مقالات في اللسانيات الحاسوبية

اللغة العربية والحاسوب نبذة تاريخية

د. عبدالعزيز بن عبدالله المهيوبي

اخترع الإنسان الحاسوب في عام 1943م ثم مرَّ بمراحل تطور عديدة منذ ظهور الجيل الأول للحواسيب التي استخدمتْ للأغراض العامة في عام 1953م حتى ظهور الجيل الخامس منه عام 1991م الذي وُصِفَ بأنه جيل الذكاء الاصطناعي. “أما بدء استخدام الحاسوب في دراسة اللغات الطبيعيَّة فلم يحدث دفعة واحدة، بل كان نتيجة لمحاولات متقدمة، وعلى مراحل زمنية مختلفة، وفي دول متعددة”[1].

وقد كانت الدراسات الإحصائية منطلقًا لإخضاع تقنيات الحاسوب للغة العربية، “حيث صدرت الدراسة الإحصائية للجذور الثلاثية وغير الثلاثية لمعجم الصحاح في عام 1971م، عندما استعان الدكتور (إبراهيم أنيس: ت 1977م) بالحاسوب في إحصاء الحروف الأصلية لمواد اللغة العربية…، وتبع هذا العمل صدور دراسة إحصائية أخرى في عام 1972م لجذور لسان العرب، ودراسة ثالثة لإحصاء جذور معجم تاج العروس”[2].

وكان من أبرز روّاد تقنية المعلومات في الوطن العربي، العالم اللغوي الحاسوبي (نبيل علي: ت 2016م 1437هـ) فقد كان أول عالم عربي يُخضع الحرف العربي للمعالجة الحاسوبية، فصمَّم العديد من البرامج الحاسوبية، وأشرف على عدد من المشاريع والبحوث في حوسبة اللغة العربية لمنظمات عربية وإقليمية. وألَّف (نبيل علي) أوَّل كتبه (اللغة العربية والحاسوب) في عام 1988م، والذي يُعدُّ مرجعًا مهمًا في حوسبة اللغة العربية، حيث سعى في كتابه إلى عرض بعض الجوانب الأساسية لعلاقة اللغة العربية بالحاسوب، وذلك في محاولة لإبراز أهمية هذه القضية بصورة تفرض أقصى درجات الاهتمام، وتجعلها في مقدمة الأولويات لإعداد مجتمعاتنا العربية لمجتمع المعلومات.

ويعد كتاب (عبد ذياب العجيلي) الذي صدر في عام 1996م محاولة جادة لمعالجة اللغة العربية بوساطة الحاسوب باستخدام أساسيات الذكاء الاصطناعي، فناقش (العجيلي) نماذج متعددة من اللغة العربية بهدف وضع الأسس الرئيسة لتخاطب ممكن بين الإنسان والحاسوب. وفي عام 2000م حاول الدكتور (نهاد الموسى) أن يتجاوز التوصيف التقليدي لقواعد اللغة العربية من خلال كتابه (العربية نحو توصيف جديد في ضوء اللسانيات الحاسوبية) إلى استقراء المعطيات المدرَكَة بالحدس لدى العربي البالغ من العلم بالعربية حدَّ الكفاية. ثمَّ ألَّف (رأفت الكمار) كتابه (الحاسوب وميكنة اللغة العربية) في عام 2007م حيث عرض لمعالجة اللغة العربية حاسوبيًا للوصول إلى منظومة رئيسة وعامة لها لميكنتها.

ويُعد كتاب (المعالجة الآلية للغة العربية: المشاكل والحلول) للدكتورة (سلوى السيد حمادة) أول كتاب لباحثة عربية في مجال اللسانيات الحاسوبية. وقد أشارت الباحثة أن كتابها الذي صدر عام 2009م ما هو إلا خطوة على طريق البحوث الرامية إلى إنجاز محلل صرفي مفتوح المصدر للغة العربية. وترجمت الدكتورة (هند الخليفة) في عام 2013م كتاب (مقدمة في المعالجة الطبيعية للغة العربية) للدكتور (نزار حبش) الذي اعتمد فيه بشكل عام على قواعد وأسس معالجة اللغة الإنجليزية حاسوبيًا مع محاولة مقاربة اللغة العربية انطلاقًا من الإنجليزية. وفي عام 2015م أصدر الدكتور (عصام محمود) كتابه (اللسانيات الحاسوبية العربية) محاكاة لكتب سابقة تحدثت عن حوسبة اللغة العربية، غير أنَّه لم يأتِ بجديد يُذكر سوى إعادة ما صاغه سابقوه. وفي العام نفسه ألفت الدكتورة (سناء منعم) كتابها (اللسانيات الحاسوبية والترجمة الآلية: بعض الثوابت النظرية والإجرائية) بهدف تعزيز ثوابت الترجمة الآلية في الوطن العربي.

وفي عام 2016م صدر كتاب آخر للدكتورة (سلوى السيد حمادة) عنوانه (المعالجة الآلية للغة العربية: النظرية والتطبيق) فجاء متمِّمًا للكتاب الأول، عرضت الباحثة فيه بعض التطبيقات العملية في مجال المعالجة الآلية للغة العربية. وفي العام نفسه ترجم الدكتور (سلطان المجيول) كتاب (لغويات المدونات الحاسوبية: المنهج والنظرية والتطبيق) من تأليف (Andrew Hardie, Tony McEnery) بهدف التعريف بعلم جديد هو (لغويات المدونة الحاسوبية). وفي العام نفسه كذلك ألَّف الأستاذ الدكتور (عصام الدين أبو زلال) كتابه الموسوم بـ(مقدمة في علم اللغة الحاسوبي) الذي ضمَّ بين دفتيه فصلا عن علم اللغة الحاسوبي، من حيث التعريف والمصطلح والأسس، ثم فصلا عن الجهود في حوسبة اللغة. كما أصدر مركز الملك عبدالله بن عبد العزيز الدولي لخدمة اللغة العربية كتاب (تقنيات اللغة العربية الحاسوبية) قدَّم مؤلفه الدكتور (عمرو جمعة) منهجًا لغويًا لتقييم التقنيات اللغوية الحاسوبية التي تعالج اللغة العربية من خلال عدد من المعايير اللغوية.

وفي عام 2017م أصدر المركز كتابًا آخر عن حوسبة اللغة العربية، هو كتاب (مدخل إلى اللسانيات الحاسوبية) قدَّم الباحثون من خلاله تعريفًا لعدد من مجالات اللسانيات الحاسوبية، وهي: الصوتيات الحاسوبية، والتحليل الصرفي والنحوي والدلالي، وتحليل النصوص، والتدقيق الإملائي.

[1] عبد الرحمن حسن العارف، “توظيف اللسانيات الحاسوبية في خدمة الدراسات اللغوية العربية – جهود ونتائج“، مجلة مجمع اللغة العربية الأردني، العدد 73، 2007م ، ص48.

[2] يُنظر: المرجع السابق، ص50-51.

0 Reviews

Write a Review

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى