بحوث في اللسانيات الحاسوبية

قوانين ظاهرة المماثلة الصوتية في اللغة العربية دراسة لغوية حاسوبية (صيغة الافتعال أنموذجا)

د. عبدالعزيز بن عبدالله المهيوبي

ملخص الدراسة:

حاولت هذه الدراسة تسليط الضوء على ظاهرة من أهم الظواهر الصوتية في اللغة العربية، وهي ظاهرة المماثلة الصوتية، ووصف ما يجري في البنية الصرفية من تحولات صوتية، وتوصيفها، وتقديم ترميز لغوي مقترحة يضبط تلك التحولات. وتطمح الدراسة عند معالجتها لظاهرة المماثلة الصوتية في صيغة الافتعال إلى تقديم نموذج يصلح أنْ يكون أساسًا لمعالجة التغيرات الصوتية في كلمات اللغة العربية وتراكيبها. كما يسعى الباحث إلى وضع أساس علمي، يُمْكِنُ للباحثين اللغويين والحاسوبيين الارتكاز عليه لبناء مشروع متكامل لحوسبة اللغة العربية.

وقد تمكن الباحث من ترميز قواعد ظاهرة المماثلة الصوتية في باب الافتعال، ولعل من أهم النتائج التي توصلت إليه الدراسة أن هناك وضوحاً واطِّرادًا في قوانين المماثلة الصوتية في باب الافتعال، كما أظهرت نتائج الدراسة أنَّ هناك الكثير من التغيرات الصوتية التي تطرأ على كلمات اللغة العربية عند اشتقاقها، وهذا يستوجب توصيفها حاسوبياً بشكل دقيق يستنفذ كل الإشكاليات التي تواجهنا عند الحوسبة.

الكلمات المفتاحية: المماثلة الصوتية، حوسبة، صيغة الافتعال، الترميز اللغوي

  Abstract

This study tries to shed light on one of the most important Phenomena in the Arabic Language; i.e. The phonetic similarity. The study also tries to describe what happens to the morphological structure, e.g. the phonetic changes and applying them and giving them linguistic symbols that can control these changes. In dealing with the Phenomenon phonetic similarity in the form of “al-ifti’al”, the study aims to present an example that can be a foundation in dealing with the phonetic changes. The researcher aims to put an academic foundation that the linguists and computer scientists depend upon in making a complete project for computerizing the Arabic Language. The researcher could put rules for using the symbols for the Phenomenon of phonetic similarity in section of “al-ifti’al”.

Among the main results of the study is the existence of clearness and steadily in the laws of phonetic similarity in the section of “al-ifti’al”.

The study concluded that there are many changes that happens to the Arabic words in case of derivation. This entails describing them by computer accurately in the way that can solve all the problems that may face us in computing them.

The Key words: the phonetic similarity, computing, form of “al-ifti’al”,  and linguistic symbols:

المقدمة:

حظيت اللغة العربية في العصر الحديث بالكثير من الدراسات والتطبيقات الحاسوبية التي حاولت تطويع الآلة لتكون قادرةً على استقبال اللغة وفهمها وإنتاجها، غير أننا إذا نظرنا في تلك الدراسات وجدناها تركز على الجوانب الصرفية والنحوية، وتهمل الجانبين الصوتي والدلالي للغة، مما جعلهما في حاجة إلى المزيد من الدراسة والبحث.

وقد شهدت الدراسات اللغوية في العصر الحديث تطورا كبيرًا مع بدايات ظهور اللسانيات الحديثة التي أسسها دي سوسير (ت 1916م) من خلال دروسه التي جمعها تلاميذه بعد وفاته، ثم تطور البحث اللغوي بشكل مثير على يد عدد من علماء اللغة أمثال سابير (ت 1939م) وفيرث (ت 1960م) وتشومسكي وغيرهم. إذ أعادوا النظر في كثير من المفاهيم والمسلمات التي كانت سائدة في دراسة اللغة. والمستوى الصوتي للغات الطبيعية هو أحد المستويات اللغوية المهمة والأساسية في الدراسات اللسانية الحديثة. فحظي هذا المستوى بدراسات كثيرة وفحص دقيق وتحليل عميق.

“فالدرس الصوتي الذي أسَّسه الخليل بن أحمد (ت 170هـ) وسيلة لإنشاء معجمه، صار وسيلة لفهم التغيرات الصوتية كالإدغام والإبدال ونحوهما عند تلميذه سيبويه (ت 180هـ) …، كما حَظِيَ باهتمام البلاغيين ودارسي الإعجاز والحكماء والفلاسفة” (قدورة، 2008م، ص69).

ونظرًا للعلاقة الوثيقة التي تربط المستوى الصرفي بالصوتي أصبحت الدراسة الصوتية لعلم الصرف ضرورية جدًا، فالصرف باعتباره ذلك الفرع من علم اللغة الذي يُعنى ببنية الكلمة وهيئتها وما يطرأ عليها من زيادة وصحة وإعلال وإبدال ونحو ذلك، يعتمد على مرجعية صوتية، وهذا لأن التغيرات التي تطرأ على بنية الكلمة ليست عشوائية، وإنما تخضع لقواعد وقوانين دقيقة تهدف إلى التخفيف، وتجنب الثقل أثناء النطق (عبابو، 2008م، ص22)

كما تعد الأصوات في اللغات الطبيعية المادة الأساسية للبناء اللغوي بكلماته وتراكيبه، وإن كثيرًا من تقليبات الألفاظ تقوم على أنساق صوتية محددة، لأجل هذا ذهبت الدراسات اللغوية الحديثة إلى أن المستويات اللغوية كالمستوى الصرفي لا يمكن فهمها حق الفهم بمعزل عن المستوى الصوتي، كما أن أي دراسة صرفية حاسوبية لا تأخذ في حسبانها الجانب الصوتي مصيرها الفشل. وقد أوضحت الدراسات اللسانية الحديثة أن دراسة الأصوات تُمثِّلُ أوّل خطوة في أية دراسة لغوية، لأنها تتناول الصوت باعتباره المادة الخام للكلام الإنساني (دافيد كريستال، 1999م، ص98)

أهمية الدراسة:

تأتي أهمية هذه الدراسة كونها تسلط الضوء على ظاهرة المماثلة الصوتية، وهي ظاهرة تقع في باب الافتعال في اللغة العربية بصورة قياسية مطَّردة، والاطّراد في الضوابط والقواعد نجده واضحاً في صرف العربية وأصواتها، خلافاً لما عليه الحال في الكثير من اللغات الأخرى. أما الشاذ والنادر والغريب، فقلته تسمح بمعالجته آلياً بجدوى عالية جداً.

كما تُعَدُّ معالجة التغيرات الصوتية التي تطرأ على كلمات اللغة العربية آليًا مطلبًا مهمًا لحوسبة عمليات توليد كلمات اللغة وتحليلها. فنجاحنا في ميكنة نظم اللغة العربية، يتوقف بالدرجة الأولى على ما نستطيع أن نحققه في المستويين الصوتي والصرفي.

مما سبق ذكره تتضح أهمية دراستنا الموسومة بـ” قوانين ظاهرة المماثلة الصوتية في اللغة العربية دراسة لغوية حاسوبية، صيغة الافتعال أنموذجا” في إمكانية الإفادة منها في جوانب عدة تفيد الباحثين؛ حيث يتطلّع الباحث إلى أن تكون – بمشيئة الله – إضافة جديدة للدراسات اللسانية الحاسوبية العربية المتعلقة بموضوع حوسبة التغيرات الصوتية، وقد تكون من الدراسات الأولى التي تتناول ترميز ظاهرة المماثلة الصوتية في اللغة العربية.

إنَّ توصيف الظواهر الصوتية التي تحدث للكلمة، وترميزها، وبناء أنظمة تضبط التغيرات الصوتية، يمنح الحاسوب قدرة ذهنية مشابهة لتلك القدرة التي لدى الإنسان. ولتحقيق تلك القدرة الذهنية، أو الكفاية اللغوية الحاسوبية، نحتاج إلى بناء ترميز لغوي يفهمه الحاسوب لكل تغير صوتي يحدث عند بناء الكلمة.

أسباب اختيار الموضوع:

قلة الأبحاث المتخصصة في حوسبة المستوى الصرفي، والتي -إن وُجِدت- لا تعدو أن تكون دراسات نظرية تفتقر إلى التطبيق.

مشكلة الدراسة:

إن من أهم المشكلات التي تواجه تطويع التقنيات الحديثة لمعالجة اللغة العربية آليًا في المستويين الصرفي والصوتي هي تلك التغيرات الصوتية التي تحدث لبنية الكلمة، ومرجع ذلك “تعقّد عمليات الإعلال والإبدال وتداخلهما؛ بما يُؤدي إلى أعباء إضافية في ردِّ الفرع إلى الأصل، وذلك في طور التحليل، والعدول عن الأصل إلى الفرع في طور التركيب أو التوليد” (علي، 1988م، ص298)

أسئلة الدراسة:

تحاول الدراسة الإجابة عن السؤال الآتي:

كيف يمكننا بناء ترميز لغوي حاسوبي لقواعد ظاهرة المماثلة الصوتية في اللغة العربية؟

ويتفرع عن هذا السؤال:

ما آلية تصنيف قوانين ظاهرة المماثلة الصوتية؛ لضبط ما يطرأ على العناصر المكونة للكلمة المفردة من تغيير في أصواتها؟

كيف سيتم توصيف تلك القوانين الصوتية، وترميزها بصورة يفهمها الحاسوب؟

أهداف الدراسة:

تهدف هذه الدراسة إلى استقراء ظاهرة المماثلة الصوتية في الصرف العربي، فالعلاقة في بناء الكلمة في اللغة العربية عميقة بين الإجراءات الصرفية والتغيرات الصوتية. وقد سعى الباحث إلى تحقيق الأهداف التالية:

1- التعريف بمفهوم المماثلة الصوتية، وبيان أنواعها.

2- حصر التغيرات الصوتية (المماثلة) التي تطرأ على صيغة الافتعال في اللغة العربية، وتنسيقها وتبويبها، وتوصيف قواعدها انطلاقًا من كتب القدماء والمحدثين.

3- بناء ترميز لغوي حاسوبي يضبط تلك التغيرات الصوتية (المماثلة) التي تحدث في صيغة الافتعال؛ ليكون الحاسوب قادرا على فهمها، ومن ثمَّ توليد الكلمات، وتحليلها بشكل صحيح.

4- خدمة المستويين الصرفي والصوتي في اللغة العربية، بهدف اللحاق بركب التطور والتقنية الذي يعيش حالة من التسارع المطرد يوما بعد يوم.

حدود الدراسة:

اقتصرت هذه الدراسة على تسليط الضوء على ظاهرة المماثلة الصوتية في اللغة العربية في صيغة الافتعال، ووصف ما يجري في بنيتها من تغيرات صوتية، واقتراح ترميز لغوي يضبط تلك التغيرات.

مصطلحات الدراسة:

التغيرات الصوتية الصرفية: هي تغييرات صوتية سببها الصرف ترجع في أساسها إلى ظاهرة صوتية تحكمها قوانين بالغة الدقة تستهدف التجانس الصوتي بين حروف الكلمة الواحدة (حميدي، 2015، ص540).

المماثلة: ظاهرة أصواتية تنجم عن مقاربة صوت لصوت، فكلما اقترب صوت من صوت آخر، اقتراب كيفية أو مخرج، حدثت مماثلة، سواء ماثل أحدهما الآخر أو لم يماثله.

والمماثلة أنواع أبرزها:

١ ـ المماثلة الرجعية، ومعناها: أن يماثل صوت صوتاً آخر يسبقه.

٢ ـ المماثلة التقدمية، ومعناها: أن يماثل الصوت الأول الصوت الثاني.

٣ ـ المماثلة المزدوجة، ومعناها: أن يماثل صوت الصوتين اللذين يحوطانه (بالمبرج، 1984، ص141).

الدراسات اللغوية وظاهرة المماثلة:

إن الناظر في الدراسات اللغوية الحاسوبية يجد أن عددًا منها قد تناول ظاهرة التغيرات الصوتية التي تطرأ على بنية الكلمات في اللغة العربية. وفي نظرة سريعة على تلك الدراسات نجد أن بعضها قد تناول ظاهرة المماثلة بشكل مفصل، وبعضها تطرق إليها بشكل سريع عند حديثة عن حوسبة اللغة العربية، ولم يفصل القول فيها.

فتناولت (أبو فريحة، 2013) دراسة ظاهرة الإبدال الصرفي في ضوء اللسانيات الحاسوبية للغة المكتوبة، وصممت الباحثة برنامجًا حاسوبيًا يعالج الإبدال الصرفي القياسي من خلال مجموعة من الخوارزميات الحاسوبية. وتطرَّقَ (أمراني، 2007م) لدراسة المشتق في اللغة العربية؛ بهدف صياغة نظرية لسانية حاسوبية شاملة للقواعد الصرف – صوتية، تجمع بين اللسانيات الحديثة والتراث النظري عند النحويين والصرفيين القدماء، هدفها التعرف على نظام اللغة العربية، ووضع نظام شامل لسائر خصائصها، يوجه في الأساس للاستعمالات المعلوماتية. وتناول (حسنين 1993 م) طرق معالجة الأسس اللغوية التي تحدد الأفعال في نصوص اللغة العربية بالحاسب الآلي، وقدَّم تصورًا خاصًا لاشتقاق الأفعال، منطلِقًا في ذلك من مستويين دلاليين، هما: الدلالة العامة للجذر، ودلالة الصيغة، معتقدًا أن تفاعل هذين المستويين يمكن أن يؤدي إلى توليد مفاهيم متكاملة في هيئة مشتقات عربية جديدة. وفي عام 1993م حاول (الغامدي) تقديم حلولِ حاسوبية للتفريق بين الأصوات الطويلة والقصيرة في اللغة العربية، التي يمكن أن تسهم في حلِّ مشكلات التخاطب بين الإنسان والآلة. وعالج (حشيش 1993م) قواعد الإدغام، والمماثلة الصوتية، إذ قدَّم تصورًا شاملًا لبناء قواعد معلومات للثروة اللفظية العربية؛ بهدف تغطية تصريف الكلمات العربية، وتوليدها. وكان (الغامدي 1993م) من أوائل من اهتم بدراسة أصوات اللغة العربية؛ فحاول في ورقة علمية قدّمها في ندوة استخدام اللغة العربية في تقنية المعلومات تقديم حلٍّ للتفريق بين أصوات اللغة العربية الطويلة والقصيرة التي ستحل –كما يدّعي الباحث- مشكلات الحاسب الآلي في التخاطب مع الإنسان. وفي الندوة نفسها قدَّم (حشيش 1993م) ورقة علمية عالج من خلالها قواعد الإدغام والإبدال وصور الهمزة في الكتابة؛ حيث قدَّم هيكلًا لقواعد معلومات الثروة اللفظية العربية، بهدف تغطية تصريف كلمات اللغة العربية، واشتقاقها في بنيتها القياسية. وانتهت دراسة (الوعر 1992م) إلى أن تراكيب الأفعال المبنية للمجهول تتنوع في بنيتها المنجزة، غير أنها تتماثل في بنيتها العميقة. وكشفت أيضا أن هناك أنواعًا عدة للتراكيب المجهول، منها ما يخضع لمبدأ التحويل، كالتركيب المتعدي المجهول، ومنها ما يخضع لمبدأ الصرف دون تطبيق لمبدأ التحويل التشومسكي، كالتركيب اللازم النظامي المجهول، والتركيب اللازم السماعي المجهول. ودرست (الإمام والخليفة 1989 م) النبر على مستوى الكلمة العربية المعاصرة، وقدَّم الباحثان قوانين وأنظمة للنبر، واهتما بالمؤثرات، وبقياس أحجام الأصوات في نظام كلمات اللغة العربية.

 الإطار النظري:

الصوت اللغوي:

الصوت: لغة الجرس، وقال (عمر، 2008م): “صاتَ يَصوت، صُتْ، صَوْتًا وصُواتًا، فهو صائت. صاتَ الشَّخْصُ / صاتَ الشَّيءُ: صاحَ، أحدثَ صَوْتًا، صاتَ الجرسُ”…، صوْت مفرد، وجمعه أَصْوات، وهو كل ما يُسمعُ، وكلُّ نوع من الغناء. والصوْت فيزيائيًا: الأثر السَّمعي الذي تحدثه تموجات ناشئة من اهتزاز جسم ما، وهو ذبذبات تنتقل في وسط مرن أو سائل أو صلب أو غازي بترددات من 20 إلى 2000 هيرتز تقريبًا، يمكن للأذن البشرية سماعها”. (ص 1330). وقد ربط (ابن سينا، 1352هـ) الصوت بالتموج، واندفاعه بسرعة عند الانطلاق، فقال: “الصوت تموج الهواء ودفعه بقوة وسرعة من أي سبب كان”. (ص 7)

وعرَّف (ابن جني، 1985م) الصوت بأنَّه “عرض يخرج مع النفس مستطيلاً متصلا حتى يعرض له في الحلق والفم والشفتين مقاطع تثنيه عن امتداده واستطالته، فيسمى المقطع أينما عرض له حرفاً، وتختلف أجراس الحروف بحسب اختلاف مقاطعها، وإذا تفطنت لذلك وجدته على ما ذكرته لك؛ ألا ترى أنك تبتدئ الصوت من أقصى حلقك، ثم تبلغ به أي المقاطع شئت، فتجد له جَرْسًا ما، فإن انتقلت منه راجعًا منه، أو متجاوزًا له، ثم قطعت، أحسست عند ذلك صَدَىً غير الصدى الأول، وذلك نحو الكاف، فإنك إذا نطقت بها سمعت هنا صدى ما، فإذا رجعت إلى القاف سمعت غيره، وإن جُزت إلى الجيم سمعت غير ذَيْنك الأولين”. (ص 6)

يرى علماء اللغة المحدثون أن دراسة أصوات اللغات الطبيعية هي الخطوة الأولى في أي دراسة لغوية؛ “لأنها تتناول أصغر وحدات اللغة، ونعني بها الصوت الذي هو المادة الخام للكلام الإنساني، أما اللغويون العرب فلم ينظروا إلى الدراسة الصوتية هذه النظرة، ولم يعالجوا الأصوات علاجًا مستقلا، وإنما تناولوها دائما مختلطة بغيرها من البحوث”. (عمر، 1982، ص 93) إذ خصص النحاة بعض الأبواب في كتبهم النحوية لدراسة الأصوات، بل إنهم لم يقصدوها لذاتها، وإنما لغيرها، فاعتبروها تمهيدًا لدراسة ظاهرة الإدغام، والحديث عن قواعد الإعلال والإبدال. في حين تناول المعجميون بعض المشكلات الصوتية في مقدمات معجماتهم، أو في ثنايا المادة اللغوية التي جمعوها، وكان الاهتمام بدراسة الأصوات أكبر في المعجمات التي رتبها أصحابها صوتيًا كالعين؛ فتناول الخليل في مقدمة معجمه ترتيب الحروف ترتيبًا صوتيًا، وتحدث عن مخارج الأصوات بشيء من التفصيل، وعن صفات بعض الأصوات (حروف الذلاقة) وكونها أسهل من غيرها في النطق؛ ولذا تكثر في أبنية الكلام. وتحدث ابن دريد في مقدمة الجمهرة عن صفات الحروف وأجناسها ومخارجها[1]

علماء العربية القدامى وعلم الأصوات:

الأصوات هي المادة الأساسية للغات الطبيعية، لذا يُعدُّ علم الأصوات أساس الدراسات اللغوية جميعها، سواء أكانت نظرية أم تطبيقية. فصرف اللغة العربية –مثلا- لا يمكن فهمه بمعزل عن أصواتها. وعلى هذا الأساس تناولت هذه الدراسة ظاهرة من الظواهر الصوتية المهمة في تراثنا اللغوي، وهي ظاهرة المماثلة الصوتية، بأسلوب علمي تطبيقي، وُظِّفت فيه معطيات اللغويات الحاسوبية لبناء خوارزميات دقيقة تضبط قواعدها وقوانينها الصوتية.

لقد توصل العرب حقاً إلى نتائج صوتية مذهلة أيدها الصوت اللغوي الحديث في مستويات هائلة، نتيجة لعمق المفردات الصوتية التي خاض غمارها الروّاد القدامى، وقد أيد هذا التوصل اثنان من كبار العلماء الأوروبيين هما: المستشرق الألماني الكبير الدكتور براجشتراسر، والعالم الانكليزي اللغوي المعروف الأستاذ فيرث. يقول الدكتور براجشتراسر في معرض حديثه عن علم الأصوات: “لم يسبق الأوروبيين في هذا العلم إلا قومان: العرب والهنود”. ويقول الأستاذ فيرث: “إن علم الأصوات قد نما، وشبَّ في خدمة لغتين مقدستين هما: السنسكريتية والعربية” (مذكور في: الصغير، 2017م، ص33)

إن علم الأصوات قد دُرِس عند العرب ضمن موضوعات وعلوم قد لا تبدو علاقتها واضحة بالصوت، “فصلة الأصوات بالدرس النحوي لم يكن موضع عناية الجمهرة الواسعة من الباحثين، ولم يقف عنده من الدارسين إلا قلة ألمت به، أو بجانب من، ولم تُطِل، خاصة ما كتبه كمال بشر في آخر كتابه (علم اللغة العام). غير أن الدرس الصرفي وجد من المحدثين من يتحدث بصراحة عن صلته الجوهرية بالأصوات، وأن التغيرات في المعنى، والنتائج التي تنتهي عندها، إنما هي استجابة للحركة العفوية التلقائية لجهاز النطق جريًا مع مبدأ الخفة واليسر. (الجنابي، 1987م، ص 366)

لقد كان للقدماء من علماء العربية بحوث في الأصوات اللغوية شهد المحدثون الأوروبيين أنها جليلة القدر بالنسبة إلى عصورهم، وقد أرادوا بها خدمة اللغة العربية والنطق العربي، ولا سيما في الترتيل القرآني، ولقرب هؤلاء العلماء من عصور النهضة العربية، وإيصالهم بفصحاء العرب كانوا مرهفي الحسّ، دقيقي الملاحظة، فوصفوا لنا الصوت العربي وصفاً أثار دهشة المستشرقين وإعجابهم. (أنيس، 1975م، ص5)

ومن هنا فأن الأوائل من علماء العربية قد مهدوا بين يدي الأوروبيين جادة البحث المنظم في استكناه الصوت اللغوي ، وأسهموا إسهاماً حقيقياً في إرساء ركائزه الأولى، مما أتاح لهم فرصة الاستقرار المبكر لحقيقة الأصوات اللغوية، وسهل عليهم خوض الموضوع بكل تفصيلاته المضنية، وترويض جماح تعقيداته المتشعبة، مما سجل للعرب في لغة القرآن أسبقية الكشف العلمي، والتوصل إلى النتائج التي تواضعت عليها اليوم حركة الأصواتيين العالمية، بعد المرور بتجربة المعادلات الكاشفة، والأجهزة الفيزولوجية المتطورة التي أكدت صحة المعلومات الهائلة التي ابتكرها العرب في هذا الميدان. ومصطلح علم الأصوات مصطلح عربي أصيل، وعلة ذلك: النص على تسميته صراحة دون إغماض، واستعمال مدلولاته في الاصطلاح الصوتي بكل دقة عند العرب القدامى” (الصغير، 2017م، ص16). يقول (ابن جني، 1985م): “ولكن هذا القبيل من هذا العلم؛ أعني علم الأصوات والحروف، له تعلق ومشاركة للموسيقي، لما فيه من صنعة الأصوات والنغم” (ص 1/9)

لقد سبق ابن جني في كتابه سر صناعة الإعراب العلماء المحدثين في تصنيف أصوات اللغة العربية إلى صائتة (وهي حروف العلة) وصامتة، وقسَّم الصامتة إلى أسنانية وحنكية ولهوية ولثوية، وقدَّم معلومات صحيحة عن مواقعها الدقيقة في اللّسان والحنك، وقسَّمها إلى نوعين مجهورة ومهموسة.  فقال: “اعلم أن للحروف في اختلاف أجناسها انقسامات نحن نذكرها: فمن ذلك انقسامها في الجهر والهمس، وهي على ضربين: مجهور ومهموس. فالمهموس عشرة أحرف، وهي: الهاء والحاء والخاء والكاف والشين والصاد والتاء والسين والثاء والفاء…، وباقي الحروف –وهي تسعة عشر حرفًا- مجهورة” (ص1/60)

أسباب تنافر الأصوات:

التنافر الصوتي لغةً: هو “النشاز الصوتي النّاتج عن وضع حروف أو كلمات متنافرة الصَّوْتِ بعضها بجانب بعض” (عمر، 2008م، ص 1331)

كان للعلماء رأيان في أسباب تنافر الكلام:

الرأي الأول: ما ذهب إليه الخليل بن أحمد من أنَّ البعد الشديد أو القرب الشديد بين مخارج الأصوات هو سبب تنافر الأصوات في اللغة العربية، “وذلك أنه إذا بعد البعد الشديد كان بمنزلة الطفر، وإذا قرب القرب الشديد كان بمنزلة المقيد، لأنه بمنزلة رفع اللسان ورده إلى مكانه، وكلاهما صعب على اللسان، والسهولة في ذلك في الاعتدال، ولذلك وقع في الكلام الإدغام والإبدال” (الرماني، 1976ن، ص 96)

الرأي الثاني: ذهب إلى أن التنافر يكون في قرب ما بين مخارج الحروف فقط، وليس في بعدها. ويدل على صحة هذا الاعتبار، أنَّ كلمة (ألم) غير متنافرة، وهي مع ذلك مبنية من حروف متباعدة المخارج، لأن الهمزة من أقصى الحلق، والميم من الشفتين، واللام متوسطة بينهما” (ابن سنان الخفاجي، 1982م، ص 100). وعلى الرأي الأول كان يجب أن يكون هذا التآلف بين أصوات كلمة (ألم) متنافرًا؛ لأنه على غاية ما يمكن من البعد. “والإدغام والإبدال شاهدان على أن التنافر في قرب الأصوات دون بعدها، لأنهما لا يكادان يَرِدان في الكلام إلا فراراً من تقارب الحروف.

وأيَّدَ هذا الرأي ابن دريد في مقدمة الجمهرة فقال: “واعلم أن الحروف إذا تقاربت مخارجها كانت أثقل على اللسان منها إذا تباعدت؛ لأنك إذا استعملت اللسان في حروف الحلق دون حروف الفم، ودون حروف الذلاقة، كلَّفته جرسًا واحدًا وحركاتٍ مختلفة، ألا ترى أنك لو ألَّفت بين الهمزة والهاء والحاء فأمكن، لوجدت الهمزة تتحول هاءً في بعض اللغات لقربها منها، نحو قولهم: في أم والله “هم والله”، وقالوا في أراق: “هراق”، … وإذا تباعدت مخارج الحروف حسن التأليف. (ابن دريد، 1344هـ، ص9)

ويُعدُّ ابن جني (ت 392هـ) في كتابه (سر صناعة الإعراب) أول من أفرد علم الأصوات بمؤلف مستقل، وكان أول من استخدم مصطلح (علم الأصوات)، وتناول ما يعرض للصوت اللغوي في بنية الكلمة في اللغة العربية من تغيير يؤدي إلى الإعلال أو الإبدال أو الإدغام أو النقل أو الحذف. وتناول الجاحظ في كتابه البيان والتبيين نسج الكلمة العربية، وعدم اجتماع بعض الحروف مع بعض، فقال: فأما في اقتران الحروف فإن الجيم لا تقارن الظاء ولا القاف ولا الطاء ولا الغين بتقديم ولا تأخير” (ج1، ص51)

أهمية دراسة المستوى الصرفي:

لا يمكن الأخذ في دراسة لغةٍ ما أو لهجة ما دراسة علمية، ما لم تكن هذه الدراسة مبنية على وصف أصواتها وأنظمتها الصوتية” (السعران، 1997م، ص104) إذ الملاحظ أن معظم علماء اللغة كانوا يولون اهتمامهم نحو دراسة المستويات (الصرفي والنحوي والدلالي) ويهملون المستوى الصوتي. أما الآن “فقد صار من الضروري الاهتمام بالمستوى الصوتي، ومنحه حقه من الدراسة والبحث والتحليل، بل أصبح واجبًا وجوب دراسة الصرف والنحو والدلالة، إذ أنَّ السيطرة على اللغة لا تكون دون دراسة أصواتها. (بشر، 2000م، ص 577)

كما أنَّ دراسة ظاهرة المماثلة الصوتية في اللغة العربية دراسة لغوية حاسوبية –على حدّ علم الباحث- لم تُفرد بعنوان خاص لها في الدراسات الصوتية الحديثة، وإنما وردت مسائلها متفرقة في موضوع حوسبة الصرف العربي، فضلا عن أن دراسة المماثلة الصوتية الصرفية لم تنل حظها الوافر في الدراسات العربية القديمة. مما دفع الباحث إلى دراسة هذا الموضوع في ضوء ما توصلت إليه الدراسات العربية الحديثة.

المماثلة الصوتية:

هي تلك التعديلات التكيفية التي تعرض للصوت بسبب مجاورته – دون أن يكون هذا التجاور مباشرًا بالضرورة – لأصوات أخرى في السلسلة. أو هي عملية تُصبح بوساطتها الفونيمات متشابهة. أو هي عبارة عن صوت أكثر قوة يؤثر على صوت أكثر ضعفًا، فيُحيله شبيهًا به، بهدف تحقيق نوع من التوافق والانسجام بين الأصوات المتنافرة في المخارج أو الصفات. فأصوات اللغات الطبيعية تختلف فيما بينها في المخارج والصفات؛ فإذا ما التقى في الكلام صوتان من مخرج واحد، أو من مخرجين متقاربين، وكان أحدهما مجهورًا والآخر مهموسًا، أو كان أحدهما مفخمًا والآخر مرققًا، وكان في تحقيق الصفتين للصوتين المتجاورين مشقة وعسر، حدث بينهما شدٌّ وجذب؛ كل واحد منهما يُحاول أن يجذب الآخر ناحيته، ويجعله يتماثل معه في صفاته كلها، أو في بعضها. [2]

المماثلة التقدمية:

ويتحدد في كونه يُبَثُّ من الصوت الأول إلى الصوت الثاني داخل البنية الواحدة، وتقع في باب الافتعال في الحالات التالية:

الحالة الأولى: إبدال التاء دالاً وإدغام الدال في الدال، نحو: (اِدَّعَى). إذ اجتمع هنا صوت الدال، وهو صوت انفجاري مرقق مجهور، وصوت التاء، وهو صوت انفجاري مرقق مهموس، فأثرت الدال التي تتصف بالجهر، والجهر صفة قوة في التاء المهموسة، والهمس صفة ضعف، فقلبت التاء دالًا، وهي مقابلها المجهور، وأدغمت الدال في الدال. وقد علَّلَ سيبويه (ت 180هـ) هذا التغيير “إلى أن الناس كرهوا – في نطقهم مثل هذه البنى – أن يذهب جهر الدال، ويقرر سيبويه أن الصوت المهموس أخف من المجهور” (الكتاب، ص 450/4)

الحالة الثانية: إبدال التاء دالاً، نحو: (اِزْدانَ). كما يمكن إبدال الدال زايًا، وإدغام الزاي في الزاي، نحو (مًزَّان). فاجتمع هنا صوتان، الأول صوت الزاي، وهو صوت احتكاكي مرقق مجهور، والآخر صوت التاء، وهو صوت انفجاري مرقق مهموس، فأثرت الزاي التي تتصف بالجهر، والجهر صفة قوة في التاء المهموسة، والهمس صفة ضعف، فقلبت التاء دالًا، وهي مقابلها المجهور، فيتحقق بذلك نوع من التماثل الصوتي بين الصوتين المتجاورين، هروبًا من التنافر الحاصل عند اجتماع الزاي والتاء. يقول سيبويه: “الزاي تبدل لها مكان التاء دالا، وذلك قولهم: مزدان في مزتان، لأنه ليس شيء أشبه بالزاي من موضعها من الدال، وهي مجهورة مثلها” (الكتاب، ص468/4)

كما يمكن أن تُقلب الدال (الناتجة عن تحول التاء) زايًا، ثم يُدغم الصوتان المتماثلان: مزدان – مزْزان – مُزَّان. ويعود السبب في إمكان هذا النسق الصوتي الجديد إلى أن صوت الزاي على الرغم من تماثله مع الصوت المجاور له، وهو صوت الدال في صفة الجهر، يتسم بصفة الصفير، وهي صفة قوة له على غيره من الأصوات، مما يؤدي إلى تأثيره فيها وتغلبه عليها. (النوري، 2018م، ص153)

الحالة الثالثة: إبدال التاء دالًا، وإدغام الذال في الدال -قياسًا-، نحو (اِدَّكَرَ)، أو الدال في الذال -خلافا للقياس، نحو (اِذَّكَرَ). جاءت الذال والتاء هنا متجاورتين، فقلبت التاء المهموسة إلى مقابلها المجهور وهو صوت الدال؛ لتحقيق تماثل الصوتين المتجاورين في صفة الجهر، وهما الذال والدال، كما في اذتكر تصبح اذدكر، غير أن هذا النسق في بنية الكلمة (وإن كان قياسيا) فهو غير جائز لأن كل صوت من الاثنين يدغم في صاحبه إذا اجتمعا في كلمة واحدة. فتُدغم الذال في الدال قياسا[3]، فنقول (ادَّكَرَ)[4]. ويجوز أن يُدغم الآخر في الأول خلافًا للقياس فنقول (اِذَّكَرَ). يقول سيبويه: “وكذلك تبدل الذال من مكان التاء أشبه الحروف بها؛ لأنهما إذا كانا في حرف واحد لزم أن لا يبيّنا إذ كانا يدغمان منفصلين فكرهوا هذا الإجحاف، وليكون الإدغام في حرف مثله في الجهر وذلك قولك: مدّكر كقولك: مطّلم، ومن قال: مظّعن قال: مذّكر” (الكتاب، ص 469/4). ويظهر لنا من هذا النسق الجديد في بناء الكلمة أنه يستند على عنصر قوة يتمثل في صفة الجهر الذي يتصف به الصوتان (الذال والدال)، والذي كان سيُفقد مع النسق الأصلي لبنية الكلمة (اِذتَكَرَ) بسبب اختلاف صفة الصوتين المتجاورين؛ فالتاء مهموس والذال مجهور. (النوري، 2018م، ص155-156)

الحالة الرابعة: إبدال التاء طاءً، وإدغام الطاء في الطاء، نحو (اِطَّلَعَ). اجتمع هنا صوتا الطاء والتاء، فقلبتِ التاء طاءً، ثم جرت عملية الإدغام بين الصوتين المتماثلين. مثل: اطتلع- اططلع – اطّلع. حيث تأثرت التاء المرققة بالطاء المفخمة تأثرا تقدميًّا، فقلبت طاءً بهدف تحقيق التماثل الصوتي بين الصوتين في صفة التفخيم الذي يُعد صفة قوة للصوت تميزه عن غيره من الأصوات غير المفخمة. ذهب سيبويه إلى أن “الصوت المفخّم (وقد أسماه المطبق) أفشى في السمع” (الكتاب، ص 460/4) وبهذا القانون الصوتي يكون سيبويه قد سبق علماء اللغة المحدثين في الحديث عن (قانون تأثير صفة القوة في الأصوات) وهذه الصفة (التفخيم) تمنح الصوت قوة للتأثير في غيره من الأصوات، وجذبه إليه. (مذكور في: النوري، 2018م، ص157)

الحالة الخامسة: إبدال التاء طاءً، نحو (اِصْطَبَرَ). كما يمكن إبدال الطاء صادًا وإدغام الصاد في الصاد، نحو (اِصَّبَرَ). اجتمع هنا صوتا الصاد والتاء، فتأثرت التاء المرققة بالصاد المفخمة (والتفخيم أو الإطباق صفة قوة)، فقُلبت التاء إلى مقابلها المفخم وهو الطاء، فتحقق نوع من الانسجام الصوتي في الصفة بين صوتي الصاد والطاء، (اصتبر- اصطبر). يقول سيبويه: “وقالوا في مفتعل من صبرت: مصطبر، أرادوا التخفيف حين تقاربا ولم يكن بينهما إلا قرب الحرف، وصارا في حرف واحد (يعني كلمة واحدة) ولم يجز إدخال الصاد فيهما، فأبدلوا مكانها (أي التاء) أشبه الحروف بالصاد (فاء الافتعال) وهي الطاء؛ ليستعملوا ألسنتهم في ضرب واحد من الحروف…) (الكتاب، ص 467/4).

كما يمكن أن تقلب الطاء التي نتجت عن تحول التاء – كما ذكرنا سابقًا- إلى صاد وتُدغم في الصاد (فاء الافتعال) كما في: اصطبر – اصصبر – اصّبر. يقول سيبويه عن سبب إمكان هذا النسق الصوتي: “وأراد بعضهم الإدغام حيث اجتمعت الصاد والطاء، فلما امتنعت الصاد أن تدخل في الطاء قلبوا الطاء صادا فقالوا: مصَّبّر” (الكتاب، ص467/4)، ويتسم صوت الصاد بصفة الصفير، وهي صفة قوة له على غيره من الأصوات، مما يؤدي إلى تأثيره فيها وتغلبه عليها. (النوري، 2018م، ص159-160)

الحالة السادسة: إبدال التاء طاءً، نحو (مُظْطَلِم). كما يمكن إدغام الظاء في الطاء، نحو (مُطَّلِم) وإدغام الطاء في الظاء، نحو _مُظَّلِم). اجتمعت الظاء والتاء فتأثرت التاء المرققة بالظاء المفخمة، فقلبت طاء (وهي مقابلها المفخّم) فحدث نوع من التماثل الصوتي (تماثل جزئي) في صفة الصوتين، مثل: مظتلم – مظطلم. ونعني بالتماثل الجزئي: عندما يتماثل صوتان متجاوران في بنية واحدة في بعض الملامح دون غيرها. ففي (مظطلم) تماثل صوتا (الضاء والطاء) في صفة التفخيم الناتج عن الإطباق، وتخالفا في المخرج والاحتكاك والانفجار. يقول سيبويه: “فلما صارا – يعني صوتي الظاء والتاء – في حرف واحد (كلمة واحدة) ازدادا ثقلا، إذا كانا يُستثقلان منفصلين، فألزموهما ما ألزموا الصاد والتاء، فأبدلوا مكانها – يقصد التاء – أشبه الحروف بالظاء وهي الطاء، ليكون العمل من وجه واحد” (الكتاب، ص 468/4).

كما يمكن أن تُدغم الطاء المنقلبة عن التاء في الظاء، خلافا للأصل في الإدغام؛ لجواز إدغام الطاء في الظاء، مثل مظطلم – مظَّلِم، يقول سيبويه: “الأصل في الإدغام أن يتبع الأول الآخر… ولم يجعلوا الأصل أن ينقلب الآخر فتجعله من موضع الأول” (الكتاب، ص 469/4). ويمكن أن تُدغم الظاء في الطاء المنقلبة عن التاء – كما ذكرنا سابقا – لجواز إدغام الظاء في الطاء، مثل: مظطلم – مطَّلِم.. (النوري، 2018م، ص161-162)

الحالة السابعة: إبدال التاء طاءً، نحو (اِضْطَجَعَ). كما يمكن إدغام الطاء في الضاد، نحو (اِضَّجَعَ) وإدغام الضاد في الطاء، نحو _اِطَّجَعَ). اجتمعت الضاد والتاء فتأثرت التاء المهموسة بالضاد المفخمة المجهورة، فقُلبت التاء طاءً – الطاء هي المقابل المفخم للتاء – فحدث تماثل صوتي في صفة الصوتين، مثل: اضتجع – اضطجع.

كما يمكن أن تدغم الطاء التي أصلها تاء الافتعال في الضاد خلافا للأصل -الأصل إدغام الأول في الآخر – مثل: اضطجع – اضّجَع. ويمكن تفسير ما حدث بأن الضاد صوت مفخّم مستطيل، وهذه صفات قوة تميزها، وتمكنها من التأثير في غيرها من الأصوات. كما يمكن أن تُدغم الضاد في الطاء على الأصل في الإدغام، نحو: اضطجع – اطَّجَعَ، لاشتراكهما في صفة التفخيم، وتقاربهما في المخرج. (النوري، 2018م، ص163-164)

الحالة الثامنة: إبدال التاء سينًا، وإدغام السين في السين، نحو (مُسَّمِع). اجتمعت الثاء والتاء فتأثرت التاء بصوت الثاء حيث يشتركان بصفة الهمس، وتتميز السين بصفة الصفير، وهي صفة قوة مما يُجيز إدغام التاء في السين على غير الأصل في قاعدة الإدغام، نحو: مستمع – مسسَمِع – مُسَّمِع. وذلك لامتناع إدغام أحرف الصفير في التاء، يقول سيبويه: “وتقول في مستمع مسَّمِع فتدغم لأنهما مهموسان ولا سبيل إلى أن تدغم السين في التاء، فإن أدغمت قلت مسَّمع…” (الكتاب، ص468/4)

الحالة التاسعة: إدغام تاء فاء الكلمة في تاء الافتعال، نحو (اِتَّهَمَ). اجتمعت تاء فاء الكلمة وتاء الافتعال، فأُدغم الحرف الأولى في الآخر.

المماثلة الرجعية:

وهو الذي يُبثُّ من الصوت الثاني إلى الصوت الأول.

الحالة العاشرة: يرى علماء اللغة الأقدمون أن فاء (افتعل) تبدل قياسًا تاء وتُدغم في تاء الافتعال إذا كانت واوًا أو ياءً. فأصل: اتَّعَدَ هو: اوْتَعَدَ، وأصل: اِتَّسَرَ هو: اِيْتَسَرَ؛ وذلك لانعدام الانسجام الصوتي بين صوتي الواو والياء المجهورتين، وصوت التاء المهموسة، إذ أنَّ تواليهما في تلك الصيغة يُحدث ثقلًا واضحا يقتضي ذلك التغيير.[5] وقد سمّاها ابن جني الإدغام الأصغر. والسبب في حصولها يعود إلى أن الواو أو الياء نصفا حركة يتصفان بالقصر وقلة الوضوح السمعي إذا قيسا بالحركات الصرفة لهذا يلحقان بالصوامت الاحتكاكية، وإن كان الاحتكاك فيهما قليلا أكثر مما يلحقان بالحركات، ولوقوعهما في نهاية مقطع ساكنين نظرًا لاستثقال الحركات فيهما ازداد بالسكون ضعفهما، ولأنَّ من شأن الحركة أن تقوّي الحرف وتحصنه فقد وقع هذان الصوتان الساكنان المتسمان بالقصر وقلة الوضوح السمعي تحت تأثير صوت التاء الانفجارية التي تُعدّ صفة قوة في الصوت المتسم به بالقياس إلى ملمح الاحتكاك، وعلى هذا فقد أثر صوت التاء الانفجاري المتحرك في الواو أو التاء وقلبهما إلى حرف من جنسه.

غير أن الواقع الصرفي الصوتي لا يُجيز الإبدال أو المماثلة بين الصوتين المتجاورين إلا إذا تقاربا في المخرج أو اتحدا أو كانا من مجموعة واحدة من الصوامت أو الحركات؛ فلا يجوز القول بإبدال الواو أو الياء تاء، وقلبهما بسبب بعد ما بين الواو والياء من جهة والتاء من جهة أخرى، فالواو والياء صوتان انطلاقيان مجهوران (نصفا حركة) والتاء صوت لثوي انفجاري مهموس (من الصوامت) ومن حيث المخرج فالواو طبقية، والياء غارية والتاء أسنانية لثوية، فهما (الواو والياء من جهة والتاء من جهة أخرى) مختلفتان صفة ومخرجا، ولا يصح الإبدال بينهما، لذا فإنَّ ذلك ليس من باب الإبدال، بل هو من باب الحذف والتعويض الموقعي؛ فقد حُذفت الواو والياء لاستثقالهما في هذا الموقع، وجرى التعويض عنهما بتكرار التاء النبرية فالتاء هنا وسيلة لتحقيق الإيقاع اللازم لصيغة الافتعال لا غير. (العلواني، 2010م، ص 128-130)

الحالة الحادية عشرة: حذف همزة فاء الكلمة وتعويضها تاءً، وإدغامها في تاء الافتعال. وقد انقسم الدارسون المحدثون في أصل (اِتَّخَذَ) -بناءً على رأي الأقدمين- على قسمين، هما:

الأول: يرى أن أصل (اِتَّخَذَ) من (تَخِذَ)، وأن وزنها (افتعل) على الأصل، ولا إبدال فيها، مثل (اِتَّهَمَ) من (تَهِمَ).[6] ويؤيد الباحث هذا الرأي، ويبني ترميزه الحاسوبي بناء عليه. إذ يخرج من التماثل التقدمي إلى الرجعي.

الثاني: يرى أنه مشتق من (أخَذَ)، وأنَّ الهمزة أُدغمت في تاء (اِفْتَعَلَ)، وهناك من يرى أن التاء الإضافية ليست همزة (أخَذَ) وأن ما حدث هو حذف وتعويض، إذ أُسقطت الهمزة، وضُعِّفت التاء بعامل الميل للمحافظة على التركيب المقطعي للكلمة. وهناك من يرى أن همزة (أَخَذَ) في (اِئتَخَذَ) قد حُذفت وعُوِّضَ عنها بمد كسرة همزة الوصل (همزة اِفتَعَل)، فيُصبح الفعل (اِيْتَخذَ) ثمَّ تُقَصَّرَ حركة المقطع الأول، ويُعَوَّض عن الجزء المحذوف بتشديد تاء (اِفْتَعَلَ) فنحصل على (اِتَّخَذَ).

 الإطار العملي:

منهج الدراسة:

وقد تباين المنهج الذي استخدمه الباحث وتغيَّر حسب طبيعة المحور الذي تطرق إليه في دراسته؛ فاستعمل المنهج الوصفي عند حديثه عن قواعد ظاهرة المماثلة وقوانينها الصوتية؛ لأنها تتطلب وصفًا دقيقًا لها، وتفسيرا لما ألمَّ بها من تغييرات صوتية، كما استعمل الباحث المنهج التحليلي لتتبع تلك القوانين الصوتية، مع محاولة الإحاطة بآراء علماء اللغة القدماء والمحدثين، ومن ثمَّ توصيفها وترميزها؛ ليكون تمثيلها ممكنًا للحاسوب.

وقد اعتمد الباحث في الإطار الوصفي للدراسة على عدد من كتب الأصوات والصرف القديمة والحديثة، من أهمها: سر صناعة الإعراب لابن جني، شذا العرف في فن الصرف للحملاوي، والتصريف العربي من خلال علم الأصوات الحديث للطيّب البكوش، والمنهج الصوتي للبنية العربية رؤية جديدة في الصرف العربي لعبدالصبور شاهين.

خطوات ترميز ظاهرة المماثلة الصوتية:

تبدأ عملية بناء ترميز لغوي لمعالجة التغيرات الصوتية حاسوبيًا، بتخزين القواعد والقوانين الصوتية الموجودة في عقل ابن اللغة؛ بهدف الوصول بالحاسوب إلى كفاية لغوية أشبه ما تكون بكفاية الناطق باللغة، فالحاسوب آلة تتطلب توصيفًا دقيقًا لجزئيات الكلمات، مع الإحاطة التامة بالتغيرات التي تحدث لبنيتها عند اشتقاقها أو إسنادها؛ ويكون ذلك عن طريق “عرض منهجي قادر على استقراء القواعد والقوانين الصرفية، والصوتية الصرفية” (الموسى، 2001م، ص61). -انظر الإطار النظري-

إنَّ قياس نجاحنا في معالجة التغيرات الصوتية حاسوبيًا “مرتهن بدقة التعامل مع المواد اللغوية، واختزالها إلى تجريدات رياضية، باستخدام قوانين تضبط المخرجات، وتُحَيِّدُ الحدس تمامًا، ويقتضي الأمر استخدام كل قانون بطريقة الخطوات الإجرائية، دون تدخل العقل البشري” (الشريدة، 2009م، ص9).

ترميز الحالة الأولى:

المقطع قبل المعالجة المقطع بعد المعالجة مثال ملحوظات
د+ــْــ+ت د+ــّــ اِدَّخَنَ  

أُبدِلتْ التاء دالاً، وأُدغِمتْ الدال بالدال، وكذلك الحال بالنسبة لبقية الجذور التي تبدأ بحرف الدال.

ترميز الحالة الثانية:

بنية الكلمة القياسية بنية الكلمة المنجزة (المرحلة الأولى) بنية الكلمة المنجزة (المرحلة الأخيرة) مثال
ا+ــِــ+ز+ــْــ+ت+ــَــ+ج+ــَــ+ر ا+ــِــ+ز+ــْــ+د+ــَــ+ج+ــَــ+ر ا+ــِــ+ز+ــْــ+د+ــَــ+ج+ــَــ+ر اِزْدَجَرَ
ا+ــِــ+ز+ــْــ+ت+ــَــ+ه+ــَــ+ى ا+ــِــ+ز+ــْــ+د+ــَــ+ه+ــَــ+ى ا+ــِــ+ز+ــّــ+ــَــ+ه+ــَــ+ى اِزَّهَى

أُبدِلتْ التاء دالاً، وكذلك الحال بالنسبة لبقية الجذور التي تبدأ بحرف الزاي. كما يجوز إبدال الدال المنقلبة عن تاء الافتعال زايًا، وإدغام الزاي بالزاي في جذور محددة.

ترميز الحالة الثالثة:

بنية الكلمة القياسية بنية الكلمة المنجزة (المرحلة الأولى) بنية الكلمة المنجزة (المرحلة الأخيرة) مثال
ا+ــِــ+ذ+ــْــ+ت+ــَــ+ك+ــَــ+ر ا+ــِــ+ذ+ــْــ+ذ+ــَــ+ك+ــَــ+ر ا+ــِــ+ذ+ــّــ+ــَــ+ك+ــَــ+ر اِذَّكَرَ
ا+ــِــ+ذ+ــْــ+ت+ــَــ+ك+ــَــ+ر ا+ــِــ+ذ+ــْــ+د+ــَــ+ك+ــَــ+ر ا+ــِــ+د+ــّــ+ــَــ+ك+ــَــ+ر اِدَّكَرَ

أُبدِلتْ التاء دالاً وأُدغِمتْ الدال بالذال، فصار (اِذَّكَرَ)، كما يجوز إدغام الذال بالدال، فيصبح الفعل (اِدَّكَرَ) وكذلك الحال بالنسبة لبقية الجذور التي تبدأ بحرف الذال.

ترميز الحالة الرابعة:

بنية الكلمة القياسية بنية الكلمة المنجزة (المرحلة الأولى) بنية الكلمة المنجزة (المرحلة الأخيرة) مثال
ا+ــِــ+ط+ــْــ+ت+ــَــ+ر+ــَــ+ق ا+ــِــ+ط+ــْــ+ط+ــَــ+ر+ــَــ+ق ا+ــِــ+ط+ــّــ+ــَــ+ر+ــَــ+ق اِطَّرَقَ

أُبدِلتْ التاء طاءً وأُدغِمتْ الطاء بالطاء، وكذلك الحال بالنسبة لبقية الجذور التي تبدأ بحرف الطاء.

ترميز الحالة الخامسة:

بنية الكلمة القياسية بنية الكلمة المنجزة (المرحلة الأولى) بنية الكلمة المنجزة (المرحلة الأخيرة) مثال
ا+ــِــ+ص+ــْــ+ت+ــَــ+ب+ــَــ+ر ا+ــِــ+ص+ــْــ+ط+ــَــ+ب+ــَــ+ر اِصْطَبَرَ
ا+ــِــ+ص+ــْــ+ت+ــَــ+ب+ــَــ+ر ا+ــِــ+ص+ــْــ+ط+ــَــ+ب+ــَــ+ر ا+ــِــ+ص+ــّــ+ــَــ+ب+ــَــ+ر اِصَّبَرَ

أُبدِلتْ التاء طاءً، وكذلك الحال بالنسبة لبقية الجذور التي تبدأ بحرف الصاد. كما يجوز في جذور معينة قلب الطاء المنقلبة عن التاء صادً، وإدغام الصاد بالصاد. وهي (ص ب ر، ص ل ح، ص ي ف)

ترميز الحالة السادسة:

بنية الكلمة القياسية بنية الكلمة المنجزة (المرحلة الأولى) بنية الكلمة المنجزة (المرحلة الأخيرة) مثال
ا+ــِــ+ظ+ــْــ+ت+ــَــ+ل+ــَــ+م ا+ــِــ+ظ+ــْــ+ط+ــَــ+ل+ــَــ+م اِظْطَلَمَ
ا+ــِــ+ظ+ــْــ+ت+ــَــ+ل+ــَــ+م ا+ــِــ+ظ+ــْــ+ط+ــَــ+ل+ــَــ+م ا+ــِــ+ظ+ـّــ+ــَــ+ل+ــَــ+م اِظَّلَمَ
ا+ــِــ+ظ+ــْــ+ت+ــَــ+ل+ــَــ+م ا+ــِــ+ظ+ــْــ+ط+ــَــ+ل+ــَــ+م ا+ــِــ+ط+ـّــ+ــَــ+ل+ــَــ+م اِطَّلَمَ

أُبدِلتِ التاء طاءً، كما يجوز إدغام الطاء بالظاء، وإدغام الظاء بالطاء.

ترميز الحالة السابعة:

بنية الكلمة القياسية بنية الكلمة المنجزة (المرحلة الأولى) بنية الكلمة المنجزة (المرحلة الأخيرة) مثال
ا+ــِــ+ض+ــْــ+ت+ــَــ+ر+ــَــ+ب ا+ــِــ+ض+ــْــ+ط+ــَــ+ر+ــَــ+ب اِضْطَرَبَ
ا+ــِــ+ض+ــْــ+ت+ــَــ+ج+ــَــ+ع ا+ــِــ+ض+ــْــ+ط+ــَــ+ج+ــَــ+ع ا+ــِــ+ض+ـّــ+ــَــ+ج+ــَــ+ع اِضَّجَعَ
ا+ــِــ+ض+ــْــ+ت+ــَــ+ج+ــَــ+ع ا+ــِــ+ض+ــْــ+ط+ــَــ+ج+ــَــ+ع ا+ــِــ+ط+ـّــ+ــَــ+ج+ــَــ+ع اِطَّجَعَ

أُبدِلتْ التاء طاءً، وكذلك الحال بالنسبة لبقية الجذور التي تبدأ بحرف الضاد. كما يجوز إدغام الطاء بالضاد، ويجوز أيضًا إدغام الطاء بالضاد.

ترميز الحالة الثامنة:

بنية الكلمة القياسية بنية الكلمة المنجزة (المرحلة الأولى) بنية الكلمة المنجزة (المرحلة الأخيرة) مثال
م+ــُــ+س+ــْــ+ت+ــَــ+م+ــِــ+ع م+ــُــ+س+ــْــ+س+ــَــ+م+ــِــ+ع م+ــُــ+س+ــّــ+ــَــ+م+ــِــ+ع مُسَّمِع

يجوز هنا إبدال التاء سينًا وإدغام السين بالسين، وكذلك الحال بالنسبة لبقية الجذور التي تبدأ بحرف السين.

ترميز الحالة التاسعة والحادية عشرة:

بنية الكلمة القياسية بنية الكلمة المنجزة (المرحلة الأولى) بنية الكلمة المنجزة (المرحلة الأخيرة) مثال
ا+ــِــ+ت+ــْــ+ت+ــَــ+ه+ــَــ+م ا+ــِــ+ت+ــّـ+ــَــ+ه+ــَــ+م اِتَّهَمَ

أُدغِمتْ التاء بالتاء، وكذلك الحال بالنسبة لبقية الجذور التي تبدأ بحرف التاء.

ترميز الحالة العاشرة:

بنية الكلمة القياسية بنية الكلمة المنجزة (المرحلة الأولى) بنية الكلمة المنجزة (المرحلة الأخيرة) مثال
ا+ــِــ+و+ــْــ+ت+ــَــ+ض+ــَــ+ح ا+ــِــ+ت+ــْــ+ت+ــَــ+ض+ــَــ+ح ا+ــِــ+ت+ــّــ+ــَــ+ض+ــَــ+ح اِتَّضَحَ
ا+ــِــ+ي+ــْــ+ت+ــَــ+س+ــَــ+ر ا+ــِــ+ت+ــْــ+ت+ــَــ+س+ــَــ+ر ا+ــِــ+ت+ــّــ+ــَــ+س+ــَــ+ر اِتَّسَرَ

حُذِفَت الواو والياء، وجرى التعويض عنهما بتكرار التاء، ثم أُدغمت التاء بالتاء، وكذلك الحال بالنسبة لبقية الجذور التي تبدأ بحرفي الواو والياء.

النتائج والتوصيات:

1- سعت الدراسة إلى تقديم معرفة لغوية حاسوبية تطبيقية دقيقة عن ظاهرة المماثلة الصوتية في اللغة العربية، بهدف الكشف عن قواعد لغوية كلية تساعد في معالجة اللغة العربية حاسوبيًا. واقتصرت الدراسة على التغيرات الصوتية التي تحدث في صيغة الافتعال.

2- قدَّمتْ هذه الدراسة مجموعة من الترميزات اللغوية، التي تضبط التغيرات الصوتية التي تطرأ على صيغة الافتعال في اللغة العربية.

2- عالجت الدراسة تلك التغيرات الصوتية التي تحوِّلُ الكلمات من صورتها الأصلية إلى صورتها المنطوقة.

3- أكَّدَتْ الدراسة أنَّ بعض التغيرات الصوتية التي تحدث في بنية الكلمات هي من اختصاص علم الأصوات، ولا شأن لعلم الصرف بها.

5- قَدَّمَتْ الدراسة نموذجًا يصلح أنْ يكون أساسًا لمعالجة التغيرات الصوتية في كلمات اللغة العربية، وتراكيبها.

6- أَكَّدتْ الدراسة أنَّ ظاهرة المماثلة في اللغة العربية تُمثِّلُ أهم عمليات التعديل (الصرفية الصوتية) وهي بحاجة إلى إعادة نظر، للتفريق بين التغيرات ذات الطبيعة الصوتية، والتغيرات التي تخضع للقوانين الصرفية.

7- يقترح الباحث إجراء دراسات، وبحوث مماثلة؛ لمعالجة ظاهرة المماثلة الصوتية في الصيغ الصرفية المختلفة.

 المراجع:

إبراهيم أنيس، الأصوات اللغوية، مطبعة الأنجلو المصرية، ط5، 1975م.
ابن جني، سر صناعة الاعراب، تحقيق: حسن هنداوي، دار القلم – دمشق، ط1، 1985 م.
ابن سينا أبو علي الحسين بن عبدالله (ت: ٤٢٨ هـ) أسباب حدوث الحروف القاهرة، ١٣٥٢ هـ..
أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد، جمهرة اللغة، مطبعة مجلس دائرة المعارف، حيدر آباد، ط1، 1344ه.
أبو محمد عبدالله بن محمد بن سعيد بن سنان الخفاجي، سر الفصاحة، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط1، 1982م.
أحمد محمد قدورة، مبادئ اللسانيات، دار الفكر، دمشق، ط 3، 2008م.
أحمد مختار عمر، البحث اللغوي عند العرب مع دراسة لقضية التأثر والتأثير، عالم الكتب، القاهرة، ط4، 1982م.
أحمد مختار عمر، معجم اللغة العربية المعاصرة، المجلد الثاني، عالم الكتب، القاهرة، ط1، 2008م.
أَسيل عبد الحسين حميدي، التغيرات الصوتية الصرفية، مجلة كلية التربية الأساسية للعلوم التربوية والإنسانية، جامعة بابل، ع 22، 2015م.
إلهام عبدالله سليمان أبو فريحة، دراسة الإبدال الصرفي في ضوء اللسانيات الحاسوبية، جامعة العلوم الإسلامية العالمية، عمّان، رسالة دكتوراه غير منشورة، 2013م.
برتيل مالمبرج، علم الأصوات، تع: عبد الصبور شاهين، مكتبة الشباب، القاهرة – مصر، 1984م
دافيد كريستال، التعريف بعلم اللغة، تر: حلمي خليل، دار المعرفة الجامعية، ط2، 1999م.
سيبويه، أبو بشر عمرو بن عثمان، الكتاب، تح: عبد السلام هارون، عالم الكتب، بيروت، ط 1، 1985م.
صفا شريف الشريدة، برمجة أسماء الفاعلين والمفعولين حاسوبياً، رسالة دكتوراه، كلية الآداب – جامعة اليرموك، 2009م.
صلاح الدين صالح حسنين، الفعل العربي، وطرق معالجته بالحاسب الآلي (الأسس اللغوية) السجل العلمي لندوة استخدام اللغة العربية في تقنية المعلومات، مكتبة الملك عبد العزيز العامة، الرياض، 1993م، ص287-297.
طارق عبد عون الجنابي، قضايا صوتية في النحو العربي، مجلة المجمع العلمي العراقي، المجلد ٣٨، الجزء ٢ـ ٣، مطبعة المجمع العلمي، بغداد، ١٩٨٧ م.
عبد الرحمن جلال الدين السيوطي، المزهر في علوم اللغة وأنواعها، تح: محمد جاد المولى بك وآخرين، المكتبة العصرية، بيروت، د ط، 1986م.
عبد الصبور شاهين، المنهج الصوتي للبنية العربية، رؤية جديدة في الصرف العربي، مؤسسة الرسالة، بيروت، د ط، 1980م.
عبد القادر عبد الجليل، علم الصرف الصوتي، دار أزمنة، عمان الأردن، د ط، 1998م.
عبدالله أمين، الاشتقاق، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط2، 2000م.
علي بن عيسى الرماني (ت: ٣٨٦ هـ) النكت في إعجاز القرآن ضمن ثلاث رسائل في أعجاز القرآن، تح: محمد خلف الله ومحمد زغلول سلام، دار المعارف بمصر، القاهرة، ١٩٧٦ م.
عمرو بن بحر الجاحظ، البيان والتبيين، مكتبة الهلال، بيروت، ط1، 1988م
فاطمة الخليفة، ويوسف الإمام، دراسة مقارنة للنبر في اللغة العربية المعاصرة بمساعدة الكمبيوتر، المجلة العربية للعلوم الإنسانية، المجلد الأول، جامعة الكويت، الكويت، 1989م.
كمال بشر، علم الأصوات، دار غريب، 2000م، د ط، القاهرة
مازن الوعر، التوليد النحوي والدلالي والصوتي لصيغ المبني للمجهول في اللغة العربية (معالجة لسانية حاسوبية) مكتب تنسيق التعريب بالرباط التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (بجامعة الدول العربية)، مجلة اللسان العربي 1992م.
 محمد بن عبدالله ابن مالك الطائي (ت 672هـ)، تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد، تح: محمد كامل بركات، دار الكتاب العربي، د ط، 1967م
محمد بن عبدالله ابن مالك الطائي (ت 672هـ)، شرح الكافية الشافية، تح: عبدالمنعم أحمد هريدي، جامعة أم القرى، مكة المكرمة، ط 1، 1982م.
محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري (ت711)، لسان العرب، دار صادر، بيروت، ط 3، 1414هـ
محمد جواد النوري، دراسات صوتية وصوتية صرفية في اللغة العربية، دار الكتب العلمية، ط 1، 2018م.
محمد جواد النوري، من العوامل الصوتية في تشكل البنية العربية، مجلة البلقاء للبحوث والدراسات، العدد 1، المجلد 2، جامعة عمان الأهلية، عمان، الأردن، 1992م.
محمد حسين علي الصغير، الصوت اللغوي في القرآن، دار المؤرخ العربي، بيروت، لبنان، 2017 م
محمد عبد المنعم حشيش، معالجة اللغة العربية بالحاسوب، السجل العلمي لندوة استخدام اللغة العربية في تقنية المعلومات، مكتبة الملك عبد العزيز العامة، الرياض، 1993م.
محمود السعران، علم اللغة، دار الفكر العربي، القاهرة، ط 2، 1997م.
ممدوح محمد خسارة، معجم الإبدال اللغوي من لسان العرب (الأفعال)، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق، ط1، 2018م.
منصور محمد الغامدي، الإدراك الآلي للتضعيف في العربية، السجل العلمي لندوة استخدام اللغة العربية في تقنية المعلومات، مكتبة الملك عبد العزيز العامة، الرياض، 1993م.
نبيل علي، اللغة العربية والحاسوب (دراسة بحثية)، تعريب، د ط، 1988م
نجية عبابو، التحليل الصوتي والدلالي للغة الخطاب في شعر المدح -ابن سحنون الراشدي نموذجا، ماجستير غير منشورة، جامعة حسيبة بن بو علي، الجزائر، 2008م.
نسرين عبدالله العلواني، الإبدال الصرفي الصوتي في صيغة افتعل في مجمع البيان دراسة في منهج الصرف العربي، مجلة اللغة العربية وآدابها، العدد 9، جامعة الكوفة، 2010م، 121-146
نهاد الموسى، العربية نحو توصيف جديد في ضوء اللسانيات الحاسوبية، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ط1، 2001م

 [1] انظر جمهرة اللغة، ص 2-9

[2] يُنظر: من العوامل الصوتية في تشكل البنية العربية، 75-76).

[3] والقياس في الإدغام أن يدغم الصوت الأول في الصوت الآخر، فيُصبح مثله.

[4] ويكون تماثلًا رجعيًا.

[5] انظر سيبويه، 4/239.

[6] تبنى هذا الرأي عبد الصبور شاهين عند ترجمته لكتاب (علم الأصوات) لبرتيل مالمبرج.

0 Reviews

Write a Review

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى