد في ضوء اللسانيات الحاسوبية، ص61 وما بعدها.

(1) مصطفى الغلاييني- جامع الدروس العربية، ضبطَه وخرّجَ آياتِه وشواهده الشعرية: عبد المنعم خليل إبراهيم، ط5، دار الكتب العلمية، 2004م. ص10.

(2) البطليوسيّ، عبدالله بن السّيّد (ت 521 هـ)- إصلاح الخلل الواقع في الجمل للزّجاجيّ، ط1، تحقيق: حمزة عبدالله النّشتريّ، دار المرّيخ، الرّياض، 1979م. ص22.

(3) ابن مالك، محمّد بن عبدالله (ت 672 هـ)- متنُ الألفيّة، ص5.

([105]) سورة ص، آية 3.

(1) سورة العلق، آية 15.

(2) سورة الأعراف، آية 88.

 

([106]) البطليوسي، إصلاح الخلل، ص21

(1) البطليوسيّ- إصلاح الخلل، ص22.

(2) ابن جنّيّ، أبو الفتح عثمان (ت 392 هـ)- اللّمع، د.ط، تحقيق: فائز فارس، دار الكتب الثّقافيّة، الكويت، د.ت، ص7- 8.

(3) الموصليّ- شرح ألفيّة ابن معط، ج1، ص311.

(1) الكفراويّ- شرح متن الآجروميّة، ص30.

(2) سورة الأنعام، آية 30.

(3) سورة الكهف، آية 23.

(4) السّيوطيّ، أبو الفضل عبد الرّحمن جلال الدّين بن أبي بكر (ت 911 هـ)- الأشباه والنّظائر في النّحو، تحقيق: عبد العال سالم مكرم، ط3، عالم الكتب، القاهرة، 2003، ص19.

* إشارة ( + ) تعني قبول الفعل لهذا المحدّد وإشارة ( – ) تعني العكس .  

(1) الحملاويّ، أحمد بن محمّد بن أحمد (ت 1351 هـ)- شذا العرف في فنّ الصّرف، شرحه: عبد الحميد هنداوي، ط1، دار الكتب العلميّة، بيروت، 1998م. ص24

(1) مصطفى الغلاييني- جامع الدروس العربية، ج1، ص24.

(2) انظر: الموصلي- شرح ألفية ابن معط، ج2، ص212.

(3) انظر: الأستراباذيّ، نجم الدّين محمّد بن الحسن (ت 686 هـ)- شرح كافيّة ابن الحاجب (ت 646 هـ)، تحقيق: حسن بن محمّد بن إبراهيم الحفظي، ويحيى بشير مصريّ، جامعة الملك سعود، الرّياض، 1993م. ج4، ص11.

([110]) الحملاوي- شذا العرف في فن الصرف، ص25.

([111]) سورة العلق، آية 1.

([112]) سورة مريم، آية 26.

([113]) سورة الأحزاب آية 34.

(1) السيوطي- الأشباه والنظائر، ج3، ص21.

([114]) السامرائي، الفعل زمانه وأبنيته، ص82 .

([115]) أنطوان الدحداح- معجم تصريف الأفعال العربية، ط3، مكتبة لبنان ناشرون، بيروت، 1996م ص 119 .

(1)انظر: أنطوان الدحداح- معجم تصريف الأفعال العربية، ص19.

([116]) الدحداح، معجم قواعد اللغة العربية في جداول ولوحات، ص 163.

 

([117])  انظر: مروان البواب وآخرين- إحصاء الأفعال العربية في المعجم الحاسوبي، ص11- 12.

 

([118]) أنطوان الدحداح- معجم تصريف الأفعال العربية، ص11.

0 Reviews

Write a Review

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى